الفوط الصحية تحلّق… والنساء يندبن حظهن

نسرين قمورية

ما ذنبي خلقت في لبنان؟ ما ذنبي أن أخاف من دورتي الشهريّة؟ لا من وجعها وألمها بل من حاجاتها التي تفوق قدرتي!”، هذا ما قالته أسماء، البالغة ٢٥ عاماً، التهمها الغلاء المعيشي حتى جعلها عاجزة عن اقتناء مستلزماتها الأساسيّة الشهريّة من فوط صحيّة. فلا عجب من العودة إلى الايّام “الخوالي” حيث القماش أو حفاضات الأطفال هي الحل.

يعيش لبنان أزمة اقتصادية خانقة تخرج السيدات اللبنانيات عن صمتهن ليجاهرن بعجزهن عن تأمين حاجاتهن الأساسيّة، فأصبحن يعشن في بلد يحسب للفوطة الصحيّة “ألف حساب”.

في جولة لنا على أحد المحلات التجاريّة، تتراوح الأسعار ما بين 17 ألف ليرة و30 ألفاً للعبوة الواحدة بعد أن كانت 4 آلاف ليرة، أي أن المرأة بحاجة إلى ما يقارب الــ 50 ألف ليرة شهريّا لإرضاء دورتها! تقول أسماء: “لم يخيّل لي يوماً أن أجول في المحلات باحثة عن العبوات الأرخص غير المعروفة، فأخرج متمنية قصر مدّتها لأخزّن ما تبقى!”

حال أسماء كحال الكثيرات، بعضهن يلجأ إلى المناديل الورقيّة عوضًا عن الفوط صارفين النظر عن المخاطر الصحيّة التي تتسبب بها، ليبقى أكبر حلمهن “انقطاع الدورة عنهن!، وفي السياق، أفادت الدكتورة النسائيّة رولا اليافوي لــ”لبنان الكبير” أنها “لا تنصح أبداً باستخدام المناديل الورقية باعتبارها المسبب الاوّل للفطريات في حال التسرّب، وأشدّد على الفوط القماش القطنية كبديل صحّي آمن للفوط الصحيّة”.

وعلى مقلب آخر، تنتظر العديد من السيدات المساعدات الصحيّة من المنظمات الدوليّة (UNFPA) لسدّ مستلزماتها الشهريّة، فكيف إذا انقطعت عنهن المساعدات؟ ما البديل عنها؟ والى متى وهذه الأزمة من أكبر همومهن؟

بدائل قديمة بحلّة جديدة

في ظل الظروف الاقتصاديّة القاسيّة التي تعصف بلبنان وعلى أثر الارتفاع المخيف لسعر صرف الدولار، ارتفعت أسعار الفوط الصحيّة تدريجياً بحوالي 500%! تعالت الأصوات للبحث عن البدائل حتى برزت المبادرات للتخفيف من الأعباء على النساء. لاقت مبادرة “إرثنا-earth_ona.lb”  رواجاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعود لميساء شعيتو طالبة هندسة زراعية، وجدت من واجبها ومسؤوليتها إيجاد بدائل عمليّة لاستخدامات الفوط الصحيّة التي تهدد البيئة، إلاّ أنها اليوم “قد ضربت عصفورين بحجر واحد” إذ أوجدت فوطاً قطنية من قماش أقل تكلفة وأكثر فعالية وأطول عمراً.

يتم استخدام القماش من القطن الخالص، إذ أثبت فعاليته في منع التسرّب والحماية من الحساسية، تقول شعيتو لـ”لبنان الكبير” هناك إقبال جيد للنساء على فوط القماش، وهناك من يأتين بعد استخدامهن ليقلن إنها أفضل من الفوط الصحيّة وأكثر توفيراً”. تتراوح أسعار الفوط ما بين الــ29 ألف ليرة و32 ألف ليرة للقطعة الواحدة وهي متعددة الاستخدامات وصالحة لأكثر من عام. فهل يشهد هذا القطاع ازدهاراً في لبنان؟ وهل تثبت مقولة “قديمك بفيدك”؟ والى متى والضريبة الزهريّة منسيّة ومسكوت عنها؟

شارك المقال