العمل البلدي… رجالٌ لا يفقهونه ونساءٌ متمكنات

ليال نصر
ليال نصر

غُيّبت النساء عن العمل في الشأن العام ومن ضمنه العمل البلدي لسنوات بفعل السيطرة الذكورية على هذه المساحات. هذا أمر واقع في لبنان، لكن العدالة والمساواة تقضيان بحق النساء في أن يكنّ موجودات في هذه الأنواع من الأعمال وصانعات قرار أيضاً، بل ومؤثرات في هذا الاطار أي أن وجودهنّ فاعل.

ولأنه تم التعود في الحياة السياسية والعامة في لبنان على أن تصل النساء الى مراكز عليا بالثوب الأسود أو تعيينهنّ بصورة صُوَرية فيما تؤخذ القرارات في مجالس الرجال، وهن يقمن بتطبيقها فقط، بات من الضروري تغيير هذه الصورة النمطية وإلقاء الضوء على الخروق والتحديات التي استطاعت العديد من النساء القيام بها خصوصاً على الصعيد البلدي ما يثبت أنهن متمكنات من صنع القرارات البلدية.

كيف يترجم تمكّن النساء عملياً؟

تشير رئيسة جمعية “فيمايل” حياة مرشاد في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى “أننا رأينا في السنوات الأخيرة العديد من النساء يتحدين ما يحصل خصوصاً على الصعيد البلدي، فهناك عدد كبير من اللواتي تجرّأن وخضن غمار العمل البلدي ليس كعضوات في المجالس البلدية وحسب، وإنما رأينا أيضاً تجارب ناجحة جداً لسيدات رئيسات بلديات كنّ قد دخلن في معارك إنتخابية كبيرة ضد أشخاص مدعومين ومتمولين ولذلك، إن الدور الذي تلعبه النساء في البلديات هو دور أساس ومهم لأنهن أبناء هذا المجتمع وداريات دراية تامة باحتياجاته وأولوياته وبالطبع لديهن نظرتهن الخاصة وإضافتهن الخاصة للعمل التنموي”.

دور النساء كبير في هذا الاطار ومن الضروري أن نرى السيدات في مراكز عليا ومراكز صنع قرار، فوجودهن يجب أن يترجم من خلال قابليتهن على التأثير في القرارات بطريقة أو بأخرى على الرغم من أن ذلك ليس سهلاً “فنحن ندرك أن البلديات في لبنان تتشكل على أساس عائلي وعشائري، وبطبيعة الحال فإن هذه العقلية ذكورية ودائماً تنصِّب الرجل الذي عادة ما يكون الأكبر سناً في هذا المكان أو الأكثر تأثيراً”، بحسب مرشاد.

ما دور المنظمات النسوية؟

تقوم المنظمات النسوية منذ سنوات بعمل كبير على صعيد تمكين النساء من صنع القرارات البلدية، بحيث يتم دعمهن لتطوير قدراتهن وضمان وصولهن للحصول على الفرص بهدف تشجيعهن، خصوصاً أن فكرة تشجيع النساء بحد ذاتها لخوض العمل البلدي في ظل هذه الظروف التي يعاني منها لبنان وفي ظل كل التحديات التي يتعرضن لها، لم تعد عملاً سهلاً على الاطلاق.

ولا يقتصر عمل المنظمات على ذلك، بل يتجاوزه ليقوم بحملات مناصرة وضغط لتصبح لدينا كوتا نسائية في المجالس البلدية وفي قانون الانتخاب ويتم الضغط حتى على المجالس البلدية الحالية لكي تشرك النساء في الأحزاب السياسية، كما تنظم لقاءات توعية وتطوير لقدرات النساء في جميع المناطق اللبنانية.

وإذ ترى مرشاد أن الرجال في لبنان لا يفقهون معنى العمل البلدي ويقومون به بطريقة إعتباطية، تشدد على العمل على تطوير قدرات النساء ليس لأنهن لا يعرفن كيف يمارسن هذا العمل أو ليست لديهن القدرات، بل لأنه وللأسف ليس هناك وعي حول ماهية العمل البلدي، كما أن هناك طمساً لدورهن في هذا المكان. فعملية الوعي حول العمل البلدي يجب أن تكون لكل الأشخاص نساء ورجالاً، والنساء عندما نؤمن لهن سبل العمل في البلديات فلأن هناك إيماناً بهن إذا عرفن الأدوات وفهمن دورهن الصحيح فسيصبحن قادرات على لعب دور تغييري.

كل القرارات التي تتخذها النساء تجعلها تشعر بأهمية دورها في العمل البلدي، ومن الضروري هنا الاشارة إلى عدم محاولة إسكاتهن خلال الاجتماعات وأخذ رأيهن في الاعتبار ولا تكون هناك أي سطوة أو سلطة ذكورية عليهن كلما أردن التكلم. فهناك الكثيرات من اللواتي يتعرضن للتنمر ولا أحد يحب سماع رأيهن أو الأخذ به، ويصبح هناك ما يسمى بالتكتلات ضدّهن وخصوصاً في مجالس الشأن العام أو السياسة كالمجالس البلدية. لذلك، فإن أهم ما يجب أن تشعر به النساء عندما يقدّمن اقتراحات، أن تتحول اقتراحاتهن إلى مشاريع فعلية كي تُسمع أصواتهن من دون التعرض لعنف سياسي.

تجدر الاشارة إلى أن هناك العديد من التجارب للنساء التي من خلالها استطعن اثبات أنفسهن ولعب أدوار تنموية في بلدياتهن.

شارك المقال