كشف التقرير السنوي الأحدث لبرنامج الغذاء العالمي، تَمَحْوُرَ خطّتة الإستراتيجيّة المعدَّة للبنان للفترة الممتدّة ما بين 2023 و2025 حول مقتضيات المحافظة على الاستجابة للأزمة القائمة وسبل تأمين المساعدات اللازمة عبر شبكات الأمان الإجتماعي، بعدما رُصدت زياداتٌ مضاعَفة خلال العام الماضي في أرقام عدد الأُسَر اللبنانيّة المحتاجة والتي تتلقّى مساعدات من خلال الشبكات الإجتماعيّة المحليّة.
ومع التركيز على استمرار منحى مؤشر مستويات الفقر بالارتفاع، أشار التقرير إلى أنّ لبنان قد أُعيدَ تصنيفه من بلد ذات فئة دخل متوسّط أعلى إلى بلد ذات فئة دخل متوسّط أدنى، بتأثيرٍ من ضغوط تَراجُع القدرة الشرائيّة للسكّان بسبب تضخُّم الأسعار ومستويات البطالة المرتفعة.
وأكد البرنامج الاستمرارَ في زيادة الدعم التقنيّ للحكومة في نطاق المساعدات الاجتماعيّة، كخدمات التحاويل النقديّة لتطبيق متطلّبات شبكة الأمان الإجتماعي في حالات الطوارئ، مبيّناً في هذا الإطار أنّ عدد الأُسَر اللبنانيّة التي تلقّت مساعدات من خلال شبكات الأمن الإجتماعيّة المحليّة قد زادت بأربعة أضعاف عام 2022 مقارنةً بالعام 2021.
وفي مؤشرٍ بارز يمكن أن يفسر جانباً من التوترات الاجتماعية المتولّدة من استضافة لبنان لأكثر من مليونيْ لاجئ سوري، فقد أظهرت خلاصاتُ برنامج الغذاء العالمي، وحسب تقريرٍ بحثي حول التصنيف المرحلي المتكامل والمتضمّن تحليل الأمن الغذائي للبنان، تَجاوُز عدد اللبنانيين المعرَّضين لمَخاطر الأمن الغذائي أمثالهم من النازحين السوريين.
فمن الناحية العدَدية، بيّنتْ النتائجُ المستقاةُ من التقرير أنّه خلال الفترة الممتدّة ما بين شهريْ تشرين الاول وكانون الاول 2022 سُجِّل وجود نحو 37 في المئة من إجمالي السكّان المقيمين في لبنان يعانون إنعداماً في أمنهم الغذائي. وفي التوزيع فإن 33 في المئة من اللبنانيين المقيمين، أي نحو 1.29 مليون فرد يواجهون مصاعب في أمنهم الغذائي، في موازاة نحو 46 في المئة اللاجئين السوريّين أي ما يوازي نحو 700 ألف فرد (وفق أعدادهم المعلَنة حين إعداد التقرير).
وبالأرقام، برز التنويه بتراكُم زيادات أسعار المواد الغذائيّة وبنسبة تخطّت 2000 في المئة خلال الفترة الممتدّة ما بين شهر تشرين الاول 2019 وشهر كانون الاول 2022 بسبب تراجع سعر صرف الليرة اللبنانيّة مقابل الدولار الأميركي بنسبة 94 في المئة من جهة، ورفع الدعم عن أسعار المواد الغذائيّة خلال العام الماضي من جهة أخرى، فضلاً عن إرتفاع أسعار المواد الغذائيّة وأسعار الطاقة عالميّاً نتيجة الحرب في أوكرانيا.
وفي المعطيات الإحصائية، تلقّى أكثر من مليونيْ مقيم موزَّعين بين 1.2 مليون لاجئ ونحو 820 ألف مواطن مساعدات عينيةً وماليةً من برنامج الغذاء العالمي العام الماضي، من أصلِ تخطيطٍ مسبَق لاستهداف تقديم مساعدات لنحو 2.38 مليوني نسمة. فيما بلغ وزن الطرود الغذائية الموزَّعة نحو 46 ألف طن متري لصالح نحو 467 ألف فرد. وبالتوازي تلقى نحو 1.63 مليون فرد تحويلات نقدية بقيمة إجمالية تعدّت 286 مليون دولار. مع التنويه بأن فئات أعمار الأفراد الذين تلقّوا النِسَب الأكبر من المساعدات راوحت ما بين 18 و59 سنة.
كما كشف التقريرُ أنّ التحليلَ الذي أُجريَ على لبنان يُظْهِرُ أنّ إنعدام الأمن الغذائي مرتفع في أُسَر ذات أفراد يعانون مرضاً مزمناً أو إعاقة أو بطالة، وعدم القدرة على الحصول على خدمات صحيّة أو تعليم.
أمّا بالنسبة للتحويلات النقديّة، فقد نوّه التقرير أنّه وعلى الرغم من أنّ البرنامج قد زاد قيمة هذه التحويلات في ربيع العام الماضي، فإنّ قيمتها الإجماليّة تظل غير كافية للتعويض عن الإرتفاع الكبير في الأسعار وتدهور سعر صرف الليرة اللبنانيّة مقابل الدولار الأميركي من أجل توفير الحدّ الأدنى لمستوى المعيشة.
من منظارٍ آخر، قدّم برنامج الغذاء العالمي حصصاً من المواد الغذائيّة إلى اللبنانيّين الذين يعانون إنعداماً في أمنهم الغذائي نتيجة الأزمة الإقتصاديّة. وبالأرقام، فقد إستفاد نحو 400 الف فرد (51 في المئة إناث و49 في المئة ذكور) من تقديمات البرنامج خلال العام 2022 عبر خطّة البرنامج للإستجابة للأزمة الإقتصاديّة، مما مكّن البرنامج من تحقيق هدفه بمساعدة مئة ألف أسرة.
وقد عدّل برنامج الأمن الغذائي محتوى الطرود الغذائيّة لتلبية الحاجات الغذائيّة بشكلٍ أفضل، مع تأمين عمليّات توزيع تلك الطرود إلى منازل الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصّة أو الذين يعانون مشاكل في التنقّل. ومن جهةٍ أخرى، فقد تمّ رصد أرقام واعدة بين أطفال المدارس في ما خصّ الأمن الغذائي، وهو ما يُفسَّر بنجاح برنامج التغذية المدرسيّة في المساهمة في تغذية الأطفال خلال الأزمة.