تسعيرة مرتفعة للمياه الغائبة جنوباً

نور فياض
نور فياض

يعتبر لبنان من أهم مصادر المياه في شرقي البحر المتوسط، ففيه حوالي 40 مجرى مائياً الا أنه يعاني من سوء ادارة المياه وشح توفيرها بسبب الأزمة المالية الحالية.

عادة يتذمّر اللبناني من شح المياه صيفاً، لكن هذه المشكلة طالت حتى بات يشتريها “بعزّ الشتوية”، ويعود ذلك اضافة الى ارتفاع الدولار الذي يثبت يوماً بعد يوم أنه شريان كل القطاعات الحيوية، الى عدم تساقط الأمطار، وهذه الظاهرة التي نشهدها الآن سببت وستسبب مشكلة أخرى في هذا القطاع.

وأصدرت مصلحة مياه لبنان الجنوبي بياناً حول ارتفاع كلفة الاشتراك الى ٣,٦٠٠,٠٠٠ ليرة يمكن تقسيمها على ٤ دفعات ما سبب انزعاجاً لدى العديد من المواطنين.

في السياق، أوضح رئيس مصلحة مياه لبنان الجنوبي وسيم ضاهر لـ “لبنان الكبير” أن “وزارة الطاقة اقترحت رفع التسعيرة الى ٦ ملايين ليرة ولكن مدراء مؤسسة مصلحة المياه رفضوا باعتبارها ثقيلة على جيب المواطن، وتم الاعتماد على ٣,٦٠٠,٠٠٠ ليرة يمكن دفعها مجتزأة وذلك حسب قدرة المواطن”، مشيراً الى أن “كلفة المتر المكعّب من المياه تبلغ ٢٥ مليون ليرة والتسعيرة الجديدة لا تغطيها، لذا تعتمد المؤسسة على الجهات المانحة لتغطيتها”.

وأكد أن “القطاع يواجه تحديات عدة فبعد أن رفعت وزارة العمل الأجور، والدولار وصل الى ٥٠ ألفاً ما أدى الى انخفاض قيمة الليرة، اضطررنا الى رفع التسعيرة التي تساوي ٦٠ دولاراً بينما سابقاً أي ما قبل الأزمة كانت ٣٠٠ ألف ليرة ما يعادل حينها ٢٠٠ دولار ليبقى القطاع صامداً.”

وعن احتجاجات المواطنين حول التسعيرة، رأى ضاهر أنه “لا يمكننا أن نبخل على المياه، ولم أرَ أحداً قد اعترض على ارتفاع الاتصالات وغيرها، فاعتراض الناس في غير محله”، لافتاً الى “أننا نعطي مثلاً بلدة أنصار ١٥٠٠ متر مكعب يومياً، فإذا لم تحوّل المياه الى الأحياء فالمشكلة تكون من البلدة”.

وقال: “من الممكن أن نواجه مشكلة أكبر في حال بقيت الشتوية على حالها أي من دون تساقط للأمطار اذ ينعكس ذلك على كلفة المياه، لذا نواجه تحديات مؤقتة لا نعرف مدى استمراريتها ولكن المشكلة الأساسية ليست بالمياه انما بالكهرباء التي بغيابها تغيب المياه. ونحن نعمل جدياً وبجهد للحفاظ على هذا القطاع، ونعمل على مشاريع عدة كالطاقة الشمسية والمشاريع السطحية، وعند انتهاء الأزمة يكون القطاع ثابتاً”.

في المقابل، يشكو المواطنون من انعدام وجود المياه في مناطقهم ومن التسعيرة الجديدة أيضاً، وقالت احدى المواطنات: “لن أدفع هذه التسعيرة، وأفضل أن أدفعها لصهاريج المياه، فنحن لم نرَ المياه منذ شهور”.

وأشارت الى معضلة أخرى وهي مافيات المياه، فهي تعيش في منطقة كفرجوز – النبطية، والمسؤول عن احدى شركات المياه، بحسب كلامها “لا يدير المياه إن لم يأخذ المال، وكان يحوّلها الى الأحياء الغنية لتعبئة أحواض السباحة”، موضحة أن “الشركات تتحجج بعدم وجود مضخات، وعدم توافر المازوت، وهي تفتتح المشاريع المتعلقة بالمياه على الطاقة الشمسية فقط للتصوير ومع هذا لا نزال من دون مياه.”

بين مافيات المياه وتسعيرة مؤسسة مياه لبنان الجنوبي أصبح المواطن عالقاً في دوامة لا يعرف كيفية تخطيها، ليس في الجنوب وحسب، انما في كل لبنان اضافة الى السدود المكلفة الفاشلة والأزمة الاقتصادية التي جرّدته من كل شيء وتعدت على حقوقه، والتي من أبسطها أن ينعم بالمياه والكهرباء، ولكن في ظل غياب الدولة، وعدم مراقبتها للتعديات والمافيات والمرتشين أصبح الحق يباع ويشترى.

كل هذا يحصل ولبنان يعتبر الأغنى بالمياه، فكيف لو كان صحراء قاحلة؟

شارك المقال