طلاب الجامعات… ضحايا ارتفاع المحروقات

نور فياض
نور فياض

بات الذهاب الى العمل أو الجامعة حلماً مكلفاً للكثيرين. فالانهيار في سعر صرف الليرة ورفع مصرف لبنان الدعم عن المحروقات، واكبه ارتفاع كبير في الأسعار، وفي الأيام القليلة الماضية جنّ الدولار وارتفع خلال يومين ١٠ آلاف ليرة ليتخطى عتبة الـ ٦٠ ألفاً ما أثر على صفيحة البنزين التي وصلت مؤخراً الى أكثر من مليون ليرة للمرة الأولى في تاريخها، وعلى الفور أغلقت المحطات بسبب عدم قدرتها على مواكبة سرعة هذا الارتفاع، وبالتالي لم يعد باستطاعة سائق التاكسي أن “يفوّل” سيارته، وهذا ما لم يعد يفعله منذ تدهور الحالة الاقتصادية لأن “التفويلة بدها دكة”.

هذه العبارة يرددها معظم سائقي التاكسي، ويؤكد أحدهم وهو يسكن في ضواحي الجنوب لـ “لبنان الكبير”، أن “الغلاء يفتك بجيوبنا، والسائق كمن يعمل (بالفاعل)، إن رزقنا الله بركاب نؤمّن قوتنا اليومي”. ويقول: “قبل بلوغ الأزمة ذروتها، كان بإمكاننا أن نؤمّن جزءاً صغيراً من احتياجاتنا اليومية ومنها البنزين، اما اليوم مع الارتفاع الجنوني لهذه المادة فبتنا غير قادرين على تعبئة سيارتنا، اذ أن المليون ليرة تكفي لمشوار من مركز التاكسي الى المنزل.”

ويشير الى أن “قلة من تستعمل التاكسي إن كان من سائقين أو حتى ركاب، فالفقير لا يخرج من منزله الا للضرورة، اما الغني فلا يهمه ارتفاع البنزين أو انخفاضه وحتماً لا يتجوّل بالتاكسي انما بسيارته الخاصة.”

ويأسف لما آلت اليه الأوضاع الحالية، لافتاً الى أنه “لم يعد بإمكاننا توصيل طلاب الجامعات، ففي السابق كنا نأخذ أجرة تساوي ١٠٠ ألف ليرة، اما اليوم فاما أن نزيدها أو نركن سياراتنا أمام منازلنا لنصبح عاطلين عن العمل، ومعظم الطلاب يفضلون البقاء في بيوتهم بسبب عدم قدرتهم على دفع الأجرة.”

وتوضح كاتيا وهي طالبة أن “الباصات توقفت عن الذهاب الى الجامعة، فلجأنا الى التاكسي الذي كانت أجرته في بادئ الأمر شبه مقبولة، اما اليوم ففاقت قدرتنا”، معتبرة أن “من حق التاكسي رفع الأجرة اذ أن البنزين بات لمن استطاع اليه سبيلاً، ومن جهة ثانية من حقنا أن نتعلم، ولكن نسبة الى الظروف الصعبة والغلاء الفاحش لم يعد بمقدور أهلي أن يدفعوا يومياً ٣٠٠ ألف ليرة أجرة تاكسي، من دون أن نحسب كلفة الطعام، فإما الذهاب لطلب العلم أو تحضير وجبة طعام، لذا قررت أن لا أذهب الى الجامعة الا أثناء الامتحانات.”

تنص حقوق الانسان على حق التعلّم لكل المواطنين، انما هذا الحق أصبح تحت رحمة الأساتذة وخصوصاً أساتذة المدارس الرسمية المضربون عن التعليم للحصول على مطالبهم، وانتهك مرة ثانية عندما بات أسير الأزمة الاقتصادية ومحصوراً بالطبقة الغنية.

اذا، ارتفاع الدولار بات يهدد الحاجات الاساسية، مثل المحروقات التي لها جدولان تصدرهما وزارة الطاقة صبحا و عصرا، لذا ان قرر الطلاب استعمال التاكسي، فصباحا يدفعون مبلغا ما، وعصرا مبلغا آخر.

والعترة على الطالب الفقير الذي يفقد يوميا حقا من حقوقه واصبح بحالة يرثى لها كلبنان الذي لم يعد على ما يرام.

شارك المقال