الحطب بديل المازوت في البقاع… و”زيت القلي” للتدفئة!

راما الجراح

“العيانة” الأولى لهذا العام كما وصفها أهالي القرى البقاعية، فهطول الأمطار الغزيرة مستمر منذ أكثر من ٤٨ ساعة في لبنان، بعد طقسٍ ربيعي بإمتياز شهدته البلاد في الفترة الماضية، وجاء شباط ليلبُط سكونه ويعصف برياحه ليروي أرضنا العطشى، ويغيثنا من الجفاف الذي كان ينتظرنا. خلف هذه المشهدية تكمُن مأساة التدفئة ومصروف المازوت والحطب في البقاع تحديداً المعروف بصقيعه طيلة فصل الشتاء، بحيث صرف الأهالي أكثر من نصف الكمية التي قاموا بتخزينها لتفادي البرد، ولكن يمكن اعتبار أن شتاء هذا العام بدأ من شباط، وفي هذه الحالة سيضطر الأهالي إلى شراء مواد إضافية للتدفئة قريباً.

شتاء البقاع قارس ومُكلف جداً، فليس تفصيلاً أن تحتاج العائلة الصغيرة أقله إلى حطب كلفته حوالي ٨٠٠ دولار ومازوت ما يفوق الـ ١٢٠٠ دولار للتدفئة في هذا الفصل. فترة الصقيع التي سبقت هطول أمطار شباط أجبرت الأهالي على استعمال أكثر من نصف مخزون التدفئة، والأرصاد الجوية تؤكد أن شهر شباط سيحمل خيراً كثيراً وسيُعوّض الكانونين، ما يعني أن حاجة المواطن الى شراء كمية إضافية من مواد التدفئة لا مفر منها، فهل سنشهد إقبالاً كثيفاً على الحطب والمازوت في الأيام المقبلة، أَم أنّه كما يقول المثل “الفضلة للفضيل”، وما تبقى من كميات مازوت أو حطب سيستعملونها بحذر في الشهرين الأخيرين من فصل الشتاء؟

أكد صاحب “محطة البسام” عيسى جراح لموقع “لبنان الكبير” أن “الحركة خفيفة جداً مقارنة بالأعوام الماضية، حتى أنها من أسوأ السنوات علينا، كانت الناس تشتري بالـ ١٠٠٠ والـ ٢٠٠٠ ليتر، فأصبحت تشتري بالغالون، واليوم الخزان في المنازل يساوي ٥ براميل مازوت، أي كلفته تصل إلى ٩٠٠ دولار، وهناك نسبة كبيرة من الناس استهلكت الكمية الموجودة في خزاناتها ولجأت الى شراء المازوت حديثاً، وهناك عدد لا يُستهان به من العوائل استبدل المازوت بالحطب لعدم قدرته على شرائه، مع العلم أن الفارق ليس كبيراً جداً، ولكن الوضع السيء يدفع المواطن إلى تأمين التدفئة بأقل كلفة ممكنه، حتى وصلت بنا الحال حتى إلى إستعمال الناس الزيت المحروق في الصوبيا”.

أما أبو آدم الشامي، صاحب مستودع للحطب في البقاع الأوسط، فاعتبر أن “الحطب لا يزال أرخص من المازوت ولو بقدر قليل ولكنه رحمة، ولكن للأسف على الرغم من ذلك هناك زبائن منذ أول الشتاء يشترون كمية من الحطب بصورة يومية لعدم قدرتهم على شراء كميات كبيرة. من ناحية أخرى الزبائن الذين اشتروا كميات كبيرة لفصل الشتاء عادوا لشراء كميات إضافية بسبب الصقيع المستمر والصوبيات في البقاع تبقى مشتعلة إلى أواخر شهر نيسان”.

وأوضح أن “سعر طن الحطب كان أول الشتاء بـ ٥ ملايين ليرة كحد أقصى، أما اليوم فأصبح بـ ١٢ مليوناً، وهذا الارتفاع سببه غلاء المحروقات لأن العمل على المازوت من نقل، والعدة التي نستعملها، إضافة إلى الزيوت، وسَن الشفرات التي كانت كلفتها ٥ آلاف ليرة، أصبحت اليوم تكلفتها ٣ ملايين لربطة الحطب الواحدة التي تحتاج الى ٥ شفرات”.

“منذ أسبوعين أصبح لدي ٨ زبائن جدد، تخلوا عن صوبيا المازوت واستبدلوها بالحطب” بحسب الشامي الذي قال لموقع “لبنان الكبير”: “كل ذلك بسبب العبء الثقيل في المصروف، فتنكة المازوت تُشعل الصوبيا لمدة يوم ونصف، أما الـ ١٠٠ كيلو حطب التي تساوي سعر التنكة فيمكن استعمالها لمدة ٥ أيام، ونسبة المنازل التي بدأت تستعمل الحطب للتدفئة تزداد عاماً بعد عام، ففي العام الماضي كانت تقريباً حوالي ٦٠٪ واليوم يمكن اعتبار ٨٥٪ من سكان البقاع لجأوا إلى الحطب للتدفئة”.

وأكدت سامية. ح، عاملة تنظيف، أن “العمل ليلاً ونهاراً لا يكفي لشراء لا حطب ولا مازوت للتدفئة، لذلك استبدلت هذه المواد بزيت القلي، من دون خلطه لا بالمازوت ولا غيره كما يُشاع، وأصبح مصدرنا الوحيد للتدفئة بأقل كلفة ممكنة، وفي هذه الحالة أصبحت أشتري الزيت للطهي أولاً، ومن بعد استعماله وتصفيته للتدفئة”.

شارك المقال