كورونا: “دلتا” تعيد خلط الأوراق واللقاح حائط دفاع

حسناء بو حرفوش

انشغلت الصحافة العالمية هذا الأسبوع بالأرقام المتصاعدة للإصابات بما بات يعرف بمتحور “دلتا” الجديد من فيروس كورونا. وسلطت محطة “سي أن أن” الأميركية الضوء على مخاوف جميع المسؤولين في أنحاء العالم، حيث انتشرت تحذيرات على صعد عدة وعادت بعض الدول لانتهاج سياسات الإغلاق في محاولة لكبح العدوى، مع التشديد على ضرورة الحصول على اللقاح للتخفيف من وطأتها في حال التعرض للمتغير الجديد الذي دق ناقوس الخطر في 85 دولة على الأقل منذ تحديده للمرة الأولى في الهند في الخريف الماضي. ويمكن اختصار المخاوف المحيطة بهذا المتحور بسرعة انتشاره وقابليته للانتقال والشك بإصابته الأطفال، بينما يبقى السؤال مطروحاً حول ضرورة استخدام من تلقوا أحد لقاحات كورونا لقناع الوجه (الكمامة).

سرعة الانتشار 

وشددت “سي أن أن” على أن متحور دلتا شكّل بحلول منتصف شهر حزيران، 99٪ من حالات الاصابة بفيروس كورونا والتي أعلنت عنها وزارة الصحة العامة في المملكة المتحدة، كما يتوقع أن يمثّل 90٪ من الحالات في أوروبا بحلول نهاية شهر آب، وفقا للمركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها. وفي الولايات المتحدة، قدّرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها حتى الساعة، أن المتحور المستجدّ يمثل 26٪ من حالات كورونا الجديدة أو على الأقل، حتى 19 حزيران. وقد تم الإبلاغ عن تسجيل حالات إصابة بدلتا في الولايات الأميركية الخمسين جميعها، بالإضافة إلى واشنطن (…) وبرهنت الإحصاءات أن انتشاره زاد بأكثر من الضعف في فترة أسبوعين فقط. وفي هذا السياق أكد د. مارك موليغان، مدير مركز لقاح لانغون (Langone) الطبي في جامعة نيويورك، أن أعداد حالات كورونا تضاعفت. والحال سيان في انكلترا كما سبق أن أعلن.

قابلية الانتقال أكبر

بالإضافة إلى سرعة الانتشار، يتميز متحور دلتا كما أعلنت منظمة الصحة العالمية بأنه المتحور الأكثر قابلية للانتقال من بين كل المتحورات التي حددت حتى الآن (…) ويحمل الفيروس مجموعة من الطفرات، بما في ذلك الطفرات (…) التي تساعده على إصابة الخلايا البشرية بسهولة أكبر. وهذا ما يجعله قابلاً للانتقال بدرجة كبيرة. لا بل، ويعتبر أيضاً من أكثر الفيروسات قابلية للانتقال التي أعلن الأطباء عن رصدها حتى الآن. وينتشر هذا التهديد الخطير بين الأشخاص غير المحصنين أي الذين لم يتلقوا اللقاح ضد فيروس كورونا.

فعالية اللقاح؟ 

إلى ذلك، يطرح السؤال باستمرار حول فعالية اللقاح تجاه هذا المتحور، حيث تشير الأدلة الواقعية والمخبرية إلى أن الأشخاص الذين حصلوا على اللقاح بجرعتيه يتمتعون بحماية من المتحور الجديد (…) والخبر السار بحسب ما نقلت “سي أن أن” عن المختصين الذين أجرت معهم المقابلات، هو أن هناك دليلاً على أن اللقاح، يمكن أن يؤمن درجة عالية من الحماية ضد هذا الفيروس وتحديداً بعد مرور أسبوعين على الجرعة الثانية. أما من لم يحصل على اللقاح فهو بلا شك “في ورطة”.

(…) ويستشهد المقال بانتشار متحور دلتا في الولايات الأمريكية ذات معدلات التطعيم المنخفضة مقارنة بما هو عليه في الولايات التي أمنت تحصين غالبية السكان (…) ولا يمكن الجزم بالفعالية الكاملة للقاح، لذلك لا يزول خطر التعرض للعدوى حتى لدى الأشخاص الملقحين بالكامل.

العدوى المفاجئة

وتضاف العدوى المفاجئة إلى ما ذكر مع تحذير مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية د. أنتوني فاوتشي من إمكانية إصابة بعض الأفراد بعدوى مفاجئة، خصوصاً وأن التجارب لم تثبت بشكل رسمي حتى الآن مدى احتمالية نقل الفيروس إلى شخص آخر، بما في ذلك الأطفال، وهذه من الأسباب التي تضاعف الحاجة لأخذ الحيطة والحذر عند التعامل مع متحور مثل دلتا. كما أنه مع تلقي الملايين من الأشخاص للقاح، قد يصاب بعض الأشخاص ممن حصلوا على اللقاح بجرعتيه بالمرض إذا تعرضوا للفيروس. ومع ذلك، قد يأتي المرض نتيجة هذا الاختراق، أقل شدة أو لفترة أقصر مقارنة بالمرض لدى من لم يحصلوا أبداً على اللقاح.

أكثر ضراوة؟ 

ولا يختلف متحور دلتا من حيث كيفية الانتشار، إذ تنتقل فيروسات كورونا في الهواء، وبدرجة أقل، على الأسطح. وتسمح الأقنعة والتباعد الجسدي والتهوية الجيدة بتفادي انتقال العدوى، دون أن ننسى غسل اليدين والحفاظ على نظافة الأسطح. وليس هناك ما يثبت ما إذا كان الأمر أكثر خطورة مقارنة بالمتحورات السابقة. وعلى الرغم من أن بعض المسؤولين الحكوميين أعلنوا اعتقادهم بأن متغير دلتا أكثر خطورة من سلالات الفيروس الأخرى، لا يوجد دليل قوي يثبت حجتهم هذه. وتشير مجموعة الطفرات المحددة بدلتا إلى قابلية أكبر للانتقال كما لحظنا سابقاً، ويمكن أن تتخطى بدرجة صغيرة الاستجابة المناعية للجسم، لكن لا شيء يشير إلى أنها أكثر ضراوة.

(…) ومع ذلك لا بد من التمسك بالتدابير الوقائية والحذر لأن خطر إصابة الأشخاص الذين تعرضوا سابقاً لسلالات من فيروس كورونا وتعافوا لا يزال وارداً، بل إن نسبة إصابتهم بدلتا أكبر كما هو مرجح. كما تمت الإشارة إلى أن العلاجات القائمة على الأجسام المضادة قد تبدو أقل فعالية بقليل مقارنة بالحالات السابقة. ولكن الاختبارات توضح أن اللقاحات تسبب استجابة مناعية كبيرة (…) والتي ينبغي أن تحمي معظم الأشخاص المحصنين باللقاح من الأمراض الخطيرة وحتى من العدوى الخفيفة”.

أخيراً، ومع إعلان وزارة الصحة اللبنانية تسجيل عدد من الحالات من متغير دلتا، يستدعي كل ما ورد أخذ الحيطة والحذر والالتزام بالإجراءات الوقائية خصوصاً وأن نسب الأشخاص الذين تلقوا اللقاح بجرعتيه ما زالت منخفضة للغاية في لبنان مقارنة بالدول المذكورة أعلاه.

المصدر: CNN

شارك المقال