شعب لبنان “غير سعيد”… مع ازدياد مستوى الفقر والبطالة

آية المصري
آية المصري

حلّ لبنان في المرتبة ما قبل الأخيرة من أصل 137 دولة في العالم في التصنيف السنوي للسعادة الصادر عن الأمم المتحدة، والشعب اللبناني لم يكن بحاجة الى هذا التصنيف ليتأكد أنه غير سعيد نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية المزرية التي أوصلته الى هذه المرحلة التي من الصعب تخطيها خصوصاً في ظل ارتفاع نسب الانتحار والكآبة في البلد.

وجاءت فنلندا للسنة السادسة على التوالي في المركز الأول وتلتها الدنمارك، فيما لا يزال لبنان وأفغانستان الأكثر تعاسة بحلولهما في المرتبتين 136 و137. والسعادة ناتجة عن الوصول الى درجة رضا الفرد عن حياته أو جودتها، وينتج عنها احساس متكرر من الانفعالات والمشاعر السارة والتي تعكس الكثير من الفرح والبهجة والانشراح، اما كل ما يرتبط بالتعاسة فناتج عن الظروف المحيطة بالفرد والتي تنعكس عليه سلباً. فهل الوضع الاقتصادي والمعيشي أساس هذه المرتبة المتدنية؟ وكيف يفسر علماء النفس والاقتصاد هذه الظاهرة؟ وماذا عن إنعكساتها؟

علاء الدين: السعادة حالة نسبية

أشارت الأستاذة في قسم علم النفس في جامعة بيروت العربية الدكتورة هلغا علاء الدين في حديث عبر موقع “لبنان الكبير” الى أن “مؤشرات السعادة تنحدر بصورة كبيرة عند الشعب اللبناني وبالتالي احتل لبنان المركز ما قبل الأخير”، موضحة أن “السعادة ليست حالة شخصية أو فردية أو نفسية وحسب، بل حالة نسبية مرتبطة بالكثير من العوامل الاجتماعية، الاقتصادية، الشخصية والمهنية المتعلقة بالكثير من الأبعاد التي تسمى معنى الحياة والوجود لكل انسان يبنيها لنفسه”.

وأكدت أن “معنى الوجود مرتبط كثيراً بمعنى الوطن، وحتى في لبنان ليس لدينا مفهوم الانتماء أو المواطنة انما باتت لدينا تراكمات من الأحداث بدأت من العام 2005 وصولاً الى العام 2019 عندما بدأت بوادر الأزمة الاقتصادية تتكشف وهذا ارتبط بالكثير من مشاعر القلق والخوف وعدم الطمأنينة وعدم الوضوح والاستقرار”، لافتة الى أن “الشعب اللبناني خلال الفترة التي كان فيها غير مدرك لما يحدث معه ومع أمواله، لم يعد مدركاً مصير مستقبله والليرة بدأت بمرحلة الانهيار الكبير وارتفعت الأسعار وغابت فرص العمل ما ساهم في زيادة مستويات الفقر وغياب الأمن النفسي والاجتماعي، بحيث أصبحت التساؤلات تدور حول مستقبل هذا الشباب والعاملين بالاضافة الى فقدان أحلامهم وتغيير نوعية حياة فئة كبيرة من الناس نحو الأسوأ”.

واعتبرت علاء الدين أن “إنفجار مرفأ بيروت كان العامل المفجر لكل الأزمات لدى الشعب اللبناني خصوصاً بما حمل معه من مضامين، والصدمة على المستوى الشخصي والاجتماعي والوطني أخذت معها ما تبقى من الشعور بالأمن الاجتماعي والاقتصادي والنفسي اضافة الى مشاعر كثيرة من الحزن، الضيق، الغضب والاحباط، من فقدان الامل واليأس والتشاؤم وعدم الرضا والخوف وبالتالي كل هذه المشاعر السلبية نزعت مكونات السعادة القائمة على التفاؤل والرضا والاقبال على الحياة والنشاط بكل مضامينها الاجتماعية والنفسية والمهنية”.

وقالت: “مع غياب كل هذه المقومات الأساسية للشعور بحياة هانئة وبتحقيق الذات والتوافق مع النفس والآخرين، وفي ظل فقدان المستقبل والأمل ومصادر القوة بات الشعور بالعجز والفشل والانهيار المهيمن الأساس ولا شك في أن الشعب اللبناني تحوّل الى شعب غير سعيد حتى لو أكمل حياته بأشكال مزيفة من السعادة”.

مبدأ السعادة مرتبط بدخل الفرد

وشددت مصادر إقتصادية على أن “مبدأ السعادة مرتبط بصورة رئيسة بمستوى دخل الفرد، وطالما أن الدخل في لبنان متدنٍ وفي ظل غياب القدرة الشرائية لم تعد لدينا الأموال اللازمة التي تسمح لنا بالقيام بما يجعلنا سعداء كالترفيه عن النفس والسفر خارج البلاد أو شراء المنتجات التي نحبها”، مشيرةً الى أن “الناتج المحلي متدنٍ وينعكس سلباً على مؤشر السعادة خصوصاً وأنه ليس لدينا المال الكافي ليجعلنا راضين عن أنفسنا وسعداء، بالاضافة الى زيادة مستوى الفقر والبطالة والتي سمحت لهذا المؤشر بالانخفاض”.

شارك المقال