أفرغ 3 مخازن من الرصاص من أجل والدته

إسراء ديب
إسراء ديب

لم يتمالك الشاب علاء أحمد (26 عامًا) نفسه أمام الضربات والتحدّيات الاقتصادية التي باتت تُهدّده وتُهدّد صحة والدته التي تعيش لحظات صعبة بسبب سوء حالتها الصحية وحاجتها إلى إجراء عملية قلب مفتوح سريعًا، ما اضطرّه إلى دقّ جميع الأبواب طالبًا المساعدة المادية من الجميع، وبعد فشل محاولاته المتكرّرة… أطلق النار في الهواء لتنفيس غضبه.

علاء الهارب حاليًا من الأجهزة الأمنية خوفًا من إلقاء القبض عليه، يتعاطف معه الكثيرون بعدما عرفوا السبب الذي دفعه إلى القيام بهذه الخطوة، فيما يُعاتبه آخرون لأنّه لجأ إلى استخدام السلاح، معتبرين أنّ السلاح كان يُمكن أن يُصيب غيره من المواطنين، وكان يُمكن أن يبيع هذه العيارات النارية بدلًا من إطلاقها.

وكان قد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي خبر إطلاق شاب عيارات نارية في باب التبانة، وكانت قد أفادت المعلومات المتوافرة حينها أنّ السبب يعود إلى عدم إيجاده للأدوية المطلوبة لعلاج والدته، إلّا أنّه وبعد التواصل مع عائلة علاء كانت الإجابة مختلفة، فعلى الرّغم من مواجهته مشكلة في تأمين الأدوية المخصّصة لوالدته مثله مثل أيّ شاب آخر، إلا أنّ السبب الرئيسي الذي دفعه إلى هذه الحال من الغضب هو طلب الطبيب ومنذ حوالي الشهر من والدته دخول المستشفى سريعًا لإجراء عملية عاجلة وطارئة لقلبها وهي عملية القلب المفتوح، وبعد خصم وزارة الصحة، احتاجت العائلة 30 مليون ليرة متبقية من المبلغ لإتمام هذه العملية، وبعد تأمين 6 ملايين ونصف مليون ليرة من بعض الجمعيات الطرابلسية، وبسبب عجزه عن تأمين باقي المبلغ، كانت ردّة فعله قاسية وغير متوّقعة أثارت قلق أهالي المنطقة الذين اعتقدوا للوهلة الأولى أنّ اشتباكات بين جبل محسن وباب التبانة قد اندلعت من جديد.

نصر الدين: مستعدة للموت ولكن

أمّا والدة علاء وهي حياة نصر الدين، فلم تنم منذ وقوع هذه الحادثة التي كانت قد فاجأتها وأحزنتها، وهي تأسف للحال الاقتصادية الرديئة التي يُعاني منها معظم الشبان في لبنان، وهي الحال التي أنهكت ابنها وضاعفت همومه.

وتقول نصر الدين لـ “لبنان الكبير”: “كنت بحالة يُرثى لها بعد إطلاق النار، ولكنّني أدرك تمامًا وضعه الصعب في ظلّ البطالة التي يُواجهها منذ أعوام، وهو يُحاول مساعدتنا قدر الإمكان على الرّغم من كونه متزوجًا ولديه طفلة، وبعد خيبة أمله من الكثير من الناس الذين كان يتوقّع منهم الوقوف إلى جانبه، قام بإطلاق النار”.

وتُضيف:” قمت صباح يوم الحادثة بزيارته في منزله وشعرت بضيق في التنفس وإرهاق شديد، وأكّد لي حينها أنّه سيذهب لتأمين مبلغ إضافي من المال، وبعدما عدت إلى منزلي نمت بعد الظهر وأنا لست معتادة من الأساس على النوم في هذه الأوقات، فيما بعد سمعنا صوت إطلاق نار قوي، وأشعلت النار في قلبي وشعرت مباشرة أنّ ابني هو من يُطلق النار، فنهضت بسرعة وخرجت لأفتح الباب لأجد مجموعة من الشبان تحمل ابني وهو يصرخ بشدّة ويقول (شو بنطر أمي لتموت) وغيرها من الجمل التي جعلتني غير قادرة على تحمّل أيّ كلمة إضافية، وعدت إلى أريكتي بعد عجزي عن الوقوف”.

وتُتابع قائلة: “مستعدة للموت ولكن لا أريد أن يُصيب ابني أيّ مكروه، أنا خائفة جدًا عليه وأشعر به وبمعاناته كذلك أصدقاؤه والجيران يعرفونه جيّدًا، ولقد اتصلت به فيما بعد وأكّدت له أنّني غير مرتاحة لما قام به وأنّها خطوة أتعبتني أكثر، شاكرة الله سبحانه وتعالى أنّ الرصاص لم يصب أحداً بمكروه”، مؤكّدة أنّ مخابرات الجيش لم تُداهم المنزل، بل كانوا متعاطفين جدًا مع حالة ابنها.

أحمد: لم يسأل أحد عنه

أمّا والده فؤاد أحمد، فهو يشعر بالقهر والظلم الذي يتعرّض له ابنه كما كلّ الشبان، ويقول: “لجأ ابني إلى أهم الكوادر في التبانة، ولم يسأل عنه أحد وهو حاول كثيرًا إيجاد مخرج يُسهم في تأمين المبلغ كاملًا ولكن بلا جدوى”.

بدوره، يتفهم صديق علاء وهو محمّد الحموي كلّ ما حصل مع صديقه، لافتًا إلى خطورة وضع والدته الصحي.

ويتحدّث الحموي وهو صاحب قهوة في التبانة عن تفاصيل الحادثة ويقول: “يعيش علاء خيبة أمل بعد لجوئه إلى الكثيرين، وفجأة وجدناه في الشارع وهو يُطلق النار في الهواء ودام إطلاق النار هذا لدقائق، بحيث أفرغ حوالي 3 مخازن من الرصاص، وقمت بأخذ السلاح منه ليتوقف ولكن بالفعل علاء مجروح جدًا وخائف على والدته، ولم يتوقف عن الصراخ”، مشيرًا إلى قيام الشبان بتهريبه إلى مكان آخر.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً