كابوس الحرائق يُهدّد اتحاد بلديات الفيحاء!

إسراء ديب
إسراء ديب

لم يُصدم الطرابلسيّون بالقرار الذي اتخذه فوج الاطفاء في اتحاد بلديات الفيحاء (طرابلس، البداوي، الميناء والقلمون) والذي أعلن فيه عجزه عن تلبية أيّ نداء لإخماد الحرائق التي قد تحدث فيه، إذْ كان من المتوقّع أن يصل العاملون في هذا المجال إلى اتخاذ إجراءات محقّة لتحصيل حقوقهم المادية والاجتماعية التي لم يحصل أيّ منهم عليها منذ 6 أشهر تقريباً.

في الواقع، قد لا يعي البعض خطورة هذا الاعلان الذي يأتي على أبواب موسم الصيف وفي ظلّ الارتفاع التدريجي لدرجات الحرارة والرطوبة، لكنّ التجربة “الشمالية” تُؤكّد أنّ الحرائق في هذه الفترة الزمنية لا تتوقف، ففي وقتٍ يكون اندلاع بعضها في الأراضي أو الجبال متعمّداً ومقصوداً لحرق النفايات أو الأعشاب، تندلع حرائق مختلفة شمالاً بعد ارتفاع الحرارة نظراً الى وجود عوامل مختلفة (أبرزها التلوّث) تُؤدّي إلى نتائج كارثية قد تُؤذي المنازل والأفراد في حال لم يتحرّك فوج الإطفاء الذي يلعب دوراً رئيساً في الاتحاد وسلامته.

لا يخفى على أحد حجم الضغوط الذي يُواجه البلديات في لبنان من جهة، كما حجم “الثقل” المادي والمعيشي الذي يُعاني منه الموظفون، الأجراء والمياومون في الادارات العامّة محلّياً من جهة ثانية، أمّا في مدينة طرابلس، فيصف رئيس اتحاد نقابات العمّال والمستخدمين في الشمال النقيب شادي السيد وضعها بـ “الكارثيّ”، وإعلان “الاطفاء” فيها بأنّه “الأخطر على الاطلاق” في هذه المرحلة.

ويقول السيد لـ “لبنان الكبير”: “إنّ جهاز الإطفاء محقّ في مطالبه، ومنذ 3 أشهر وأكثر لم يتقاضَ عناصره رواتبهم ولم يحصلوا على حقوقهم، إضافة إلى عدم حصولهم مسبقاً على المساعدات أو بدل النقل القديمة منذ 6 أشهر، وفي الفترة الأخيرة كانوا يحصلون على مساعدات من مكتب سياسي من هنا أو إعاشة أو مساهمة من هناك، لكن هذه المبادرات المشكورة لا تكفيهم ليتمكّنوا من الالتزام بالاستحقاقات العائلية، الاجتماعية والمالية”.

ويوضح أنّ جهاز الاطفاء “كان ولا يزال بلا رئيس منذ بداية هذه السنة في المدينة، من دون هاتف ولا مازوت لتعبئة الماكينات ومن دون أموال تضخّ في سبيل اليد العاملة التي لا تجد قوتها اليومي ولا تتمكّن من إطعام أبنائها”، مشدّداً على ضرورة الوصول إلى حلّ جذريّ قائم على تدخل الدّولة بمبلغ قيّم يسدّ هذه الفجوة.

وفق معطيات “لبنان الكبير”، فإنّ “الجهاز الذي فيه 53 موظفاً ومياوماً من أصل 180 في الاتحاد، يحتاج إلى مبلغ يُقدّر بين 5 أو 6 مليارات ليرة لتحصيل حقوق العمّال، ومن هذه المبالغ ما يُمكن تحصيله من بلدية طرابلس التي تُعاني أيضاً من مشكلات مالية ستظهر نتائجها خلال فترة وجيزة، وهي معاناة بلدية لا تقتصر عليها فحسب، إذْ تُعاني بلدية الميناء (المكسورة) مالياً أيضاً من الأزمة عينها، ولم تدفع مستحقات موظفيها منذ شهرين”.

كما تُظهر معطيات أخرى اجراء اتصالات مختلفة برئيس البلدية الحالي أحمد قمر الدّين للحديث عن أموال الاتحاد، لكن وفق أحد المصادر فإنّ الثغرة تأتي من ثلاثة أمور رئيسة: أولها، الصعوبات المالية التي تُواجهها بلدية طرابلس من جهة، أمّا ثانيها فيكمن في عدم ترؤس رئيس بلدية طرابلس الاتحاد كما كان سائداً في السابق، الأمر الذي انعكس على هذه العملية التي لا ذنب للعمّال فيها من جهة ثانية، فيما يُركّز ثالثها على أنّ هذا الملف الذي فتح مرات عدّة مالياً، يتعرّض لضغوط عدّة، لا سيما وأنّه في حال أخذت سلفة خزينة لطرابلس، لا بدّ من تعميمها على كلّ البلديات أيضاً، وهذا ما يُعرقل تحصيل العمّال لحقوقهم عموماً.

وكانت إدارة الفوج نشرت بياناً أعلنت فيه أنّه “بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على وعود المسؤولين، وبحسن نيّة، عدنا إلى العمل بعد الاعتصام الذي قمنا به للمطالبة بأبسط حقوق ومكتسبات أيّ موظف في الدولة، من راتب واستشفاء ومنح مدرسية، إلّا أنّ الأمور كانت تقابل بالتسويف والوعود التي لم تجد مكاناً للصرف. فكلّ المستشفيات لم تعد تستقبل عمّال الاتحاد وأجراءه، حتى من يُصاب أثناء العمل. ومنذ أقلّ من شهر تعرّض رجلا إطفاء الى حروق في الوجه واليدين أثناء قيامهما بإطفاء حريق ملجأ، ولكن للأسف تحمّلا تكلفة العلاج على حسابهما الخاصّ، مع العلم أنّ الهاتف العمومي الخاص بالفوج لا يعمل منذ شهر كانون الأول الماضي، بحيث نتلقى نداءات إخماد الحرائق إما عن طريق الدفاع المدني أو من العامّة على هواتفنا الخاصّة”.

أضاف البيان: “… بناء على كلّ ما تقدّم نحن كجهاز إطفاء، نعلن أمام الرأي العام والمسؤولين عن عدم قدرتنا على تلبية أيّ حريق ممكن أن يحصل… حتّى اشعار آخر، وليتحمّل كلّ من هو مقصّر أبعاد ما يحصل من تقصير في جهاز الإطفاء”. كما نشرت صورة على صفحة فوج إطفاء طرابلس منذ يومين تقريباً، توضح عملية إقفال مدخل الاتحاد حيث تركن آليات الجهاز الذي يحتاج إلى عناية ومؤهلات تسمح بعودته من جديد بكامل قوّته إلى أهالي الشمال.

شارك المقال