أنقذت موسم كانون… لماذا “فرح”؟

حسين زياد منصور

بعدما ظن الجميع أن شهر كانون الثاني سيمر مرور الكرام، من دون عواصف، أو من دون الطقوس السنوية، ها هي “فرح” تنقذ الموسم الكانوني، وتحمل معها الأمطار والثلوج في عدد كبير من المناطق اللبنانية، حيث تجاوزت سماكة الثلوج في بعضها 50 سنتيمتراً.

جاءت “فرح” لتقلص التراجع في كميات الأمطار هذا العام، والتي لم تبلغ المعدل السنوي، الى جانب تنشيط المرافق السياحية ورياضة التزلج التي لم يمارسها معظم محبيها هذا العام.

يقول رئيس دائرة التوقعات في مصلحة الأرصاد الجوية عبد الرحمن زواوي لـ “لبنان الكبير”: “ان المنخفض الجوي الحالي مستمر لعدة أيام، تنخفض حدته في بعضها، لكنه يعود ويصبح أقوى، مع استمرار تساقط الثلوج على ارتفاعات أقل من 900 متر ويترافق مع اشتداد سرعة الرياح في بعض المناطق، وهذه العوامل دفعتنا الى تسمية العاصفة (فرح) وهو الاسم الذي وصلنا اليه ضمن التدرج الأبجدي”.

وعلى غرار المنظمة العالمية للأرصاد الجوية “WMO”، التي كانت أول من وضع لوائح بأسماء الأعاصير للاشارة إليها عند التحدث عنها، وضعت مصلحة الأرصاد الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي، في السنوات الماضية مجموعة أسماء خاصة بالعواصف التي يمكن أن تضرب لبنان ويعلن عنها قبيل وصولها.

وبخصوص ذلك، يوضح زواوي أن “لائحة الأسماء وضعتها مصلحة الأرصاد في أواخر العام 2014، وتم الاتفاق عليها مسبقاً، فعند حدوث عاصفة، تحصل على اسم موجود ضمن هذه اللائحة بالتسلسل، وأول عاصفة كانت (زينة) في كانون الثاني 2015، ثم (يوهان) في شباط 2015، حتى وصلنا الى العاصفة (فرح)”.

وعن الشروط لتسمية العاصفة، يشير زواوي الى أن “سرعة الرياح يجب أن تتجاوز 90 كليلومتراً بالساعة وتساقط الثلوج على مرتفعات أقل من 900 متر وأمطار غزيرة لأكثر من 3 أيام”.

تجدر الاشارة الى أن منطقة حوض المتوسط لا تضربها الأعاصير، فالتسميات في الغرب لا تنطبق على العواصف، بل على الأعاصير. ومنظمة (WMO) وضعت لوائح بأسماء الأعاصير للاشارة إليها، وتطبق لمدة 6 سنوات متتالية، تتضمن جداول فيها 21 اسماً لكل سنة، وهي متنوعة تشمل الذكور والاناث، يتداول بها وقفق التسلسل الأجنبي من حرف A الى حرف Z، بعكس الترتيب الأبجدي في لبنان، اذ كانت البداية بالعكس، من حرف Z، الى جانب الغاء بعض الأحرف، كون الأسماء التي تبدأ بها نادرة وحتى غير موجودة، مثل Q، ويتوقف التداول في الأسماء مع انتهاء الموسم.

وبالنسبة الى الأعاصير التي تتسبب بأضرار بالغة الأهمية، لا تعاد تسميتها مرة ثانية منعاً لنشر الذعر بين الناس في كلّ مرة يذكر فيها الاسم، وعلى سبيل المثال “كاترينا”، الذي يعد من أكثر الأعاصير دموية والأكثر ضرراً من كل الأعاصير المدارية في المحيط الأطلسي خلال موسم الأعاصير في العام 2005، وأحد أعنف خمسة أعاصير في تاريخ الولايات المتحدة وسابع أكبر أعاصير المحيط الأطلسي، فضلاً عن الخسائر المالية الكبيرة التي تسبب بها، وقدرت بأكثر من 108 مليارات دولار.

اما في بلدان شرق آسيا وبحر العرب، فيسمي الأعاصير التي تتشكل في شمال المحيط الهندي، المركز الاقليمي المتخصص للأرصاد الجوية بالنيابة عن البلدان الأعضاء في المنظمة الدولية للأرصاد الجوية المفوضية الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والباسفيك، ومقره في نيودلهي الهندية، ولا يطلق أي اسم على أي عاصفة قبل أن تصبح مدارية وفقاً لمعدلات سرعة الرياح الناتجة عنها.

في هذه الحالة يستعان بالاسم الوارد في جدول الأسماء الذي وضعته اللجنة سلفاً في القائمة وفق ترتيب تنازلي من أعلى الى أسفل، شرط ألا يحمل الاسم أي معنى أو استخدام أو إسقاط سياسي أو ديني أو عرقي أو عنصري، وأن يكون سهل النطق.

أقاويل كثيرة أطلقت حول تسمية الأعاصير، وخصوصاً تلك المقترنة بأسماء النساء، فالبعض اعتقد أنها تعود الى نساء توفين أو اختفين أو تهن بسبب الأعاصير، الا أن المؤكد أنها تعود الى أيام الحرب العالمية الأولى، ففي الماضي بدأت هذه التسميات لدى الغربيين، تحديداً جيوش البحرية الذين كانوا يواجهون أعاصير قوية أثناء رحلاتهم في البحار والمحيطات على متن بواخرهم، فسمّوا الأعاصير التي واجهوها بأسماء النساء، من أمهاتهم وزوجاتهم وحبيباتهم، اللواتي تركوهن للإبحار. وهذا ما شكل حالة من الغضب والانزعاج لدى النساء على اعتبار أن التسمية هذه تحمل طابعاً من التشاؤم، حتى تقرر فيما بعد ادخال الأسماء الذكورية الى التسميات، ففي العام 1970، زاد عدد النساء الخبيرات بالأرصاد الجوية وقدمن احتجاجاً على التسمية الدائمة للأعاصير بأسماء الإناث، ثم في العام 1978، تغير أسلوب التسمية وأطلقت أسماء الذكور والإناث على الأعاصير بالتتابع.

وفي العصور القديمة كانت الأعاصير تسمى بأسماء الأماكن مثل ميامي، وحتى بعض القديسين مثل إعصار “سانت بول”، وأيضاً عالم الأرصاد الجوية الأسترالي كليمنت راج، كان يطلق أسماء البرلمانيين الرافضين للتصويت على منح قروض التمويل لأبحاث الأرصاد الجوية على الأعاصير الى جانب أسماء بعض السيدات اللواتي يكرههن.

شارك المقال