حسّيتوا؟

لينا دوغان
لينا دوغان

في ٦ شباط ضرب زلزال مناطق عدة في تركيا وسوريا وشعرنا باردتاداته في لبنان بصورة قوية ومخيفة. لم يتوقف الأمر هنا، بل بدأنا نشعر من وقت لآخر بهزات ارتدادية الى أن ضرب زلزال ثانٍ في ٢٠ من الشهر نفسه مناطق أيضاً في تركيا وسوريا وشعر به سكان لبنان، كما حصلت بعده هزات ارتدادية.

وخلال هاتين الفترتين أصبح السؤال الوحيد بين الناس وعلى وسائل التواصل الاجتماعي: حسّيتوا بالهزة؟

نحن في لبنان ومع كل ما نعيشه من ويلات لم يكن ينقصنا سوى الهزات، أو اذا صح القول لم يكن ينقصنا سوى شعار “حسّيتوا”، ونحن الذين نشعر بكل الوجع ونعيش كل المصاعب، ولا يحس بنا أحد.

بات الناس يطمئنون على بعضهم، ونشكر الله أن الناس طيبون سألوا عن أحوال بعضهم البعض، لكن ما فاجأهم من دون أن يصدمهم أن ما من مسؤول حاول ولو بكلمة أن يطمئنهم أو يطمئن على الأقل على أوضاع بيوتهم! وكيف سيهتم وهو أصلاً قبل الزلزال والهزات، ومع كل ما يمر به البلد من أزمات واحدة تلو الأخرى، لم يفكر حتى في إيجاد حل على الأقل للدواء مثلاً أو للغذاء كمثلٍ آخر، قبل أن يضع اقتراحات حلول للاستحقاقات الكبرى؟

البلاد الى المزيد والمزيد من التفلت على الصعد كافة، الدولار لا سقف له، التضخم أيضاً، السلع الغذائية بالدولار ولا أحد يعرف على أي تسعيرة، الدواء بالدولار إن وُجد، الكل يحاسبنا بالدولار من يخطر على بالك ومن لا يخطر، واليكم أمثلة على ذلك: صالونات الحلاقة، تقليم الأظافر، محال الحلويات(patisserie) وغيرهم كثيرون في كل المجالات.

هذه حقيقة ما يحصل في لبنان، وزد على ذلك أن هناك طبقة من الشعب اللبناني مدخولها بالليرة اللبنانية وهي طبعاً من موظفي الدولة في وزارات ومؤسسات عسكرية، والمطلوب منهم أن يتعاملوا مع هذه الظروف ومع ارتفاع الدولار بصورة طبيعية كما لو أنه ليس على المسؤولين أي دور تجاههم إما لتحسين ظروفهم المعيشية أو التحرك لايجاد الحلول.

ما من تحرك أفضى حتى الآن الى أي نتيجة، والفوضى والتفلت في أوجهما ومن لا يرى هذه الصورة يكون أعمى البصر والبصيرة. فالفوضى أضحت واقعاً ولم تعد توقعات، وترجمت في المصارف واضرابها الذي ستعود عنه اليوم لمدة أسبوع فقط بعد تدخل من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي رفض الرضوخ للقرارت الصادرة عن القاضية غادة عون، وهنا الفوضى الأكبر، فوضى القضاء وما تثيره عون في الشق المالي ويدخل القضائي بالسياسي وما يثيره غيرها في ملف انفجار ٤ آب.

بالمبدأ ستجتمع حكومة تصريف الأعمال وعلى جدول أعمالها ثمانية بنود أهمها الأساتذة، اذ أن هذا الموضوع من ضمن الفوضى التي يمكنها أن تطير عاماً دراسياً إذا لم يحل، الأساتذة على موقفهم يريدون تحقيق مطالبهم، المسؤولون يماطلون في الحل محاولين الترقيع، والتلامذة في بيوتهم ينتظرون فتح المدرسة.

ويبقى الاستحقاق الكبير وهو انتخاب رئيس للجمهورية والذي لم يسجل أي جديد على خطه، وبقي الجمود سيد الموقف مع بقاء القوى السياسية والكتل النيابية كل على موقفه.

وفي هذا السياق، قالت مصادر إن رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يدعو الى جلسة لانتخاب الرئيس قبل أن يتلمس أجواء ايجابية من كل الأطراف، ولن يقبل بعقد جلسات تكون كسابقاتها لا تنتج رئيساً.

هكذا ومن خلال هذه الصورة نستطيع الاستنتاج أن الناس في واد والمسؤولين في واد آخر، والبلاد اذا ما استمرت على هذه الحال فإنها بالتأكيد ستتخطى الفوضى والتفلت.

الزلازال والهزات علمتنا شعاراً كان يجب أن نستخدمه كلبنانيين في وجه المسؤولين ونقول لهم: “حسّيتوا فينا وبوجعنا أو بعد؟”.

شارك المقال