التعليم “أونلاين” بديل الحضوري في “اللبنانية”؟

حسين زياد منصور

لا تزال الجامعة اللبنانية تعاني من مشكلات عدة تهدد استمراريتها، فقد تأثرت بصورة كبيرة كما باقي مؤسسات الدولة منذ الأزمة الاقتصادية التي تفجرت في العام 2019، وما رافقها من تدهور في سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي، وتراجع القدرة الشرائية لمعظم اللبنانيين بعد أن انخفضت قيمة رواتبهم، وكان أبرز المتضررين من ذلك أساتذة الجامعة اللبنانية وطلابها.

اليوم يشارف الفصل الأول في معظم كليات جامعة الوطن على الانتهاء، حتى أن بعضها باشر بالامتحانات الفصلية، وخلال هذا الفصل علت أصوات الطلاب والأساتذة، بسبب تدهور الأوضاع المالية والاقتصادية، خصوصاً مع غلاء المحروقات وتفلت الدولار الذي جن جنونه في الفترة الماضية وتجاوز الـ 80 ألف ليرة في ظل غياب تام للمعنيين عن معالجة المشكلة.

وفي ظل الكلفة المرتفعة للتنقل تعالت المطالبات والتمنيات لبعض الأساتذة والطلاب بالعودة الى التعليم عن بعد، لتخفيف الأعباء عنهم بعدما تغيب قسم منهم عن الحضور بسبب الكلفة المرتفعة للمواصلات، فهناك الكثير من الطلاب تحديداً في هذه الأزمة التي نعيشها عاجزون عن تحمل كلفة النقل التي تتجاوز المليون ليرة أسبوعياً على أقل تقدير، وقد تتجاوز الـ 3 ملايين، طبعاً نسبة الى بعد السكن عن الجامعة، ولا سيما مثلاً من يقصد الكلية الموجودة في بيروت قادماً من البقاع، فضلاً عمن لم يتمكن من شراء المقررات مطبوعة لارتفاع الأسعار، أو من عجز عن دفع الرسوم الجامعية.

وهذا ما أكده عدد من طلاب الجامعة، فهناك من يذهب اليها مرتين في الأسبوع ويتكلف في اليوم الواحد 200 ألف ليرة، وتبعد الكلية عن سكنه 20 دقيقة في السيارة، وهناك آخرون يضطرون الى النزول يومياً الى بيروت قادمين من الجبل أو الشمال والبقاع بغية التعلم ويدفعون “هيديك الحسبة”، فبحسب بعض الطلاب أصبحت التسعيرة من البقاع الى بيروت بالدولار، اضافة الى عذاب الطريق وزحمة السير والخروج مبكراً من المنزل للوصول في الوقت المحدد الى الجامعة.

ويرى أيضاً بعض الأساتذة والمدراء أن نظام التعليم الحضوري أفضل وأكثر إنتاجية من “الأونلاين”، ويجب الذهاب الى إيجاد حلول للأساتذة والطلاب لناحية النقل والسكن، وتأمين احتياجات الجامعة ولوازمها لتسيير تشغيلها، فالتعليم عن بعد لن يساعد الأساتذة والطلاب أيضاً لوجود مشاتكل تقنية من انترنت وكهرباء مقطوعة.

وفي الاطار، يفضل رئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران اعتماد التعليم الحضوري بدلاً من “الاونلاين” بسبب عوائق عدة، منها غياب أدنى مقوّمات التعليم عن بعد في المنازل، لغياب الكهرباء والانترنت السريع، كما أن البعض لا يملك حواسيب أو كومبيوتر، الى جانب أن التجربة السابقة في التعليم عن بعد لم تكن مشجعة بحسب بدران، اذ لم يضم الصف أكثر من 18 طالباً في أحسن الأحوال.

اما بالنسبة الى العائق القانوني، فيشير بدران الى أن ليس هناك اليوم في المجلس النيابي أي قانون يغطي إعطاء شهادات للتعليم عن بعد كما كان خلال جائحة كورونا، وأي قرار في هذا الشأن لا يمكن للجامعة اللبنانية اتخاذه بمعزل عن باقي الجامعات.

وفي حديث مع “لبنان الكبير” يقول مدير كلية العلوم – شعبة الدبية في الجامعة اللبنانية ربيع مراد، عن المفاضلة بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد: “من الناحية الأكاديمية بالتأكيد أفضل الحضوري، فخلال التعليم عن بعد فقدنا لذة التعليم لغياب التواصل مع الطلاب، فأنا أتكلم وحدي خلف الشاشة أحياناً، اذ أسأل سؤالاً ولا أتلقى أي إجابة، فربما الطالب دخل المحاضرة عبر الرابط أو التطبيق لكنه لا يتابعها، لذا التعليم عن بعد سيء جداً أكاديمياً، اما من الناحية المادية خلال هذه الأزمة فبالتأكيد الاونلاين أفضل، وعلى الرغم من ذلك ومن الكلفة المادية أنا مع التعليم الحضوري لأن الناحية الأكاديمية تهمني أكثر”.

ويؤكد أن “لا قرار حتى هذه اللحظة بالانتقال الى التعليم عن بعد في الفصل المقبل، ورئيس الجامعة مصر على التعليم الحضوري وإلغاء كل ما يتعلق بالتعليم عن بعد”، مشيراً الى أن “نسبة حضور الطلاب قد تراجعت بسبب ارتفاع كلفة المواصلات، وبصورة كبيرة في مجمع الحدث وفي شعبة الدبية أيضاً ولكن بوتيرة أخف”.

شارك المقال