أزمة الدواء تتفاقم والصيادلة ينتظرون حلول وزير الصحة

تالا الحريري

القطاع الصحي في خطر، فبين أزمة الدواء وعدم القدرة على استيراده، وغياب المستلزمات الطبية وإقفال الصيدليات، تتواصل خسائر الصيادلة والمستشفيات.

منذ شهر أعلنت نقابة مستوردي الأدوية، عن توقف عملية استيراد الأدوية بشكل شبه كامل، في وقت تعاني فيه الكثير من شركات الأدوية من نفاذ بعض الأدوية، منها أدوية السرطان وأمراض القلب. والتقديرات تشير إلى  أن القطاع الصحي في لبنان سيشهد كارثةً مع نهاية شهر تموز إذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة، بحسب كلام نقيب مستوردي الأدوية  كريم جبارة.

ومع بدء الاضراب المفتوح للصيدليات، تفاقمت الأزمة، في ظل قلق وخوف المواطن اللبناني من غياب الدواء، لاسيما وأن الموت بدأ بملاحقة المرضى الذين يفتقدون أدويتهم.

والتساؤلات كثيرة عن الصيدليات التي لم تساهم في هذا الإضراب، فما الفرق بين الصيدليات التي أعلنت الإضراب وتلك التي لم تلتزم به؟ هل ما زالت قادرة على التحمّل رغم هذه الأزمة؟ أم أنّها تجد هذا الإضراب بلا جدوى، لأنّه لن يغيّر شيئاً؟

الأمين: الدواء مؤمّن للناس

كل يوم، نرى الناس تتهافت على دواء قد يكون السبب في الإنقاذ من جلطة أو مرض مزمن. فحتى “البنادول” الذي كان يشتري منه الناس ظرفاً أو ظرفين بألف أو ألفي ليرة، ما عاد متوفراً. هذا المُسكّن الذي كان منتشراً في ثلاجات البيوت وفي أدراجها، بات الحصول عليه الآن بتوصية، فكيف أدوية الأمراض المزمنة وأمراض القلب وغيرها؟

وقد قال نقيب الصيادلة غسان الأمين لـ”لبنان الكبير” أن “1500 صيدلية من أصل 3500 صيدلية أعلنت الإضراب، والسبب عدم قدرتها على التحمّل، فرأت أن الحل الأنسب في توصيل رسالتها التي لم تعد قيد الاستماع، ألا وهي إعلان الإضراب المفتوح والإقفال”.

وبحسب الأمين، “فإنّ المشكلة ليست بالصيدليات وإقفالها، المشكلة في الإفلاس الدولي، ألا وهو تأخر مصرف لبنان بالتحويلات من أجل الاستيراد. والمشكلة الأخرى أيضاً هي في الدواء المدعوم، فعندما يكون الدواء مدعوماً، يعني هناك فرق بين سعر الصرف والسعر الحقيقي، وبالتالي عامل التهريب والتخزين من أكثر العوامل المشار اليها هنا. ومن المفترض أن سياسة الدعم هذه هي سياسة خاطئة، يعني يمكننا دعم المواطن بدلاً من دعم الدواء، يجب دعم الفقير حتى يكون قادراً على شراء الدواء”.

وبرأيه أن “الأمل الوحيد الحالي، هو قرار وزير الصحة حمد حسن المُنتظر الذي سيساهم في تغيير الاستراتيجية الدوائية في البلد، ومن المتوقع أن يقدّم الوزير مقترحات تساهم في حل 70% من أزمة الدواء. فالوزارة  تتموضع في شكل ثانٍ بعدما قام مصرف لبنان بتحديد المبالغ القادر على تقديمها، والآن تضع الوزارة خطة تتناسب مع المبلغ المقترح”.

وكما أفاد الأمين، أنّه “لا يوجد تخزين في الصيدليات، بل إنّهم يستلمون علبة أو اثنتين من البضاعة المستوردة”، موضحاً: “لا يوجد شيء اسمه أدوية مقطوعة نهائياً، هناك تخزين وتهريب، فقط أن الشخص يجد صعوبة في إيجاد دواء معين، فيضطر أن يجول على أكثر من صيدلية حتى يجد طلبه، ولكن هذا لا يعني أنّه لا يوجد دواء بتاتاً في البلد. الصيدليات نصفها مفتوح ونصفها مغلق، يعني الدواء مؤمّن للناس، المشكلة في نوع معين من الدواء المقطوع”.

وبالإشارة إلى التخزين، أكّد الأمين عدم وجود تخزين في الصيدليات، وهذا صحيح. فبحسب ما أشار إليه أكثر من صيدلية، أنّه لا يوجد تخزين أبداً، بل إنّهم يستلمون البضاعة بكميات محدودة. لكن ما هو عامل التخزين الذي يقصد به نقيب الصيادلة، فإذا كان هناك عامل تخزين وتهريب، والصيدليات لا تخزّن، فمن يخزّن؟ الدولة؟

شاهين: كيف سندير السوق؟

في هذا السياق أفادنا الصيدلي ربيع شاهين، بأنّ المستودعات والشركات لا تسلّمهم الأدوية إلا بكميات محدودة جداً.

وقال لـــ”لبنان الكبير”: “حتى لا نتهمهم ظلماً وعدواناً، هل يا ترى مصرف لبنان لا يقوم بتوقيع الاعتمادات حتى يجيبوا على 1500 ويستطيعوا التوزيع بالكميات المطلوبة،  أو هل هم يخبئونهم؟ لا يمكن أن نجزم في هذا الموضوع”.

فحسب قوله، “هناك أدوية مستوردة لكن بكميات قليلة جداً، وفي لبنان يُباع المستورد أكثر من المحلي. أمّا بالنسبة لفاعلية المحلي مقارنةً بالمستورد، فقد ذكر شاهين” اذا كانت نفس التركيبة، فإنّ فعاليتهما متساوية”. وأفاد أن “الصيدليات لا تستلم الأدوية بكمية كافية، يعني هناك أدوية مسكنات شبه مختفية تقريباً، فيتم تسليم الصيدليات علبتين أو أربع من المُسكّن، أو كحد أقصى 10 علب في الشهر. وبالعادة يُباع في الصيدلية العادية 20 و30 في اليوم، نحن بحاجة إلى 900 حبة، ويصلنا 20 حبة فقط، فكيف بدنا ندير السوق”.

القطاع الصحي يدفع الثمن

باختصار وبحسب الظاهر، نرى أن المشكلة الأساسية هي عدم امتلاك شركات الأدوية للدولار حتى تستورد الأدوية من الخارج، ومصرف لبنان يتأخر في تحويلاته. فالأزمات تتوالى شيئاً فشيئاً، واذ شهدنا انهيار الليرة تماماً في الوقت القريب، فسلامٌ على الأدوية المستوردة، ولن يدفع الثمن سوى القطاع الصحي والمواطن اللبناني.

شارك المقال