أزمة مياه حادة في البقاع… والأهالي مهددون بالعطش!

راما الجراح

البقاع العائم على بحر من المياه الجوفية لا يستطيع حماية قُراه في البقاعين الغربي والأوسط من إنقطاع المياه بسبب أزمة التيار الكهربائي من جهة، وعدم إلتزام المواطنين بالجباية من جهة أخرى. ويمكن القول إن هناك العديد من الظروف غير المؤاتية أدت إلى تدني كميات المياه المتاحة في البقاع حتى أصبحت تشكل عبئاً زائداً على المشكلة، منها التغير المناخي، تناقص المتساقطات، النزوح السوري، تطور الحياة الذي أدى إلى ارتفاع وتيرة استهلاك المياه بصورة تصاعدية، وتلوث مصادر المياه السطحية والجوفية والحفر العشوائي للآبار التي استنزفت المياه الجوفية.

بعدما كانت غالبية قرى البقاعين الغربي والأوسط مقطوعة من المياه الأسبوع الماضي بصورة كاملة، عادت المحطات لتضخ المياه إلى عدد من القرى من معمل عبد العال فتحسن الأمور مؤقتاً، كما أكد المعنيين حول هذا الملف. وما يزيد الوضع سوءاً أن “نقلة” صهاريج المياه اليوم أصبحت تكلفتها مضاعفة وتساوي عند كثير من العائلات الراتب الشهري لرب الأسرة، ما يهدد حياتها بالعطش، فثمن ١٠ براميل من المياه أصبح ٥٠٠ ألف ليرة في القرى، وضعفها في المدن.

ولفهم عمق المشكلة وما ينتظر أهل البقاع في الأيام المقبلة، أوضح عضو مجلس إدارة مؤسسة مياه البقاع غسان جراح أن “مشكلة المياه في البقاع معتمدة بصورة مباشرة على الكهرباء، والأزمة الحقيقية تكمن في عدم وجود إنتاج من كهرباء لبنان، واليوم تستفيد منطقتنا من الكهرباء من محطة مركبا، والمعامل حتى تزودنا بـ ٤٤ ميغاواط تحتاج إلى ٦٠٠ ألف متر مكعب، وهنا بحيرة القرعون (نشّفت) وحتى الآن لم نشهد تساقطاً كافياً للأمطار، ومن الطبيعي أن تنخفض نسبة الانتاج. لذلك، نذهب إلى التقنين مُجبرين، ويمكننا القول إن قرى البقاع الغربي وعدد من قرى البقاع الأوسط تعتمد على معامل عبدالعال للكهرباء، فنحن ليست لدينا أية أعطال في محطات المياه إنما حاجتنا الى الكهرباء هي التي تقف عائقاً أمامنا”.

وأكد في حديث لموقع “لبنان الكبير” أنه حاول لفترة معينة تأمين مازوت من عدة جهات وهيئات مانحة، ولكن للأسف لا يوجد اليوم دعم نهائياً من أي جهة، مشيراً الى أن “المشكلة الكبيرة أن المواطنين لا يدفعون اشتراكات المياه، ويمكننا القول إن ٢٠٪ فقط من يلتزمون بالدفع، مقابل ٩٠٪ من الناس تصلها المياه، وهذه النقطة خطيرة وكلما تقاعس الناس عن الدفع كلما صعبت الأمور علينا من ناحية التصليحات والموظفين وكل النواحي التشغيلية الأخرى، فالادارة لا يمكن أن تستمر من دون جباية. وعلى الجميع أن يعلم أن إنتاج المياه للمتر المكعب الواحد أصبحت تكلفته ٦ ملايين ليرة، لذلك اضطررنا إلى رفع اشتراك المياه، فبعدما كان منذ عامين ٢٥٠ ألف ليرة، والعام الماضي ٧٥٠ ألفاً، رفعناه هذا العام الى مليونين و٧٠٠ ألف، لأننا ما لم نقم بهذه الخطوة الضرورية التطبيق نصل إلى حائط مسدود ولا يمكننا حتى القيام بأعمال الصيانة”.

وشدد على أنه “ليس عدلاً عندما يمتنع المواطن عن دفع فاتورة الكهرباء، ويُحرم منها لمدة يومين فقط، نراه يهرع الى دفعها، أما المياه فيراها حقاً مشروعاً له ولا يهم دفع فواتيرها”، محذراً من أنه “في حال امتنعت الناس عن دفع الجباية، وانخفض إنتاج الكهرباء بصورة مستمرة، فنحن أمام مشكلة حقيقة، وسنكون مهددين بالحرمان من المياه”.

أما رئيس مصلحة مياه البقاع الجنوبي محمود مراد فشرح تفاصيل المشكلة التي تعاني منها المنطقة بالقول: “بعد خروج معمل الزهراني منذ أسبوع عن الخدمة، وإنقطاع الكهرباء عن الشبكة، حصلت مشكلة لم تكن في الحسبان بحيث سرقت كابلات الكهرباء في جب جنين من نقطة جسر جب جنّين ما يقدر بحوالي ١٢ كلم من شبكة ١٥٠٠٠ فولت، ما أدّى إلى إنقطاع الكهرباء والماء عن بلدة غزة المجاورة لجب جنين بصورة كاملة، وبعد تواصلنا مع كهرباء لبنان تبين أن لا وجود لكابلات عندهم، وبعد عدة إصلاحات استطعنا إنتاج الكهرباء من معمل عبد العال للمناطق إلا غزة بسبب سرقة الكابلات”. وناشد المرجعيّات السياسيّة والجهات المانحة تأمين بدائل لاعادة المياه إلى مجاريها.

ولفت مراد الى أنّ “محطة جب جنّين هي المحطّة المركزيّة التي تغذّي مناطق البقاع الغربي وراشيا بالكهرباء، حتي يتم تزويد جميع الآبار بالمياه، ومنذ العام ٢٠١٩ ونحن نواجه عدة مشكلات، ورفعنا كتباً الى معالي وزير الطاقة، وفعلاً تمت تغذية آبار المياه في القرى عبر الشّبكات نفسها بالتّنسيق مع مؤسسة كهرباء لبنان، وعند انقطاع التّيّار الكهربائي، كنا نشغّل محطتي لوسي وشمسين من محطة جب جنّين التي تتغذّى من محطة مركبا، وقد تمّ تخصيص ٨ ميغاواط لمحطات المياه من المعامل الكهرومائيّة، ولكن اليوم وصلنا إلى مرحلة طفح فيها الكيل ونحن اليوم مهددون بالحرمان من المياه حرفياً”.

إذاً، نحن أمام كارثة حقيقة، لا تحتمل وعوداً كاذبة، ولا حججاً واهية، بل تستوجب تحركاً سريعاً لوزارة الطاقة وكل المعنيين في قطاع الكهرباء بغية ايجاد حل سريع قبل فوات الأوان.

شارك المقال