مساندة الأهل لجريمة الشرف… العذر مخفف والحق العام لا يسقط

تالا الحريري

أقل ما يقال عن لبنان إنّه بات شريعة غاب… في الماضي، كان مستغرباً حدوث جريمة قتل ولا سيما إذا ارتكبها القاتل بأحد أقربائه، أما اليوم فباتت هذه الجرائم في سياق مسلسل مستمر، منها بهدف السرقة ومنها بهدف الاغتصاب، أو بسبب مشكلة على ركن سيارة أو أفضلية المرور، ومنها بسبب العنف أو ما يعرف بـ “جريمة الشرف”، والأغرب من ذلك أنّ هناك من يشجع على هذه الجرائم، فلا يقف في وجه القاتل بل إلى جانبه، يسانده ويشجعه فيما الدولة غائبة.

في الساعات الماضية ضجت المواقع والسوشيال ميديا بخبر مقتل زينب زعيتر البالغة من العمر 26 عاماً على يد زوجها حسن موسى زعيتر البالغ من العمر 27 عاماً بـ10 رصاصات تحت ما يسمى بـ “جريمة شرف” لأسباب لم يتم التأكد من مصداقيتها، منها كما يقال الخيانة أو نشر القتيلة صورة من دون حجاب. وما أثار حفيظة كثيرين، انتشار تسجيل فيديو لشقيق الضحية وهو يساند الزوج وينهيان الجدال عن وجود خلاف بينهما، قائلاً: “لو لم يفعلها (أي قتل زينب) لكنت أنا فعلتها”، بينما كانت الناس تهنئهما على هذا الانجاز بقولها: “بارك الله بالشباب الطيبة”.

حسب النصوص القانونية، علّقت المستشارة القانونية والناشطة في مجال حقوق الانسان غادة نقولا لـ”لبنان الكبير” على ما حصل بالقول: “إن الجرائم التي ترتكب إتقاءً للعار أو دفاعاً عن العرض أو الشرف أو العائلة، هي الجرائم التي اصطلح على تسميتها بجرائم الشرف، التي يرتكبها شخص فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة الزنى المشهود أو التلبّس بالمواقعة أو الجماع غير المشروع أو في حالة مريبة مع آخر. وقد نصّت القوانين العربية في معظمها على أحكام خاصة بجرائم الشرف، منها ما يعفي الفاعل من العقاب (عذر محلّ) ومنها ما يعطيه عذراً مخففاً”.

أضافت: “تناولت جرائم الشرف المادة 562 من قانون العقوبات اللبناني التي كانت تسمح لمرتكب هذا الجرم بالاستفادة من العذر المحلّ من العقاب؛ أي تعفي من العقاب كل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنى المشهود أو في حالة الجماع غير المشروع، فأقدم على قتل أحدهما أو إيذائه بغير عمد، بينما يستفيد مرتكب القتل من العذر المخفـف إذا فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة مريبـة مع آخر. إلا أنه بموجب القانون الرقم 7/99 الصادر بتاريخ 20/2/1999 أُلغيت المادة 562 واستعيض عنها بالنص الآتي: يستفيد من العذر المخفّف من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة الزنى المشهود أو في حالة الجماع غير المشروع فأقدم على قتل أحدهما أو إيذائه بغير عمد، بحيث تناول التعديل العذر المحلّ ليصبح عذراً مخفّفاً إضافة الى إلغاء الفقرة الثانية من المادة 562 القديمة”.

وشددت نقولا على الدور الكبير للجمعيات للتدخل في هذه الجرائم، موضحة أن “الأهل، بالنسبة الى جرائم كهذه، يكونون عادة متسامحين أو خائفين من التحدث بهذه الجريمة لكن يبقى هناك ما يسمى بالحق العام حتى لو أسقط الأهل الدعوى لأن هذه جريمة قتل. وتعمل الجمعيات على هذا الموضوع حتى تتحرك المحاكمة وتبقى الدعوى مستمرة”.

وأشارت الى أنّ “الأهل في بعض المناطق، يكونون عنصراً داعماً لجرائم الشرف ويساندون القاتل باعتبار أنّه غسل العار، لكن في غالبية الأوقات القضية لا تكون كما يصنّفونها أي جريمة شرف، بل يطلقون عليها هذه التسمية حتى يخلقوا أعذاراً مخففة أو حتى يعفى القاتل من الجريمة لأن تنازل الأهل عن الحق يخفف الحكم عن القاتل، لكن القانون عُدّل ولم يعد العذر يطبّق إلا اذا كان هناك عنصر مفاجأة وهذا يحتاج الى الكثير من الاثباتات”.

شارك المقال