قد يكون من غير المفاجئ أن يبتكر الانسان أفكاراً غريبة ومضحكة يمكن إدراجها تحت ما يسمى ظواهر أو “خزعبلات”، ولكن من غير الطبيعي أن تكون مضرّة بغيره من البشر أو بأي كائن حي، ما يثير غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
منذ سنوات، وضع أحد المطاعم في مصر في جوزة النرجيلة (المكان الذي توضع في المياه) سمكاً ذهبياً ما أثار غضب الكثيرين، وسرعان ما تحركت السلطات المختصة واتخذت الاجراءات اللازمة، وسمي آنذاك ما حدث بـ”الشيشة الذهبية”.
في الآونة الأخيرة، تكررت هذه الظاهرة ولكن في لبنان ما أثار غضب العديد وخصوصاً المدافعون الشرسون عن حقوق الحيوانات. اذ نشرت الناشطة في مجال حقوق الحيوانات غنى نحفاوي على تطبيق “تويتر” ڤيديو يوثّق ما حصل، وقالت في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “أحد صناع محتوى يختص بالطعام أو ما يسمى بفود بلوغر، شارك ڤيديو على تطبيق تيك توك يصف الطعام الموجود في مطعم Ast جعيتا ويقول في آخره: لديه نرجيلة مميزة، وهي عبارة عن سمك في جوزة النرجيلة. من الممكن أن لا يكون ذنبه”.
واعتبرت حنفاوي أن “هذه الظاهرة هي إبداع في الاجرام، ومن غير المعقول أن يفكر البعض بجشع في هذا المجتمع المريض لجذب الناس الى مطاعمه”، مؤكدة أن “لا عقل يتقبل وضع السمك في النرجيلة، فهذا غير منطقي. بعيداً عن الرحمة وحقوق الحيوان كيف يقبل أي شخص أن يستعمل نرجيلة تحوي كائناً حياً، وهو يشارك في قتله؟”.
وأوضحت أن “السمك له بيئته الخاصة، وفي حال وضع في أكواريوم فهناك معايير يجب تطبيقها إن كان لجهة كمية المياه، الأوكسجين، الزينة… فأين هذه المعايير؟ وهل الهدف جذب الزبائن فقط؟”.
أضافت: “قد يقول البعض ان هذه الخزعبلات، لاستقطاب السياح، وازدهار الاقتصاد باعتبار أن البلد منهار، فبلاها أحسن، اذ لا يمكن أن يحصل الازدهار على حساب الانتهاك الصارخ لحقوق الحيوان، وبالتالي نحن نظهر مدى اجرامنا بحق هذه الكائنات، ولا نوفّق في تحسين السياحة. اذا كان يمنع استخدام الحيوانات في المطاعم، فلأنها غير مرخصة من وزارة الزراعة، ولا تشكل أماناً للزوار.”
ولفتت نحفاوي الى ظواهر أخرى موجودة في أماكن عدة تتابعها الوزارة المختصة، كـ animal city التي تحوي ضبعاً، ومطعم آخر في بحمدون لديه حديقة حيوانات وأسر غزالاً مات منذ ١٥ يوماً بسبب وجوده في بيئة غير مناسبة.
ولتعذيب الحيوانات حصة في مهرجانات جونية، فهم يلفون على رقبة الزائر أفعى أليفة (تربّت في المنازل ولا تؤذي) ويغلقون فمها بلاصق (سكوتش)، وهذا لا يجوز، ففي حال شعرت الأفعى بالضغط، يمكن أن تلتف بقوة على رقبة الشخص أو حتى على كل جسمه ما يؤدي الى خنقه، وعند وقوع هذه الحادثة ينصب الاتهام على الحيوان ولكن في الحقيقة نحن من يتيح له الأذى والقتل. فأين وزارة السياحة من كل ذلك؟
مصدر خاص في وزارة السياحة، تواصل معه “لبنان الكبير”، أكد أن “الوزارة في كل المهرجانات تضع شرطة سياحية ولكن من المستحيل أن نغطيها كلها ٢٤/٢٤. اما في ما يتعلق بالتجاوزات المذكورة أعلاه فالوزارة ستبلّغ عنها وستتابع الموضوع مع البلدية المختصة”، لافتاً الى أن “وزارة السياحة غير معنية مباشرة بالموضوع المتعلق بالسمكة في النرجيلة، على الرغم من أنه عنصر جاذب لكنه مشهد قاس، ولكن الوزارة لا ترخّص للنرجيلة وفق القانون، اما قانون التدخين فقد وضعته كل من وزارة الاقتصاد والزراعة والشؤون الاجتماعية”.
وفي ما يتعلق بالأفعى، أوضح أنها “يمكن أن تشكل خطراً على الأولاد في المدى القريب والبعيد، اذ أن هذه التجاوزات تبعد الخوف عنهم وبالتالي اذا رأواى مجدداً أي نوع من الأفاعي فسيقتربون منه. لذلك كل مواطن مسؤول وبالتالي عليه ابلاغ الوزارة بأي شيء قد يشكل خطراً على الرقم ١٧٣٥ ونحن بدورنا نتواصل مع الجهات المعنية”. وشكر موقع “لبنان الكبير” على هذه اللفتة.
أما مطعم Ast فاعتبر أن ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي “مضخّم، وزودوها علينا”، قائلاً لـ”لبنان الكبير”: “صحيح أن في النرجيلة سمكاً ذهبياً (golden fish) لكن ليست في مياهها، انما في وعاء صغير شبيه بالاكواريوم ملتصق بالنرجيلة. ونحن عند شرائنا هذا النوع من الأسماك سألنا عن المعايير اللازمة للمحافظة عليها وطبقناها. وبسبب انزعاج الناس من الڤيديو أوقفنا هذه الظاهرة، فنحن شعارنا ننشر الحب We share love، وبالتالي لا نريد أن نسبب الأذى لأحد ونحن بأمر الجميع.”
على الرغم من أن لبنان يمر بضائقة اقتصادية وحتى سياسية، الا أن موسم الصيف “ولعان”، وكل المطاعم “مفولة” كما المهرجانات، والجميع تجذبه أي فكرة جديدة ويقصدها للتجربة، فما مصير عنصر الجذب في حال حصل الخطر؟ عادة نلوم الدولة ونبدأ بشتمها وننسى أننا نحن من شجعنا هذه الظواهر وجرّبناها.