قوالب حلوى… بنكهة “المرارة”!

جنى غلاييني

الأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على كل القطاعات المنتجة والمؤسسات الضخمة وجعلت جزءاً منها يتّجه نحو الاقفال نتيجة الافلاس، أثرت بالتالي بقوة على المشاريع الصغيرة التي كان أصحابها يتطلّعون الى تحويلها لحُلُمٍ أكبر، ومن هذه المشاريع صناعة الكاتو والتي نجد لها ميداناً تنافسياً واسعاً، إذ باتت أشهر المحال تتسابق في ما بينها على تقديم الأفضل من حيث شكل القالب والزينة التي توضع عليه، وبالتأكيد على النكهة والجودة. ولكن اليوم نجد أصحاب محال صغيرة لبيع الكاتو يعانون، وزبائن يشتكون من الأسعار الصادمة لقوالب الحلوى في المحال الكبيرة والمشهورة، وصانعي قوالب حلوى يحلمون وطموحاتهم معلّقة.

رنا غ. تصنع قوالب الكيك والكاتو في بيتها، وبدأت منذ العام 2018 بتلبية الطلبات لمختلف المناسبات، وعندما أصبح بين يديها رأسمال بسيط بعد سنة أرادت أن تحقق طموحها باستئجار محل صغير وشراء المعدات اللازمة له، ولكن ما أعاق طريقها بداية كان ارتفاع الدولار أمام الليرة اللبنانية، فعلّقت حلمها لوقت قصير بانتظار الفرج، ولكنها لا تزال حتى اليوم تمارس عملها من منزلها وتضيف على كلّ قالبٍ نفحة أمل بغدٍ أفضل لكنها مغلفة بالمرارة. وتقول لموقع “لبنان الكبير”: “لم يسيطر عليّ اليأس، على الرغم من تدهور الأمور أكثر من ذي قبل، ولا أزال متمسّكةً بحلمي، وصناعة الكاتو في المنزل أمرٌ مريح جدّاً ولكن حتى يصبح لدي عدد أكبر من الزبائن وأزيد انتاجيتي أرغب بشدة في أن أفتتح محلاً بإسمي وأن يتذوّق الجميع منتجاتي ويلمسوا خبرتي في هذا المجال”.

أما عبدالله ف. فقد استطاع الاقلاع بمشروعه عبر افتتاح محل صغير في خلدة عام 2016، وكان هدفه توسيع محلّه وزيادة انتاجه، ولكن انتهى به المطاف في المنزل، ويشرح: “الأزمة الاقتصادية أتت بصورة عاصفة جرفت معها تعب السنين، وفجأة وجدت نفسي غير قادرٍ على تأمين مستلزمات محلي لصنع قوالب الكاتو، فاضطررت الى إقفاله واستكمال عملي من المنزل، وبالفعل هذا ما أقوم به حالياً وبأسعار أفضل من المحال، والطلبات كثيرة والحمد لله والى ازدياد. ولكن ما أعاني منه هو احتياجي الى قارورة غاز كل أسبوع، اضافة الى الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية التي يتطلبها صنع الكاتو والزينة التي أفضّل أن تكون اصطناعية بدلاً من عجينة السكر التي تزيد من سعر القالب”.

شراء قوالب الحلوى المصنّعة في المنزل وجدها كثيرون من اللبنانيين أفضل من شرائها من محال الباتيسري بأسعار غير معقولة وأحياناً خيالية. وتقول آية ز.: “أقوم بالتوصية قبل أيام عبر الهاتف على قالب كاتو مصنوع في المنزل بدلاً من شرائه من أحد المحال، فقد أصبح سعر القالب لعشرة الى 15 شخصاً ومع زينة عليه يكلّف 50 دولاراً أو أكثر، أمّا القالب ذو الصناعة المنزلية وبالمواصفات نفسها فلا يتخطّى الـ 25 دولاراً، لذا أعتمد في كل مناسبة على شراء قالب من أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يعملون من المنزل”.

بينما تستعد نور ح. لحفل خطوبتها وجدت الحل الأنسب في التوصية على قالب لـ100 شخص ومع زينة وبنكهة جيدة من صنع رفيقتها التي خصّصت مطبخها لصناعة الكاتو لكل المناسبات، وتقول: “بعدما أجريت اتصالات بمحال الباتيسري لمعرفة سعر القالب الذي أرغب في التوصية عليه، وجدت أنّه سيكلّف أكثر من 260 دولاراً، فلجأت الى صديقتي، وحتى أدعمها في مشروعها الصغير طلبت منها أن تصنعه لي لمناسبة خطوبتي، وحين سألتها عن تسعيرته قالت بأنّه سيكلّفني 180 دولاراً”.

شارك المقال