“موسم عقبالكم” بلا أعراس … وزفاف الأحلام صعب المنال

آية المصري
آية المصري

جعلت كورونا دول العالم تتوقف عن الحركة، فلا شيء يدور لا العجلة الاقتصادية ولا الاجتماعية، اذ توقفت النشاطات المختلفة ومنعت التجمعات عائلية كانت أم لقاءات الأصدقاء، وألغيت حفلات الأعراس، لبنان لم يكن خارج هذه التدابير الضرورية للحفاظ على صحة أبنائه الذين يعانون أزمة فوق أزمة، اذ إنعكس الوضع الاقتصادي السيئ على الراغبين بالزواج وتأسيس عائلات جديدة، فمع أزمة ارتفاع الدولار مقابل انهيار العملة الوطنية زادت الأعباء لاسيما بالنسبة الى الشباب اللبناني، فمستقبلهم على المحك وقرار الاستقرار وتأسيس أسرة حلم مستحيل بالنسبة الى البعض.

صحيح أننا نشهد عبر مواقع التواصل الاجتماعي العديد من حفلات الزفاف في الآونة الأخيرة وهذا لا يُمكننا من التمييز عما إذا كانت فعلاً معادلة الأفراح تغيرت أم أن “العرسان” ما زالوا يقومون بالاستدانة لإقامة زفاف الأحلام ولكن بالاستدانة من المصارف؟ ماهذا المزاح الثقيل. أسئلة عدة تطرح في هذا السياق، فهل باستطاعة اللبناني القيام بحفل زفاف ودعوة جميع محبيه أم ستقتصر الحفلات على الأقرباء فقط؟ هل فيروس كورونا أخف وطأة من ارتفاع الدولار؟ ماذا عن الإجراءات المتبعة هذا العام؟ وماذا عن التجهيزات الأولية للحفلات؟

زفاف 2021: المعادلة تغيرت

وتقول رينيه رحمة التي تتحضر للزواج في شهر آب المقبل: “لا يمكننا زيادة عدد المدعوين وذلك بسبب كلفة الطعام المرتفعة، تكلفة البوفيه للشخص الواحد 150 ألف ليرة، ناهيك عن تسعيرة الحلويات، ما يشكل عائقاً كبيراً أمام دعوة أصدقاء وجيران وأحباء كنا نريد أن يشاركونا فرحتنا، فاقتصرت الدعوة للعرض على الأقارب فقط. زفافنا اقترب وحتى الآن لا نعرف ما هو السعر النهائي المترتب علينا، فهو بحكم المجهول بسبب تغير الأسعار الدائم، فكيلو “الشوكولا” الذي كان بـ 130 ألفاً أمس أصبح بـ 180 ألف ليرة اليوم والحبل على الجرار”.

وتضيف رحمة: “أما عن الورد فلم نتمكن من الحصول على الأصناف التي نريديها، أولاً لأن الأسعار باهظة الثمن وثانياً لعدم توافر جميع الأصناف في السوق حتى لو أردنا دفع المال الكافي لشرائها. وبطبيعة الحال ليس باستطاعتنا أن نقوم بكل ما نريده لأن الواقع مأساوي اليوم. أما بالنسبة الى كورونا فأنا غير مهتمة كثيراً بامرها، ليست هماً فهناك نسبة كبيرة من الناس تلقت اللقاح والخائف منها لا يأتي الى الحفل”.

وتؤكد أخصائية تجميل العروس فوزية مهدي، أنه “في هذه الأوضاع الصعبة قررنا عدم القيام بحفل زفاف، صحيح هذا قرار سيئ لأن كل فتاة تنتظر هذا اليوم وتحلم به لكن علينا أن نكون واقعيين، هناك العديد من أثاث المنزل صرفنا النظر عن شرائه الآن واشترينا فقط الحاجات الأساسية، وقلنا الباقي مع الوقت نكمله. فأنا لم أعد مهتمة بالنوعية فقط أريد شراء الأغراض التي تناسب قدرتنا المادية”.

أما محمد (موظف) فيشير الى أنه لم يعد بإمكانه تأجيل زفافه أكثر ويقول: “الآن باستطاعتي أن أتزوج، لكن غداً في هذا البلد الضائع قدرنا ومستقبلنا مجهول. لن أنظم حفل زواج، ليس فقط بسبب الواقع الاقتصادي السيئ بل بسبب كورونا فلماذا المخاطرة؟”.

عراجي: الأعراس خطأ كبير

ويعلق رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي على موضوع حفلات الزواج وتأثيرها السلبي نتيجة الاختلاط بالقول: “ما يحصل اليوم في الأعراس خطأ كبير. لا نريد إقفال المطاعم والصالات والمنتجعات السياحية، لكن هناك حد أدنى من الالتزام بالتدابير الوقائية للتلغب على فيروس كورونا، وعلى وزارة السياحة التقيّد بالقرارات التي صدرت عن لجنة كورونا والقيام بالمراقبة اللازمة، فلا يجوز العودة الى نقطة الصفر فكورونا لم تنته بعد ونسبة التلقيح ليست 100% ولا يجب الاستخفاف”.

الأسمر: الاعتماد على وعي المواطنين

من جهته، يوضح رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر أن “هناك اتفاقاً مع وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال رمزي مشرفية وبحضور وفد من قطاع الأعراس لتنشيط هذا القطاع، طبعاً مع الالتزام بالتدابير الوقائية ومع وجود 150 شخصاً كحد أقصى في الزفاف ويجب علينا مراجعة وزير السياحة من جديد لمعرفة وضعنا الآن، بعد انخفاض أعداد الوفيات وبلوغه 5 أو 6 أشخاص، كما أن عدد الإصابات أصبح لم يعد يتخطى الــ 300 مصاب في اليوم الواحد وكل هذا يُعد مؤشراً جيّداً لأن بإمكانه تسهيل الأمور أكثر وربما رفع مضاعفة نسبة عدد المدعوين”.

ويلفت الأسمر الى إنه “علينا تسهيل الأمور أكثر، فنسبة المتواجدين في الأعراس أقل من نسبة المتواجدين في السوبرماركت أو داخل الدوائر الرسمية، حيث هناك اكتظاظ لا يوصف. لذلك لا بد لتجاوز الواقع الاقتصادي الصعب، أن ننشط هذا القطاع الذي يُدخل مئات الملايين خلال ثلاثة أشهر وتشجيعه أكثر لما له من إيجابيات خصوصةً انه يستعين بطلاب المدارس والجامعات للعمل وتأمين مستلزماتهم”.

ويشير الى أن هذا “قطاع الاعراس بدأ بمباشرة عمله وعملية المراقبة الدقيقة تختص بجملة عوامل أولها العامل البشري غير المتوفر، فوزارة السياحة لديها تقريباً 70 مراقباً، ووزارة الاقتصاد 60 مراقباً، حتى إن الأجهزة الأمنية في بعض الأحيان لا قدرة لها على المراقبة، فإذا أرادت عناصر قوى الأمن الداخلي مراقبة جميع مطاعم وصالات لبنان لا يمكنها ذلك، فقدرة الدولة تتآكل يوماً بعد يوم بسبب عدة أمور منها عدم توفر الوقود على سبيل المثال، لا طاقة أو قدرة للوزارات على المراقبة الصحيحة، ومن هنا يبقى الاعتماد على حس المسؤولية لدى المواطن اذ عليه أن يراقب نفسه”.

أما عن وزارة السياحة، فمن الواضح أنها غير مكترثة فالهاتف يرن كثيراً من دون إجابة وربما واقعها مثيل لجميع الوزارت اللبنانية الأخرى.

إذاً اللبناني يعيش ضمن سلسلة من الانهيارات لا يكاد ينتهي من الأول حتى يبدأ الآخر، فلا قدرة لتأمين الحاجات الضرورية، فكيف سيتمكن الشباب اللبناني من الزواج وتأسيس عائلة؟ ومن الواضح أن “موسم عقبالكم” لن ينجح كثيراً هذا العام.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً