نساء قيد الأمومة… ضغوط نفسية وخوف من المستقبل

جنى غلاييني

“حتّى خلفة الولد حرمونا منها”… صرخة مؤلمة من نساءٍ على وشك حصولهنّ على لقب “الأم” كدن يُحرمن من أقل حقوقهنّ الإنسانية في بلد بات العيش فيه لمن يرضى بالذل.

معاناة النساء الحوامل في لبنان تتزايد والضغوط النفسية كبيرة يتعرضن لها من جراء مواجهة حقائق لم تكن لتخطر على بال، وتتسبب لهن بالقلق على المستقبل، وهن يكتشفن يومياً وشهراً بعد شهر أن فرحتهن بالمولود الجديد ينغّصها واقع الغلاء المستشري وانعدام مقومات أساسية لـتأمين ما يلزم لإعطاء أبناء الحياة الجدد أمل العيش بسلام وصحة جيدة.

ويحذر الأطباء من خطر يهدد صحة الحوامل من جرّاء عدم تمكنهنّ من تأمين كل احتياجات ومتطلّبات الطفل الذي من سوء حظّه سيولد في أرض لبنان، وهذا ما يجعلهن في مواجهة صعبة في ظل الظروف التي يمر بها البلد. فهنّ يكافحن في سبيل مجيء مولودهن بخير وسلامة، لكن الهم لا ينتهي عند هذا الأمر فتأمين مستلزمات الطفل أمر يتطلب مبالغ كبيرة لا قدرة للعائلات المتوسطة والفقيرة على توفيرها حتى الضرورية منها مثل الحليب والأدوية والمراهم وصولاً إلى الحفاضات الطبية.

الأسعار نار

في ظل ارتفاع الدولار الجنوني مقابل انهيار العملة الوطنية، تقول السيدة منال (ربّة منزل) الحامل في شهرها السادس لـــ “لبنان الكبير”: “الأسعار نار ما يجعلني أواجه صعوبة كبيرة في شرائي جهاز طفلي، وبذلك أضطر إلى الاستغناء عن الكثير من المستلزمات التي سيحتاج إليها، وسأقوم بمفاضلة لشراء بعض الحاجات الضرورية ولن أقوم بشراء غرفة نوم كاملة التي وصل سعرها إلى حوالي 15 مليون ليرة”.

وفي حال عدم توافر حليب حديثي الولادة في الأسواق تقول: “علبة الحليب إمّا يكون سعرها مرتفعاً أو مقطوعة، لذا أسعى من الآن قبل ولادة طفلي إلى تموين الحليب المطلوب وإلاّ سأضطر إلى الترضيع لفترة أطول”.

كما وتعاني السيدة لينا (طبيبة أسنان) الحامل في شهرها الثامن من عدم قدرتها على تأمين لوازم الطفل الأساسيّة، إذ تفيدنا: “مدخولي أنا وزوجي ليس كافياً لتأمين احتياجات طفلنا المنتظر الذي لن يرى خيراً في بلدٍ لن يشعر بأنه وطنه حتّى، إذ لا أرغب بالبقاء في لبنان بعد ولادة طفلي، ولهذا السبب أتحمل القهر الذي نمرّ به منتظرةً الفيزا التي أستمد منها الأمل، كل ما أريده هو الهجرة والعمل في بلد يُحترم فيه المواطن”.

وتقول بحرقة: “على ما يبدو إذا استمرّ الوضع على هذا الحال سأضطّر إلى الدّين وخصوصاّ في حال ظهور مضاعفات معينة لدى طفلي أو في حال الولادة المبكرة إذ سيوضع الطفل في “couveuse” لمدّى ليلة كاملة في المستشفى ما يتطلّب دفع مبلغ كبير من المال مع لفت نظرٍ أنني لست مضمونة صحيّاً”.

ويفيدنا الدكتور أحمد عرفات اخصّائي أمراض النّساء والتّوليد عن نسبة ارتياد النساء الحوامل للمعاينة الشهريّة: “عدد النساء الحوامل اللّواتي يلجأن للمعاينة الشهرية ضئيل جدّاً اليوم، وهناك نساء يقمن بتخطّي المواعيد اللّازمة إمّا لظروف ماديّة أو لأسباب أُخرى”.

ويوضّح “أنّ النساء الحوامل في الوقت الراهن لا زلن قادرات على تحمّل تكلفة ولادتهنّ في المستشفيات وذلك بسبب وجود ضمان أو تأمين صحّي يغطّيان عملية التوليد، ولكن في حال غيابهما، فمعظم النساء يلجأن إلى “الدّاية”.

ويشير الدكتور عرفات إلى “وجود نقص واضحٌ في أدوات عملية التوليد في حال الولادة القيصريّة، ولهذا السبب يلجأ أطباء قسم التوليد للاقتصاد في تلك الأدوات التي يمكن أن تنفذ في أي وقت من دون وجود أي بديل لها”.

وعن أجور أطباء قسم التوليد في ظل الأوضاع الحالية، يضيف: “إنّ رواتب الأطباء لازالت كما هي رغم ارتفاع الأسعار الكارثي الذي خلّفه انهيار الليرة اللبنانية، ما يعني أنّنا كأطباء نمرّ بمرحلة من المراحل نضطرّ لعدم حصولنا على أجرتنا المادية المستحقّة”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً