أزمة مياه في البقاع… والحق على الكهرباء

راما الجراح

“لا مياه تصل إلينا منذ حوالي شهر”، يقول عمر من بلدة حوش الحريمة، ويصف المعاناة “لم نكن نتوقع أبداً أن تصل الأمور إلى حصول إشكال بيننا كأهل بلدة واحدة بسبب المياه، فمصلحة المياه في البقاع بدأت تقنن لنا حتى المياه، وكأنه لا يكفينا تقنين الكهرباء، وعندما تصل المياه إلى شارع دون آخر يحصل الإشكال بين المواطنين الذين يعتقدون أن المياه عندها تصل إلى جارهم ولا تصل إليهم، يعني أن الأخير هو السبب”، معتبراً “المسألة معقدة، فالمياه هي شريان الحياة فكيف إذا وصلت الأمور إلى حرماننا منه”.

أزمة انقطاع المياه في البقاع أصبحت كقصة إبريق الزيت، لا تواجه إلا بالوعود إن وُجدت، لم تعد تنفع المناشدات لإيجاد حلول، فالبلد على شفير الانهيار، لا المازوت متوفر والكهرباء سلكت طريق التقنين القاسي.

الجراح: لا اعرف كيف سنصمد

في حديث مع عضو مجلس الإدارة في مصلحة مياه البقاع غسان جراح يشرح لــ “لبنان الكبير” واقع الأزمة: “إننا في البقاع لا نعاني من شح في نسبة مياه الشرب وعادة نضخ كميات كبيرة من المياه للقرى من العديد من المصادر، لكن النقص في تغذية المياه اليوم سببه انقطاع التيار الكهربائي، أي عدم توفر كهرباء في محطات توليد الطاقة، والبارحة التقينا بوزير الطاقة وأكد لنا أن هناك شحاً بمادة المازوت أي معامل لتوليد الكهرباء لا يوجد، كما أنه أكد لنا أن هناك باخرة ستصل إلى لبنان لتوليد الكهرباء لكن مادة المازوت لتشغيل المولدات الخاصة غير متوفرة، وهنا تكمن الكارثة الحقيقية، ولا أعلم إلى أي مدى يمكننا الصمود”.

ويوضح: “سعينا من قبل إلى تأمين كهرباء لمحطة شمسين في البقاع ٢٤/٢٤ واليوم بسبب التقنين أردنا الاستعانة بمعمل الكهرباء في بعلبك، والذي يمكنه أن يغذينا بالكهرباء فقط لساعتين ومن جهة أخرى الكهرباء تصل إلينا بنسبة منخفضة جداً عن المطلوب أي أنها تصل بنسبة ٤٣٠ فاز والمطلوب ٤٥٠ فاز، هذه الفروقات لا تعمل على تشغيل المضخة وبالتالي إذا حاولنا تشغيلها تحترق وتتعطل، وهذا نفسه ما حصل في منطقة لوسي في البقاع الغربي”.

أزمة تشغيل المحطات

ويفسر بالقول: “قمنا بتشغل المولدات والمضخات بعدما استطعنا تأمين كهرباء للمحطة، فتعطلت جميع المولدات واتصلنا باليونيسف الذين ساعدونا في الصيانة وقمنا بتشغيل المحطة لمدة ١٠ أيام كانت كافية لاحتراق المولدات مرة أخرى بسبب تقنين الكهرباء والجهات المانحة لم تعد مستعدة لمساعدتنا، وبعد مفاوضات طويلة مع كهرباء لبنان وأشخاص معنيين، توصلنا إلى حل بجمع خط المنارة مع خط لوسي واعتقدنا أننا أنهينا المشكلة، حتى أعلنت كهرباء لبنان خطة التقنين، وقمنا بتأمين حوالي ٣٠٠٠ ليتر من اليونيسيف حتى استطعنا تشغيل المحطات لمدة يومين إضافيين، بالإضافة إلى ٢٠ ألف ليتر مازوت سعت إليها أمن الدولة لإنقاذ المحطات لفترة معينة فقط”.

مشكلة المياه مرتبطة بالكهرباء

ويقول الجراح إنه “عندما تتواجد المياه في المصدر ونقوم بتشغيل المولدات لمدة ساعتين مستحيل أن تصل المياه في هذه الفترة الزمنية لعدد كبير من الناس في الكثير من الأحيان، فنهار الاثنين الماضي استطعت تأمين كهرباء لمصدر مياه شمسين وقمنا بتشغيل المولدات من الساعة ١٢ حتى الساعة ٢ ظهراً وللأسف النسبة الأكبر لم تصل إليهم المياه، ويجب أن يعي الجميع أن المشكلة مرتبطة بالكهرباء فقط، الموضوع ليس سهلاً ونحن أمام أزمة كبيرة والعديد من الخبراء أكدوا أن عدم الجدوى يؤدي إلى تعطل مولدات الكهرباء، وهذا يعني أن طريق الحلول ضيّق”.

يطلبون تسديد الاشتراكات أيضاً

وحال عثمان في البقاع الأوسط ليست بعيدة عن حال عمر، الذي يقول إنه “منذ أكثر من خمس سنوات وأنا اشتري مياهاً للشرب، كما أنني في الكثير من الأحيان أقصد سبيلاً في أعالي مكسة لتعبئة غالونات بالمياه بهدف التوفير”، ويستغرب عثمان من مؤسسة المياه “بكل وقاحة يطلبون منا تسديد اشتراك المياه، فليؤمنوا لنا المياه ويأخذوا حقهم”.

وكأن المواطن اللبناني لا يكفيه همّ أزمة طوابير البنزين واللبن وحليب الأطفال وانقطاع الدواء وغلاء القهوة مؤخراً، حتى تأتيه مشكلة أصعب لا يمكنه السكوت عنها لأنها من أبسط حقوقه للعيش فقط من دون إضافات بأن تكون حياتهم كريمة أو هانئة، إلى أين نحن ذاهبون في هذا البلد؟ ما هي الأزمات التي تنتظرنا بعد على مفترق الطرقات؟ أسئلة باتت متداولة بين الجميع والتوقعات تُنذر بالأسوأ.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً