حقول القمح في البقاع تحترق ولا مَن يكترث!

راما الجراح

لا يكفي المزارع في لبنان الخسائر التي تتراكم عليه من الطقس الذي تسبب بخراب بعض مواسمهم، إلى الأسمدة الفاسدة! وزيادة كلفة الإنتاج مع الارتفاع الجنوني للأسعار، حتى التهمت ألسنة اللهب حقول القمح في البقاع قبل أسابيع من حصادها ولا تستطع في أغلب الأحيان مراكز الدفاع المدني من إنقاذ ولو جزء بسيط من المحاصيل!

فبعد خسارة المزارعين مئات الدونمات من حقول القمح، والوضع الذي يزداد سوءاً في لبنان، يبقى المزارع على أمل الحصول على تعويض خسارته خاصةً أنه إلى اليوم لم تُشكّل حكومة لإنقاذ أي قرار تنفيذي يمكن أن يصدر بحق المزارعين، هذا في حال لم تكن حكومة انتخابات لا إنقاذ بحسب عدة مصادر سياسية!

خسر ٢٠٠ مليون بسبب الحرائق

ويرى المزارع شادي حرب الذي خسر ما يقارب ٢٠٠ دونم من القمح بسبب الحرائق في سهل حوش الحريمة أن “الدولة قد تخلت عن المزارع منذ زمن طويل، فرغم الكوارث الطبيعية التي تصيب الأراضي الزراعية، لم نلمس أي تعويض من الدولة خلافاً لكل بلدان العالم. وأنا مزارع أضمن ١٠٠٠ دونم من الأراضي سنوياً لزراعتها بين منطقة حوش الحريمة والمرج في البقاع الغربي، وكان احترق ١٠٠ دونم من المحصول الذي أنتظره سنزياً بسبب المفرقعات النارية التي أُطلقت بالقُرب من أرضي، وخسرت حوالي ٢٠٠ مليون فقط لأن أحدهم أراد الاحتفال بنجاح ولده في صف البريفية دون الاكتراث بحال غيره. وتحول المشهد من فرحة إلى كارثة معيشية بالنسبة لي لم تكن في الحسبان”.

ويضيف “حتى اليوم هناك دعاوى قضائية بيني وبين الفاعل لتعويض خسارتي، وصدر حكم قضائي بأن يدفع لي ٦٠ مليون ل. ل ومن ثم خُفض المبلغ إلى ٣٠ مليون ل.ل. وبالرغم من ذلك، فإن الفاعل فرّ من وجه العدالة ولم يدفع لي حقي”. ويشير إلى أنه “هناك نقص كبير في مراكز الدفاع المدني في منطقتنا، آلياتهم لا تصل إلى الحريق إلا بعد أن يحترق المحصول، ونحن بحاجة إلى مركز في منطقة المرج لأن غالبية المواطنين هنا يعتمدون في معيشتهم على المحاصيل الزراعية والقمح بشكل أساسي. وهذه البلدة تعتبر أكبر بلدات البقاع الغربي من حيث الكثافة السكانية، أي نحن بأمس الحاجة إلى المساعدة في هذا الإطار.

ويطالب حرب الدولة وجميع المعنيين “في هذه الأوقات الصعبة التي تمر بها البلاد بتأمين مركز للدفاع المدني في بلدتنا أو آلية مُجهزة، فالبارحة على سبيل المثال شبَّ حريق في محصول قمح أحد سكان المرج والتهمت النيران كل محصوله الذي يبلغ حوالي ٣٠ دونماً، وهذه كارثة كبيرة في الوقت الذي لم نشهد فيه أبدا أي تعويض من قبل الدولة لهكذا خسارات”.

مراكز الدفاع المدني مهمّشة!

بدوره يؤكد مسؤول مركز الدفاع المدني في منطقة المنارة محمد أن هذا الجهاز يحتاج إلى تعزيزات أكثر حتى يستطيع تلبية حاجات المواطنين. ويقول: “دائماً هناك حرائق كبيرة تصيب الأراضي المزروعة بالقمح في منطقة البقاع، وهذا العام لا يختلف عن الأعوام الماضية، فنسبة الحرائق لم تنخفض والكَم الهائل من المساحات التي تعرضت لحرائق كبيرة لا تُحصى، وأتأسف أن أقول إن هناك غياباً كاملاً للدولة في منطقتنا، وعدد مراكز الدفاع المدني المنتشرة على مساحة البقاع جيدة، ولكننا نعاني بشكل خاص من نقص الآليات والعناصر، الأمر الذي يضعنا في موقف حرج مع أهل منطقتنا الذين يطلبون المساعدة ولا نستطيع تلبيتهم بالشكل المطلو”.

ويتابع: “أنا متطوع في الجهاز منذ ١٨ عاماً، وعلى مدى سنوات طالبنا المديرية العامة للدفاع المدني بتعزيز هذا الجهاز، وكان الرد دائماً: “هلق ما في إمكانيات”. ووصلنا إلى مرحلة إذا كان هناك عطل في آلية معينة نحن نتحمل مسؤولية الصيانة لأنه “هلق ما في”! فهل يستطيع أحد تخيّل أن جهازاً يعمل فقط لخدمة الناس لم تؤمن له الدولة محروقات خلال فترة سنة كاملة تقريباً، وأصبحنا نعتمد على الجمعيات والتبرعات من الناس الخيّرة لتزويد آلياتنا بمادة البنزين أو المازوت”.

وختم مطالباً بـ”تعزيز آلياتنا وزيادة عناصرنا كي نستطيع تأمين حاجات الناس، لأن الوضع في البقاع كل عام يكون كارثياً من هذه الناحية والمسؤولية تقع على عاتقنا بشكل خاص”!

الله بعوّض! 

واقع الحال لا يختلف عند المزارع حسان الحمدانية الذي خسر ٢٥ دونماً من أراضيه الأسبوع الماضي، والسبب لم يُعرف بعد. ويروي لنا تفاصيل ما جرى “كنتُ بانتظار دوري كباقي المزارعين لحصاد القمح، فالجميع على علم بالوضع السيئ الذي نمر به، ونحن في منطقة البقاع نعاني منذ سنوات من نقص في آليات الحصاد وننتظر دورنا كطوابير البنزين اليوم”.

ويضيف: “أتوقع أن يكون أحدهم رمى سيجارة عن غير قصد تسببت في الحريق الذي حصل في أرضي، ومن هنا أتمنى على الجميع الانتباه في فترة الصيف إلى محاصيل القمح، فأغلبنا في منطقة البقاع مزارعون وننتظر موسم الحصاد لنجني بعضاً من الأرباح لتأمين قوت يومنا، وللأسف الدولة غائبة بشكل كامل عن واقع المزارع في لبنان ليس من اليوم ولا ننتظر منها تعويضاً فـ”الله بعوّض”!

يسارع اليوم مزارعو القمح في البقاع إلى حصاد حقولهم خشية الحرائق التي التهمت محاصيل الآخرين، مطالبين بالمساعدة والتعويض بالرغم من أنهم فقدوا الأمل ولكن على مقولة “بركي بيطلعلنا شي أحسن من ولا شي”!

شارك المقال