طرقات البقاع المظلمة تفتح شهية السارقين… والبدائل “لمبات” البيوت

راما الجراح

لا تخفى على أحد الأزمات التي يعيشها اللبناني، ومنها استمرار انقطاع التيار الكهربائي غالبية ساعات اليوم، نتيجة التقنين القاسي. فبين فترة وأخرى تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي صور لأطفال بحاجة إلى أجهزة تنفس بشكل دائم ويتعرضون لحالات اختناق بسبب انقطاع الكهرباء، وفي منطقة البقاع ازدادت نسبة السرقات بسبب قطع كهرباء زحلة عن الشوارع، بالاتفاق مع بلديات المنطقة، بالمقابل انقطاع كهرباء لبنان بشكل شبه كامل عن المنازل والطرقات.

في خضم هذه الأزمة أصبح المواطن البقاعي يخشى على ممتلكاته العامة والخاصة من السرقة، من أطقم الطاولات والكراسي التي يعتاد أغلب البقاعيين وضعها على الشرفات خلال فصل الصيف، إلى الرفش والمعول والأدوات الزراعية الأخرى التي أصبحت تُقدر اليوم بثمن جيد.

كهرباء زحلة وعتمة الطرقات

وفي حديث مع رئيس بلدية المرج منور الجراح يقول لــ “لبنان الكبير” إن “الخطوة التي قامت بها شركة كهرباء زحلة كانت مُجبرة عليها بسبب عدم القدرة على توفير الفيول بالشكل المطلوب، الأمر الذي استدعى إطفاء الأنوار في شوارع كل القرى على أن تبقى التغذية الكهربائية مستمرة ٢٤/٢٤ داخل المنازل، ولا يمكن غض النظر عن نعمة وجود شركة مثل كهرباء زحلة التي وقفت إلى جانبنا في أصعب الظروف والمِحن التي واجهتنا بسبب ظروف البلد القاسية عاماً بعد عام، واليوم حان دورنا للوقوف إلى جانبها كي تستمر ولها فضل كبير علينا جميعاً”.

اقتراح حل بديل

ويضيف: “نحن كبلديات وافقنا على اقتراح الشركة بقطع الكهرباء عن الشوارع كي لا يصل بنا الحال إلى ما وصلت إليه كهرباء لبنان بكل وضوح، وفضّلنا أن لا تغرق المنازل في العتمة”، متمنياً على الجميع تفهم الأمر “لأن الحلول البديلة صعبة المنال اليوم والأزمة لا تقتصر على شركة دون أخرى، ولكن هذا لا يعني أننا لا يمكننا التحرك لتفادي عتمة الشوارع ولو ببصيص نور لتجنب الخوف من السرقات على أنواعها في ظل هذه الظروف الصعبة، فجميعنا نملك “لمبة” أمام أبواب منازلنا، فلنشغلها ليلاً حتى لو أضاءت مساحة بسيطة يبقى الموضوع أفضل بكثير من الظلام الحالك”.

ويرى الجراح أن على الجميع “تقبل الوضع الاستثنائي الذي نمر به، وألا يترددوا بإضاءة لمبة واحدة في الخارج  ولو زادت تكلفة فاتورة الكهرباء حوالي ٢٠ ألف شهرياً، ولكن بهذه الطريقة يمكننا كسر حاجز الخوف داخلنا من أي محاولة سرقة يمكن أن تحصل، وبالتالي هذه الطريقة قد تتسبب بإرباك السارق نفسه، فنحن في بلد ذاهبون فيه نحو الأسوأ، واليوم حتى شرطة البلدية عددها أصبح غير كافٍ لتغطية مساحة بلدة المرج الكبيرة من خلال تسيير دوريات وتنظيم دوامات حرس وغيرها بسبب موازنة وإمكانية البلديات الضئيلة على صعيد لبنان بشكل عام”.

كهرباء لبنان ساعة واحدة

تعاني منطقة مجدل عنجر بشكل كبير من أزمة الكهرباء كما كل المناطق التي تستمد الإنارة من شركة كهرباء لبنان، والبديهي في الموضوع أن الطرقات والمنازل بأغلبيتها غارقة في الظلام. ويوضح الجراح واقع الحال “ليس لأن شركة الكهرباء اقترحت أي حل بديل كما فعلت كهرباء زحلة على سبيل المثال، بل بالأساس لأنها غير قادرة على تأمين فيول لإنارة الشوارع بالأساس، وتقنين الكهرباء قاس جداً لدرجة ساعة في الـ ٢٤ ساعة، بالإضافة إلى التقنين الذي بدأ به أصحاب مولدات الاشتراك بسبب عدم قدرتهم على تأمين فيول كافٍ بالإضافة إلى حاجة المُحرك لاستراحة ضرورية يومياً حتى يستطيع الاستمرار بتغذيتنا بالكهرباء”.

وعليه، يقول الجراح: “نقوم بتسيير دوريات لشرطة البلدية بشكل دائم، خصوصاً في البلدة طوال النهار ونُكثّفها خلال ساعات الليل الأخيرة، بالإضافة إلى تعاوننا مع عدد من شباب البلدة لحراستها للحد من محاولات السرقة التي أصبحت مخيفة ومنتشرة بشكل كبير في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي نعاني منها اليوم”.

سرقات شائعة

شهدت منطقة البقاع حالات تعدٍّ على الأملاك العامة والخاصة، بالإضافة إلى سرقة “أغطية الريغارات” في الطرقات، ولذلك يطالب الجراح أهل المنطقة “بأن يكونوا دائماً على جهوزية كاملة ويتصرفوا بوعي، وأن يقوموا بتحصين أنفسهم وبيوتهم بالطرق المناسبة. فبالرغم من حرصنا الكبير على أمان وسلام بلداتنا، إلا أننا لا نستطيع الحد من السرقة بشكل كامل”. ومن جهة ثانية يطالب الجراح “المنظمات الدولية الموجودة في لبنان والجمعيات الأهلية بمساعدة البلديات لإنارة الشوارع من خلال تنظيم مشاريع طاقة شمسية”.

معاناة المواطنين

أرخت أزمة الكهرباء أثقالها على عاتق المواطنين اللبنانيين الذين يعانون أوضاعاً معيشية صعبة جراء ارتفاع في أسعار السلع الغذائية وما يرافق ذلك من مشقات الحصول على وقود أو أدوية أو حليب للأطفال وغيرها.

يقول بلال، صاحب محل سوبرماركت في البقاع الغربي أن “انقطاع الكهرباء يؤثر أولاً بشكل كبير على البرادات في المحل، واضطررت إلى بيع مكنة “فريسكو” بسبب الأزمة، ولدي براءات للمياه والمشروبات الغازية وللألبان والأجبان وللبوظة وجميعها تصبح قابلة للتلف، بالإضافة إلى الأعطال التي يمكن أن تطرأ على البرادات في حال لم تتحسن الكهرباء. ثانياً الطرقات ليلاً مظلمة جداً، وفي حال أي محاولة سرقة لا أستطيع أن أحمي نفسي بشكل مباشر لأنني من المستحيل أن أشعر أو أرى حتى على كاميرات المراقبة ماذا يحصل في الخارج عند المساء، وهذا ما ولّد لدينا حالة من التوتر والخوف بشكل يومي عندما نرى غروب الشمس”.

ويرى المواطن أحمد أن “موضوع الكهرباء وصل إلى مرحلة صعبة جداً ولا وجود لحلول بديلة غير الاشتراك والمولدات الخاصة، ولكنها اليوم لم تعد تنفع في ظل التقنين القاسي”.

الظلام يُخيَّم على أرض البقاع وحالة من الذعر تسيطر على الأهالي، فهل سنشهد أي تغييرات يمكن أن تطرأ على خط شركة كهرباء زحلة أو أي دعم خارجي لإنارة الشوارع على الطاقة الشمسية؟

شارك المقال