مفهوم العمل في الاسلام

السيد محمد علي الحسيني

يعتبر الاسلام العمل من الأمور المقدسة ويوليه أهمية خاصة ولا سيما ونحن نعلم أن الأنبياء جميعا کانوا يمارسون أعمالا مختلفة إذ کان موسى”ع” راعيا، وعيسى”ع” نجارا، ومحمد “صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم” تاجرا، وکأن الله سبحانه وتعالى يريد أن يلفت أنظار البشرية إلى أن الأنبياء قد انطلقوا من بين تلك الشرائح الإجتماعية التي کانت تمارس المهن والأعمال وفي ذلك أکثر من عبرة ومعنى.

يقول الله سبحانه وتعالى في محکم کتابه الکريم: “وقل اعملوا فسيرى الله عملکم ورسوله والمٶمنون”، وإن الدعوة للعمل وجعله المنطلق الأساسي وفق المنظور الإسلامي يبيّن ما للعمل من قيمة فائقة خصوصا عندما يتم تنبيه الإنسان إلى أن عمله يخضع لمتابعة من الله تعالى والرسول الاکرم “صلى الله علیه وآله وصحبه وسلم” والمٶمنين.

وقد جاء في الحديث الشريف أن النبي “صلى الله علیه وآله وصحبه وسلم”، سئل: أي الکسب أطيب؟ قال: (عمل الرجل بيده، وکل بيع مبرور)، کما جاء أيضا في الحديث الشريف: (ما أکل أحد طعاما قط خيرا من أن يأکل من عمل يده).

العمل الذي له دور حيوي وحساس في بناء وتقويم شخصية الإنسان ولا سيما من حيث جعله يعتمد على نفسه ويقوم بإعالة وضمان معيشة عائلته أو من في عهدته، والعمل کما هو معلوم يعطي للإنسان عزة نفس وقناعة وثقة واعتبار في الوسط الإجتماعي وقد تجسدت هذه الحقيقة فيما ورد عن الرسول الاکرم “صلى الله علیه وآله وصحبه وسلم”: “لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا فيسأله، أعطاه أو منعه”، وهذا ما يوضح ويفسر قول الرسول “صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم”: (لا يحل لمؤمن أن يذل نفسه)، ومن هنا فإن الإسلام يسعى لإفهام الإنسان بأن عمله يقوّم وينمي شخصيته ويمنحها قوة واعتبارا لا يمکن أبدا الحصول عليها من دون العمل.

أهمية العمل وقدسيته، تتجلى وتتوضح أکثر فيما يروى أن الرسول الاکرم “صلى الله علیه وآله وصحبه وسلم”، رأى رجلا اتخذ رکنا من المسجد وواظب فيه على الصلاة والدعاء بصورة مستمرة، ولما سأل عن عمله قالوا إنه منصرف للعبادة وإن زوجته وأطفاله يعتاشون بواسطة أخيه الذي لا يذکر بخير، فقال الرسول الاکرم “ص” أن أخوه أفضل منه عند الله.

من هنا، فإن للعمل قدسية خاصة لأنه وکما يربي الدين المحتوى والجانب الروحي من الإنسان ويقوم بتهذيبه وتقويمه، فإن للعمل دور في تقويم بنائه وتکوينه الفيزيولوجي من جانب ويمنح قوة وثقة وإعتبارا أکثر للجانب الروحي.

ليس صحيحا ولا من الواقع بشيء ما يراه البعض من أن الاسلام لا يهتم بالعمل ويحث عليه وإنه يبعث على الکسل والخمول والمساجد، وإن ما قد أوردناه آنفا يثبت ويٶکد إهتمام الاسلام بالعمل وإيلائه أهمية إستثنائية.

شارك المقال