أزمة البنزين تهدد قوت سائقي التاكسي

آية المصري
آية المصري

“الله يسامحها الوالدة، لم تسمح لي بتحقيق أحلامي وقفت عقبة في طريقي عندما قررت مغادرة لبنان والهجرة للعمل بالخارج، حينها قالت لي يا ماما انت ولدي الوحيد كيف بدك تسافر وتتركني؟

وجواباً على سؤالها، يقول محمد سائق التاكسي “لم أتجرأ على التقدم بخطوة من أجل بناء مستقبل مختلف خارج هذا الجحيم الذي نعيش فيه، وأبكتني عندما تساءلت ماذا لو غادرت الحياة وأنت بعيد عني؟ واذا أصابنا مكروه كيف ستعلم؟. ومنذ ذلك الوقت وأنا أعمل سائق تاكسي”.

محمد تأقلم مع الوضع فيما سبق، “كنا نعمل ونصرف بطريقة جيدة، أما اليوم في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لم يعد بإمكاننا الحصول على ما كنا نحصل عليه من قبل”.

متأففاً من الوضع المهيمن عليه يصف نهاره، بالقول: “منذ الصباح الباكر أغادر المنزل وأقف ساعتين على الأقل في الطابور للحصول على البنزين، فقط أقوم بتعبئة وقود بعشرين ألف وأقل زحمة سير تتجاوز هذه الكلفة. عشرون ساعة عمل في اليوم والمدخول خجول جداً لا نستطيع الاستمرار بهذه الوتيرة، فمصدر رزقنا غير موجود نموت ألف مرة للحصول عليه”.

معاناة محمد تعبر بوضوح عن الواقع الذي يُعاني منه معظم سائقي سيارات الأجرة العمومية في لبنان، وسط تصاعد أزمة المحروقات واحتكارها من قبل التجار الذين يفضلون تهريبها إلى خارج الحدود ليحققوا أرباحا عالية علماً أن الدعم يدفع من جيوب اللبنانيين.

سائقو هذه السيارات يعيشون حالة مأسوية، ويتساءلون ما هو مصيرهم في حال انقطع البنزين نهائياً ولم يعد بإمكانهم التجول في سياراتهم لاصطياد زبون من هنا أو هناك، علماً أن مصروف البنزين يزداد في ظل زحمة السير الخانقة، ويتساءل هؤلاء عن موقف الجهات المعنية وعجزها عن إيجاد حلول جذرية لهذه الفئات التي تعمل باللحم الحي؟

تصوير حسام شبارو

فياض: البنزين المدعوم سيخصص لنا

في هذا السياق، أوضح رئيس نقابة السيارات العمومية مروان فياض لــ”لبنان الكبير”، أن “هناك العديد من محطات الوقود رفضت تخصيص صف للسيارات العمومية حتى لا يتم الانتظار لساعات طويلة، وهذا ظلم بحقنا لانه يطال مصدر رزقنا الوحيد. كما أن المفاوضات ما زالت مستمرة للسماح لسائق التاكسي بتعبئة خزان السيارة كما يريد وليس حصره بعشرين ألف ليرة فقط، ولقد بدأت شركة كورال بالتعبئة في بيروت ولكن لا نعلم مدى مصداقيتهم وسنبقى على تواصل لمعرفة الإجراءات التي ستُتخذ في القريب العاجل”.

وبرأيه أن “جشع أصحاب المحطات هو السبب ولا وصف له، فهم يستغلون سائقي السيارات العمومية من خلال دفع خوة عبارة عن عشرة ألاف أو أكثر كي يتمكنوا من تعئبة السيارة. والعمال الأجانب الموجودون في المحطات يستغلون الشعب بشكل واضح وعلني، لا رقابة من الدولة وهي عاجزة عن القيام بدورها”.

واتهم فياض عضو نقابة المحطات في لبنان جورج براكس “انه لا يوزع المحروقات على عكس ما يدعيه، فكلامه كذب، احتيال ونفاق على الشعب اللبناني، ونحن نعلم أنه في حال تم رفع الدعم عن المحروقات سيكون هناك بنزين مدعوم ومخصص لسائقي العموميين بحسب ما وعدنا به رئيس لجنة النقل والاشغال العامة”.

تصوير حسام شبارو

سائقو التاكسي: جريمة بحقنا

شدد سائقو السيارات العمومية على أن ما يحصل اليوم جريمة بحقهم، فليس من حق محطات الوقود معاملتهم هكذا، فالبنزين مورد رزقهم الوحيد، ومن دونه هم عاجزون عن تأمين الحاجات لذويهم.

وشرح أحمد سائق تاكسي: “أنا أعمل بحسب ما أملك من البنزين، وقبل نفاده أعود الى المنزل. طبعاً المدخول قليل جداً ولا يكفي لشراء احتياجات المنزل لكن العين بصيرة واليد قصيرة، لا يمكنني القيام بأكثر من ذلك”.

وأعربت سائقة تاكسي تدعى عليا عن حزنها لما وصلنا إليه، “فبسبب هذه الانهيارات أجبرت للنزول وتقاسم ساعات العمل بين زوجها، فعشر ساعات عمل لا تؤمن شيئاً”.

من جهته، أوضح ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا لنا أن “شركة كورال قامت بتخصيص فرع الروشة لسائقي السيارات العمومية وهذه وقفة تُشكر عليها، فهي الى جانب السائقين وتدعمهم”. متمنياً أن “تتشجع المحطات الأخرى وتقوم بمثل هذه المبادرات لإنقاذ واقع السيارات العمومية”.

أزمة البنزين أتت لإضافة مشكلة جديدة على أصحاب السيارات العمومية، فارتفاع سعر الدولار تسبب بارتفاع أدوات غيار السيارة والصيانة من الدواليب إلى فحوصات الميكانيك الضرورية، واليوم جاءت أزمة البنزين لتزيد الطين بلة، وتطرح الأسئلة حول سبل مواجهة الواقع المرير وتخطي الأزمات المتلاحقة. والسؤال يبقى ماذا لو رُفع الدعم عن البنزين؟ كم سيبلغ سعر التعرفة الجديدة؟ وهل سيكون بمقدور اللبنانيين ركوب “السرفيس” أم الجلوس في منازلهم وانتظار نهاية العهد لعل العهد الجديد يفتح نافذة أمل لهم؟

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً