ظاهرة الخطف تزرع الرعب شمالاً!

إسراء ديب
إسراء ديب

صُدم الطرابلسيون والشماليون بخبر تعرّض المحامي طارق شندب لعملية اختطاف علنية في وضح النهار في منطقة الضمّ والفرز – طرابلس، الأمر الذي أحدث ضجّة كبيرة أكّدت أنّ الوضع الأمني في البلاد بات “على كف عفريت” في ظلّ غياب الاستراتيجيات الأمنية والعسكرية المطلوبة لفرض الأمن والاستقرار، كما غياب الرادع الذي يُخيف الخاطفين ويُعرقل فعلهم خشية العقاب.

صحيح أنّ هذا المحامي (الذي كان أعلن مجلس نقابة المحامين في طرابلس برئاسة النقيب محمد المراد عام 2021، شطب قيده من جدول المحامين العامين “واعتبار قرار الشطب معجل التنفيذ واستئنافه لا يوقف التنفيذ”)، كان قد أفرج عنه بعد ساعات على خطفه عند مفترق كلّية الصحة العامة التابعة لـ “الجامعة اللبنانية” ـــ الفرع الثالث، لكنّ هذا الأسلوب الذي بات منتشراً لاسترداد الحقوق مع غياب تطبيق القانون، يُنذر بمشهد أمنيّ قاتم لا يغفل عنه أحد، كما يُحذّر من الأفراد كما الجماعات التي لا تخشى قانوناً ولا تخضع لأيّ عرف اجتماعي تقليديّ يحدّ من تحرّكاتها البعيدة كلّ البعد عن المدنية والمواطنة مهما اختلفت الظروف أو الدوافع.

في الواقع، لم يتخطَ الطرابلسيون بعد خبر اختطاف ومقتل الشيخ أحمد شعيب الرفاعي الذي استدرج بطريقة “ثعبانية” إلى المدينة، ليكون شندب شخصية مختطفة جديدة لم يتمّ استدراجها، إذْ تُؤكّد المعطيات أنّ “المحامي الذي يعيش أساساً في تركيا منذ عامين، عاد قبل أسبوعين تقريباً إلى لبنان وهو يعيش في الضم والفرز وكان برفقة أحد الأشخاص في المنطقة، وبعد خروجهما لأداء فريضة الصلاة، سمع صوت إطلاق رصاص، فتفرّقت الشخصيتان وخطف ملثمون شندب”.

وفي التفاصيل، قام أحد المحامين في المدينة بالاتصال به بعد انتشار معلومات تُفيد عن اختطافه في المنطقة لكنّه لم يجب، وبعد مرور ساعة تقريباً أكّد المقرّبون منه كما من كان برفقته، خبر اختطافه وقيل مباشرة إنّ الاختطاف كان لأسباب شخصية وعائلية لا سياسية، خصوصاً في ظلّ تهجّمه المستمرّ على سياسة “حزب الله” من جهة أو النظام السوري من جهة ثانية، الأمر الذي دفع البعض إلى الحديث عن صبغة سياسية لعملية الاختطاف مع تقديم سيناريوهات مختلفة اختلفت معها الأحداث.

وكانت المعلومات تضاربت حول عملية الاختطاف هذه، بحيث أشارت المعطيات إلى أنّها “تمّت بمشاركة 6 أفراد ضربوا شندب ووضعوه في إحدى السيارتين المفيمتين تحت تهديد السلاح وانتقلوا به إلى جهة مجهولة”. كما أفادت معلومات بأنّ المحامي نقل إلى المستشفى الاسلامي بعد احتمال تعرّضه لاعتداء، لكن سرعان ما تمّ نفي ذلك سريعاً.

وأكد مصدر قانوني لـ “لبنان الكبير” أنّ على شندب شكاوى عدّة ضده لا تُعدّ ولا تُحصى ضدّه، وقال: “وصلتنا معلومات تُشير إلى أنّ شندب كان تسلم مبلغاً يصل إلى 40 ألف دولار من شخص في مشمش العكارية مقابل إطلاق شخص محجوز لدى الجيش السوري الحرّ، إلا أنّ المحامي لم يستطع إطلاق سراحه ولم يُعد المال الذي تقاضاه، مع العلم أنّه كان ملاحقاً بدعاوى مختلفة مسبقاً ولم يكن يحضر جلسات عدّة أوكل بها…”. ولفت إلى أنّ الحديث عن نية سياسية لعملية الخطف غير منطقية على الاطلاق.

وفق المعلومات فإنّ شندب “كان مستقراً في تركيا بعد مذكرة توقيف كان قد أوقف تنفيذها منذ فترة ما يُوضح عودته إلى البلاد بعد هذه المرحلة التي طالته فيها ملاحقات نقابة المحامين له، ليقوم شخص يُدعى م. و. ض من بلدة مشمش العكارية باختطافه مع آخر، لرغبته في الانتقام منه وتهديده ووضعه أمام الأمر الواقع بعد خلاف مالي لم يكن هو الأوّل من نوعه مع موكلّيه، لا لتسليمه الى النظام أو الفرقة الرابعة كما يُشاع”، وذلك وفق المعلومات التي أكّدت أنّ تدخل وجهاء مشمش والمنطقة هو ما أفرج عنه.

كما كانت انتشرت معلومات (لا يتبنّاها الموقع) أنّ سبب الخلاف عائلي، في ظلّ حديث البعض عن خلافات قائمة مع أخيه مجاهد شندب الذي كان “ملاحقاً من الانتربول الأسترالي بجرائم احتيال وتبييض أموال وعاد إلى لبنان وطلب الانتساب إلى نقابة المحامين في عهد النقيب المراد حينها، في وقتٍ يُقال إنّ مجاهد كان يُلاحق بالجرم عينه أمام قاضي التحقيق في الشمال، وفي جلسة تمّت منذ ساعات وكان من المقرّر فيها أن يُقسم عدد من المحامين الذين انتسبوا أخيراً إلى النقابة اليمين أمام محكمة الاستئناف في الشمال، قيل انّ رئيسة المحكمة ثنية السبع طلبت من مجاهد شندب الخروج من القاعة لعدم قبول يمينه نظراً الى وجود دعوى إبطال لقرار انتسابه الى النقابة بسبب أفعال جرمية”، في وقتٍ أشارت معطيات إلى “احتمال نشر أخيه طارق هذا الخبر الذي كان قد سرّب على صفحات اجتماعية قبل خطفه بيوم واحد لاحتمال وجود خلاف بينهما”.

عموماً، إنّ ظاهرة الخطف لا تقتصر على شخصيات عامّة في طرابلس والشمال، إذْ يذكر عدد لا يُستهان به من أهالي الموقوفين أنّ “أبناءهم كانوا قد تعرّضوا للخطف من الأمنيين أو العناصر الأمنية قبل معرفتهم بمصيرهم أو بمكان توقيفهم فيما بعد، وقد يستمرّ اختفاؤهم وغيابهم عن السمع أكثر من أسبوع، وذلك في تعدّ أمنيّ واضح على القوانين التي لا تسمح بتنفيذ الملاحقات أو التوقيفات وحتّى المداهمات بهذه الطريقة التي يراها الأهالي خاطفة وكانت تستوجب تبيان الدليل اللازم لتبرير المداهمة مثلاً”، مؤكّدين أنّ بعض العناصر يُشعرونهم بأنّهم يُلاحقون أسامة بن لادن في طرابلس، لا مواطناً عادياً قد يُخطئ ويُصيب وقد يكون بريئاً أيضاً.

 

شارك المقال