التفريغ النفسي… بالفن والإبداع!

جنى غلاييني

عادةً ما كنا نسمع عن طرق أو وسائل يمارسها الانسان للشعور بالارتياح والتخفيف من الحزن والتوتر والقلق، وتكون متنفساً للروح وعلاجاً عبر تفريغ الطاقة السلبية التي تملأ كيانه وقد تؤثر بطريقة ما على الجسم فتصيبه مع الوقت بأمراض أو اضطرابات. واليوم بعد ثلاث سنوات من انعدام الطمأنينة والراحة الذي ترافق مع الأزمات المتتالية على الصعد الحياتية كافة، برز نوع جديد أو أساليب جديدة ربما كانت موجودة ولكنها استطاعت حالياً الدمج بين العوز المادي والتفريغ النفسي وهروب المواطن من الضغوط الحياتية، وذلك عبر المشاركة في ورش عمل تقام في مشاغل فنية، أبرزها: Creative ناس، I seed، Naïve by Emné ،Espace fann.

رانيا حطيط صاحبة مشغل Creative ناس تقول لموقع “لبنان الكبير”: “الهدف من افتتاحي لهذا المشغل هو إيماني بأنّ كل إنسان مبدع أو فنان بنوع ما، ولا أعتمد في مشغلي على إقامة دورات تعليمية، إنّما ورش عمل ترفيهية لمدة ساعتين يستطيع فيها الشخص الإبداع في قطعة فنية من إنجازه يأخذها معه. وهذه الورش تعتبر للتسلية ولكي يبتعد الشخص عن الهموم الحياتية. وفكرة افتتاحي للمشغل جاءت بناءً على موهبتي وحبّي لهذه الأمور وللرسم والإبداع في الفن”.

وتلفت حطيط الى أن “هذا النوع من الفن يجذب الفئات العمرية كافة، خصوصاً العاملون وطلاب الجامعات، إذ تقام ورشات العمل في مشغل Creative ناس في المساء بعد انتهاء دوام العمل”.

وعن تأثير الوضع الحالي الذي يمر به لبنان على استمرارية مشغلها، تؤكد أن “الوضع الاقتصادي والمعيشي في لبنان يؤثّر على مشغلي إيجاباً، وذلك عبر ازدياد الرواد الذين يلجؤون اليه لكي يخرجوا طاقاتهم السلبية هاربين من الضغوط المعيشية. ومن هنا، لا يمكنني القول إنّ الأنشطة الفنية التي تقام في مشغلي تعد نوعاً من العلاج، إنّما روّاد Creative ناس من يقولون إنّ هذا النوع من الفن يعتبر علاجاً”.

أما صاحبة مشغل I Seed لصناعة الشموع كريستيل حدّاد، فتوضح أنّ فكرة افتتاحها للمشغل جاءت من شغفها بالفن وحبها للصناعة اليدوية، “لهذا السبب أحببت فكرة تشجيع الناس على صناعة الشموع يدوياً والحرفة الفنية، خصوصاً أن في لبنان هناك العديد من الأمور غير المكتشفة أو المدركة بعد لأننا تعوّدنا على الحصول على الأمور بسهولة، ومثال على ذلك إذا أراد الشخص شمعة يحصل عليها بسهولة عبر شرائها، ولكن فعلياً إذا قام بصنعها يدوياً فستكون لها قيمة حقيقية”.

وتعتبر حدّاد أنّ الوقت الذي يستهلكه الشخص في قيامه بالصناعة اليدوية نوع من العلاج، مشيرة الى أن “صناعة الشموع يدوياً تعد علاجاً أيضاً، وهناك فكرة جديدة وهي شمعة التدليك التي تحتوي على زيوت طبيعية تساعد على معالجة البثور في الجسم والبشرة، إضافة الى فكرة إعادة تدوير الشمع المستهلك أي الذائب، فأقوم بالتشجيع على فكرة عدم رميه كونه مصنوعاً من البترول لاعادة تدويره وبيعه بأسعار زهيدة”.

وتلفت الى أن “هناك العديد من الأشخاص المهتمّين بهذا النوع من الفن أي تصنيع الشموع يدوياً، فلدي 4 ورشات عمل هذا الأسبوع، وأعتقد أنّ الناس تكتسب الوعي بهذه الأمور تدريجياً، ويجب أن يدعموا الانتاج المحلي للتخفيف من عبء الأزمة الاقتصادية”.

وتشدد حدّاد على أن “الوضع الاقتصادي المتأزّم يؤثّر على استمرارية مشغلي بصورة مباشرة وغير مباشرة، فأنا أستخدم غاز الكهرباء، ولكن فاتورة الكهرباء وصلت الى حد لا يمكن تسديدها، لذا أضطر أحياناً الى زيادة أسعار المشاركة في ورشة العمل، ومعظم المشتركين يعتبرون من المقتدرين الذين يبحثون عن نوع من العلاج عبر تصنيع الشموع يدوياً”.

وفي ما يتعلّق بالشق العلاجي عبر القيام بأنشطة فنية في هذه المشاغل، توضح المعالجة النفسية هانيا كنيعو أن “تلك المشاغل التي تقيم هذه الأنشطة تسمى طرق الإفراغ للشخص، إذ يقوم كل شخص بالإفراغ بطريقة معينة، أو الشعور بالارتياح عبر طريقة ابداعه أو اختراعه فنياً، لذا لا يمكن القول إنّ هذه الأمور هي حرفياً نوع من العلاج لأنّ العلاج يكون عبر البدء بالمشكلة الأساسية التي يعاني منها الشخص، فالمشاغل تساهم في العلاج طبعاً عبر الإفراغ ولكنها تعد علاجاً مؤقّتاً وليس دائماً”.

شارك المقال