سرقة معدات مياه بعلبك… على عينك يا تاجر

آية المصري
آية المصري

لا تنتهي مشكلات منطقة بعلبك ــــ الهرمل، فأبناء المنطقة يعانون من أزمات متتالية ولا تكاد تنتهي أزمة حتى تبدأ أخرى، والسرقات التي تتزايد يوماً بعد يوم وتطال كل شيء لم تخطر على بال مع تطور أساليبها.

فبعد سرقة السيارات والدواليب والأسلاك، تشهد منطقة بعلبك اليوم سرقات من نوع آخر مواكبة لطبيعة الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الناس، إذ لجأ البعض إلى سرقة قساطل المياه والمضخات والكابلات والأسلاك الحديدية لبيعها. وتبيّن أن شح المياه سببه تلك السرقات المتتالية لهذه الأدوات من الآبار التابعة لمصلحة المياه، ما أدى الى انقطاع المياه في أحياء عدّة والذهاب إلى مرحلة التقنين. والسؤال لماذا يلجأ الناس إلى هذه السرقات؟ ولماذا لا تتحرك الجهات المعنية لوقف هذه الأفعال؟ وهل هناك بدائل لهذه المعدات المسروقة؟ وما هي الأسباب الفعلية لهذا التقنين القاسي للمياه؟ أهي مشكلة في الكهرباء أم في سوء الإدارة والسرقات؟ وما هو مصير أبناء بعلبك؟.

تؤكد مصادر لـ”لبنان الكبير” أن عملية السرقة تجري بواسطة الكسر والخلع، لأن الآبار بعيدة عن الأماكن السكنية وفي مناطق جرديّة مرتفعة، بحيث لا يوجد حراس من مصلحة المياه كي يحرسوها، فقط يتم تشغيلها، في جميع الأحوال السرقات مسيطرة وموجودة.

أما عن الأوتو ترانس، الكابلات، الطلمبة، المحول، الشفاط، فتشير المصادر إلى أن “داخل كل واحدة من هذه المعدات ما يقارب 200 كيلو نحاس وهذا الهدف المرجو من السرقات. وإذا قمنا بعملية حسابية على سبيل المثال، فالكابل الواحد 33 متراً سعره 500 دولار. لنفترض أنه يباع بمليوني ليرة فيكون السارق قد حقق ربحاً كبيراً”.

وبحسب مصادر من مصلحة مياه بعلبك فـ”إن عملية التقنين موجودة منذ بدء عمليات السرقة، فمصدر عين مشكي كان يُغذي فوق 5000 وحدة سكنية، وبعد سرقته كان من الضروري تقسيم المياه الموجودة على المناطق الأخرى. إضافة الى مصدر الجوج الذي يُغذي منطقة شمالي بعلبك من نحلة، ولكنه يشح في هذه الفترة لأنه مصدر طبيعي، ما يجبرنا على التقسيم بشكل أكبر، وعند التحدث عن تقسيم أكثر لكمية المياه الموجودة والتي تُضخ، نرى أن مدة التقنين تكون أكثر. ومع أزمة الكهرباء وتقنينها، بحيث أصبحت تأتي ساعة أو ساعتين في اليوم الواحد، زادت حدة الأعباء والمشكلات .”

ويقول رئيس مصلحة المحطات في البقاع خليل عازار “يفترض أن القوى الأمنية هي المسؤولة عن حماية هذه المنشآت. أما عن مسؤوليتنا فنحن نحاول تأمين بديل يحل محل سرقات المعدات، وواجبنا تأمين البديل للمواطنين، وقد نجحنا في هذه الخطوة”.

ويتابع عازار: “بئر رقم 14 التي سرقت في 5 حزيران 2021 تأمن لها البديل. من قال إننا لم نؤمنه؟ وموضوع التقنين لا يرتبط بالسرقات، إنما بأزمة الكهرباء فهي لم تعد كما قبل، إضافة إلى أزمة المحروقات، وأصحاب المولدات يحاولون تخفيف الأعباء عنهم  قدر الإمكان. نوعاً ما مشكلة السرقات متواجدة بشكل كبير في منطقة بعلبك وجوارها”.

وتشير مصادر تابعة لمحطة الكهرباء إلى أن “خطوط البيارة وما يسمى بخط المشاريع يعطي الكهرباء 24/24  وبشكل دائم لجميع الآبار ولا يجب تحميل شركة كهرباء لبنان مسؤولية ما يحدث، لأن هذا الخط بالتحديد لا يُشكل ثقلاً في المحطة الرئيسية ويصرف ما يقارب 10 الى 15 أمبير، وبالتالي لا  قيمة لديه ولا يشكل نوعاً من الضغوط على المولدات”.

وتوضح مصادر أمنية لـ”لبنان الكبير” أنه “ألقي القبض على عدد من السارقين وتم ضبط عدد من المسروقات من أسلاك معدنية وغيرها. كما تُسجل يومياً العديد من الشكاوى والعمل يجري دائماً لتعزيز الأمن والاستقرار في جميع المناطق، كما بدأت القوى الأمنية بتعزيز وجودها بشكل أكبر في المنطقة”.

وبالنسبة لسكان منطقة العسيرة، فحسب الأهالي جميع المشكلات سببها سوء الإدارة من ناحية التوزيع على الأحياء أو من ناحية ضخ المياه، فأغلب الأحيان تأتي المياه 4 أيام دون توقف أو حتى 8 أيام أو تنقطع بشكل كلي. لا نظام في الضخ، لا نظام في توزيع المياه، والمنازل القريبة من بعضها البعض أحدها تصله المياه والآخر لا تصله مع العلم أن المسافة لا تتعدى 20 متراً.

ويقول علي الذي يسكن في منطقة رأس العين: “أنا إبن هذه المنطقة والنهر يمر من منطقتي، فلماذا لا مياه لدي؟ لماذا كل 10 أيام أنا مُجبر لتعبئة خزان المياه بواسطة الصهريج وكلفته أصبحت 65 ألفاً؟ لماذا نتحمل جميع هذه الأعباء؟”.

من الواضح أن مدينة الشمس بدأت تفقد توازنها ولم تعد قادرة على استيعاب جميع تلك الأزمات، وأن أزمة السرقات ليست وليدة اليوم، فكيف يمكن للسارق ممارسة فعله براحة كلية؟ وتبقى المسؤولية على القوى الأمنية لضبط هذه الأفعال كما وعلى السكان الاهتمام بمرافقهم التي تؤمن لهم الماء والكهرباء.

شارك المقال