الأم بين الحقوق والواجبات

السيد محمد علي الحسيني

تحظى الأم بمكانة خاصة في مختلف المجتمعات، لما لها من دور تلعبه في تربية النشء، كما ينظر إليها الإسلام نظرة مميزة، فهي التي تلد وتحضن وتسهر على تربية أولادها فتقوم عليها بذلك مسؤولية كبيرة، وقد أكد الرسول (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) على مكانة الأم في الحديث الشريف الذي يروي قصة رجل جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) يسأله: “من أحق الناس بصحابتي يا رسول الله؟”، قال: “أمك”، قال: “ثم من؟”، قال: “أمك”، قال: “ثم من؟”، قال: “أمك”، وهذا الحديث يؤكد اهتمام الإسلام بالأم وبرها وتبجيلها.

الأم المربية والمعلمة الأولى

إن الأمومة شعور فطري عظيم، يجعل المرأة تقوم بممارسة هذه الفطرة بتلقائية ومحبة، ولكنها أيضاً مسؤولية كبيرة، لأنها تتعلق بتنشئة وتربية أطفال سيكونون جيل المستقبل، لذلك لا يقتصر مفهوم الأمومة على العطف والحنان، إنما يقوم على تدبير وتقدير أساليب التربية التي تتلاءم مع كل جيل وفي كل عصر، ومن هنا فإن عليها أن تعي قول الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) عندما قال: “لا تربوا أولادكم كما ربّاكم آباؤكم فإنهم خُلقوا لزمان غير زمانكم”. فالأم أمام مختلف التحديات الراهنة ينبغي عليها أن تتعرف على المنهج السليم والصحي الذي تتبعه لتنجح في العملية التربوية باعتبارها المربية والمدرسة الأولى.

بعد تضحياتها… الوفاء للأم واجب

إن الأم عندما تقضي وقتها في تربية أبنائها فإن ذلك كل ما ترغب به، فهي مصدر الحنان والأمان لهم، وكما قلنا فإنها تقوم بذلك بكل محبة ورغبة، لذلك دعا الإسلام إلى بر الأم والإحسان إليها فقد قال تعالى: “وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ”. فالاهتمام بالأم وبرها هي وصية من الله يجب الالتزام بها، كما أن الله نهى وحذر من عقوق الوالدين وقطيعتهما، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم): “إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: ‌عُقُوقَ ‌الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ”. ومن هنا يتبين لنا المقام الكريم الذي جعله الله للأم هذه الانسانة العظيمة التي بها تقوم المجتمعات والأمم بل إن البيت من دونها جسد بلا روح وأرض بلا نهار، فنسأل الله أن نكون من البررة لأمهاتنا لنظفر برضاهن ورضا مولانا أرحم الراحمين، “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”.

شارك المقال