بائع اليانصيب… من دون نصيب

حسين زياد منصور

نجدهم في مختلف المدن، منتشرين بين طرقاتها وشوارعها وأزقتها أيضاً، يتنقلون يومياً بين الناس والسيارات، ملوحين بأيديهم التي تحمل أوراق اليانصيب. على مدى السنوات الماضية، شكل هؤلاء مظهراً من مظاهر الحياة في بيروت وصيدا وصور وطرابلس ومختلف المدن والمناطق اللبنانية، وكانت غالبيتهم من الفئات المهمشة اجتماعياً، فمن يلجأ الى هذا العمل اما يكون أمياً أو لا يتقن حرفة أو مهنة، وأحياناً يكونون أطفالاً، هجروا المدرسة والتعليم بسبب ظروفهم الاجتماعية الصعبة، سعياً الى تأمين قوتهم اليومي.

يتوزع الباعة في أماكن مختلفة من المدينة نفسها، فمنهم من يدخل المؤسسات الرسمية، حيث لهم زبائن دائمون من الموظفين فيها، ومنهم من اعتاد الوقوف أمام “المولات” والمحال التجارية والأسواق الشهيرة في بيروت ودور السينما والمسرح، وأصبح المارة يعرفونهم لوجودهم دائماً في المكان نفسه، ومنهم من يتنقل ولا يعرف مكاناً ثابتاً ويحب التجول في الأزقة والساحات والمرور بين السيارات التي لا تكل ولا تمل على الرغم من ارتفاع أسعار المحروقات وتجاوز سعر الصفيحة المليون ليرة.

عند كورنيش عين المريسة، الذي يعج بالمارة، منهم من يمارس رياضته الصباحية المعتادة، ومنهم من يصطاد السمك، فيما آخرون يجلسون على المقاعد الرخامية يتأملون موج البحر والطيور المهاجرة وهم يحتسون فنجان القهوة، أو يستندون الى “الدرابزين” شاردين في همومهم ومآسي الوطن، والأزمة الاقتصادية الخانقة وانهيار الليرة أمام الدولار الأميركي الذي سجل أرقاماً قياسية خلال أيام قليلة، وتجاوز حاجز الـ 60 ألف ليرة… بين هؤلاء جميعاً يسير رجل أربعيني، أسمر البشرة، وهو ينادي: ” قرب جرب حظك… السحب بكرا”.

يشير بائع اليانصيب الى أنه يجول منذ الصباح حتى غروب الشمس، ذهاباً وإياباً، في كورنيش عين المريسة، وهو أمر اعتاد القيام به منذ 5 سنوات، وأصبح يعرف الأشخاص الذين يأتون يومياً اما لصيد السمك أو تأمل البحر، ومنهم من يشتري منه الأوراق بصورة دائمة.

ويقول: “خلال وجودي هنا بعت مرتين ورقة الجائزة الكبرى، لكن لم أحصل على (الحلوانة) ممن حالفهم الحظ. في احدى المرات التقيت بصديق الفائز بالجائزة الكبرى، فقال لي انه حصل على المال وأراد أن يعطيني حصة منه لكنه لم يجدني، ثم سافر الى ألمانيا للاستقرار هناك”.

وعما اذا كان يسحب أوراق اليانصيب، يؤكد “بالطبع أسحب، لكنني لست محظوظاً، أحياناً أقطع 10 أوراق في الأسبوع، لكن لم يحالفني الحظ أبداً، وتمكنت في مرات قليلة فقط من تحصيل سعر الورقة، اما ربحي من بيع الورقة فهو 5 آلاف ليرة، وسعر البطاقة 100 ألف، وأحياناً أتمكن من بيع عدد كبير من البطاقات وأحيانا أخرى أعود بمبلغ قليل جداً”.

ما يمكن تأكيده أن بائع اليانصيب من دون نصيب، اذ أنه يبيع الحظ والنصيب للمواطنين، على أمل أن يربح أحدهم الجائزة الكبرى ويحصل على مكافأة بسبب ذلك، وفي ليلة دوران دولاب الحظ تتجه الأنظار اليه لمعرفة الأرقام الفائزة ومن سيكون سعيد الحظ.

شارك المقال