ذا غارديان”: “أمل” العملاقة تنطلق أخيراً على درب اللاجئين

حسناء بو حرفوش

بعد شهور طويلة من الانتظار منذ الإعلان عن المشروع، ستنطلق الدمية العملاقة “أمل” في مسيرة تمتد من الحدود السورية التركية حتى مدينة مانشستر بانكلترا، في وقت لاحق من هذا الشهر، في ما يمثّل واحداً من أكثر الأعمال الفنية الحية طموحاً على الإطلاق. ويهدف المشروع لإعادة تسليط الانتباه إلى قضايا اللاجئين ونقل معاناتهم، بحسب ما نقلت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية الاثنين.

ووفقاً للمقال الموقع باسم الصحافية البريطانية ومحررة الشؤون الثقافية في “ذا غارديان”، كلير أرميستيد، “ستنطلق الدمية “أمل” من نقطة في الداخل التركي، على بعد أميال قليلة من الحدود السورية، في آخر ثلاثاء من شهر تموز الجاري، في رحلة تمتد على 8 آلاف كيلومتر وصولاً إلى مانشستر. وتمثل الدمية شخصية طفلة صغيرة بعمر التاسعة، تخوض رحلة بحث عن والدتها التي خرجت لتأمين قوت اليوم ولم تعد. وستواجه هذه الدمية، وهي الشخصية المركزية والوحيدة في هذا المشروع المسرحي المذهل والطموح، في مسيرتها قيود كورونا الدولية. وتبرهن رحلتها عن عمل تضامني ورؤيوي مع محنة اللاجئين وعن تحديهم للحدود التي تعرض حياتهم للخطر وإيمان بالإنسانية في مواجهة أزمة عالمية.

التجاهل ليس وارداً

ولن يسهل أبداً تفويت رحلة “أمل” الصغيرة في البلدان الثمانية التي ستعبر حدودها بين تموز وتشرين الثاني، كما أن تجاهلها ليس وارداً حيث يبلغ ارتفاعها 3.5 أمتار ويتولى إدارة حركاتها الملحمية، عدد من محركي الدمى وضمناً لاجئين سوريين خاضوا التجربة بدورهم. وستحمل أمل صوت الآلاف من الأطفال المشردين الذين سيخرجون لمقابلتها على طول الطريق، ورسالتهم الوحيدة والأهم: “لا تنسوا أمرنا”. كما من المرتقب أن تشارك الدمية التي ستحظى بالترحيب في أكثر من 100 مجتمع على طول المسار، بورش عمل مع اللاجئين السوريين الشباب (…) لكنها تختبئ في الوقت الحالي في شبه حظيرة للطائرات في دوكلاندز بلندن، مع استمرار تدريبات فريق الدعم لإتقان حركات المشي وحتى التعبير عن المشاعر.

وتحرّك أجزاء الدمية من الوجه حتى القدمين بنظام معقد من الأوتار يعرف باسم “القيثارة”، وتتولى هذه المهمة مجموعة متناوبة من الفرق التي تضم ثلاثة أشخاص في كل مرة (…) وسيقوم تسعة من محرّكي الدمى الصغار بتشغيلها باستخدام ركائز متينة للأطراف الطويلة، مع التحكم أيضاً بتعابير الوجه والمشاعر من صدمة وخجل وفضول، من خلال حركة خفض العينين والتموج اللطيف للذراعين.

ضجة كبيرة منذ مدة

وقد أثارت الدمية ضجة كبيرة حتى قبل انطلاق (…) مشروع “المسار” الذي يحمل عنوان The Walk بالإنكليزية والذي كان من المفترض أن يغطي على مدى 4 أشهر، 8 آلاف كيلومتر كما ذكرنا أعلاه. لكن الرحلة قد تطول أكثر بشكل مفاجئ لتشمل مساحة أقرب إلى 9000 كيلومتر، بحسب ما أعلن المنتج (…) وحشدت كل الجهود وجمعت الأموال وفتحت أبواب التطوع لتسهيل عبور أمل، مع محاولات دمج اللاجئين في مفاصل العمل (…) وتكتسب رحلة أمل رمزية خاصة بالنسبة للمشاركين في المشروع والذين سافر بعضهم عبر العديد من الطرق نفسها (…) وقد قامت أمل الصغيرة بالفعل بعدة طلعات استكشافية. وأتت الردود عند إخراجها إلى العلن مبهجة للغاية. ويرجح القيمون على المشروع أنه سيمثل واحدة من تلك اللحظات في الحياة، التي لا يمكن أن تتكرر.

أي فرق قد تحدثه دمية؟

وعلى الرغم من أن أمل سوف تبث الروح الإيجابية في نفوس متابعيها، يطرح البعض الآخر التساؤلات حول مدى فعالية المشروع والفارق الذي قد تحدثه دمية تمشي، في حياة اللاجئين. والإجابة هي نعم وبإصرار، لأن أمل ستوحد قبل كل شيء، حوالي 250 منظمة خيرية ومجتمعية وفنية التي تجتمع على امتداد أحد أكثر طرق اللاجئين ازدحاماً في العالم في لفتة جذابة وإنسانية تحمل النوايا الحسنة عبر قارتين. ويأمل المشروع بأن تلهم أمل الناس العاديين وتدفعهم للتفكر في مشاكلهم الخاصة، والتي زادت حدتها خلال أشهر الوباء، وإبداء التعاطف تجاه أولئك الذين فقدوا كل شيء. وبفضل المبادرات التربوية التي ستنتج عن “المسار” وتحيط به وتستلهم منه، سيترك المشروع “إرثا” وعبرة.. فبمجرد أن تخرج أمل الصغيرة من الصندوق، لن تعود إليه مرة ثانية مهما حصل”.

مسار إلكتروني

وسيجمع “المسار”، بحسب الموقع الرسمي للمشروع “بين  فنّانين وفنّانات استثنائيّين واستثنائيّات على أنواعهنّ من أجل خلق حدث ثقافي تشاركي فريد من نوعه في الهواء الطّلق”، حيث ستلقى أمل الصّغيرة، ترحيباً من “فنّانين وأفراد ومجتمعات من خلال مهرجانات واستعراضات شعريّة وموسيقيّة ومسرحيّة وراقصة” في كلّ مكان تعبره، بالإضافة إلى البث الإلكتروني للحدث والذي سيسمح لجمهور دولي بالانضمام لجميع المرحّبين بأمل الصّغيرة من داخل بيوتهم ومشاركة قصّتها وقصص الآلاف الّذين ستلتقي بهم في رحلتها.

المصدر: The Guardian

شارك المقال