عيد الأضحى على الأبواب… وأهل الخير عاجزون

جنى غلاييني

كيف يفرح الشعب اللبناني بالعيد والهموم تتراكم. يُقبل عيد الأضحى هذا العام والبهجة غائبة بفعل الأزمات الموجعة التي تجتاح البلد وتوجع العائلات بعد  أن جعلتهم عاجزين عن تلبية أدنى متطلّباتهم، وهم أعجز اليوم عن الدفاع عن أبسط حقوقهم المعيشية، فاستسلموا لواقعهم الأليم غير مكترثين لتداعياتها.

كيف للجمعيات الخيرية التي اعتاد البعض على عطائها لسد ثغرة ما أن تصل اليوم لتحصر مساعداتها بعدد قليل من المحتاجين وتأمين حصص اللحمة لهم كأضاحٍ في العيد، وقد يكون هذا الفوز صعباً ليرحّبوا بما أصبحوا يشتهون.

إنّ فاقد الشيء لا يعطيه، فهل أصبحت الجمعيات الخيرية غير قادرة على تقديم المساعدات للفقراء والمساكين؟ وماذا عن مشاريع الأضاحي التي تعتمد توزيعها في كل عيد أضحى؟

صندوق الخير “دار الفتوى”

بعد انطلاق حملة “أضحيتك حياة” هذه السنة لصندوق الخير في دار الفتوى، والتي تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 في القضاء على الفقر والجوع، يقول مديرها التنفيذي الاستاذ حسن فريجة لـ”لبنان الكبير”: ” نشهد هذه السنة تراجعاً واضحاً في نسب إقبال المتبرعين في شراء الأضحية مقارنةً بالسنة الفائتة، نظراً للواقع المرير الذي يمر به البلد، من أزمة الدولار ومشكلة حجز أموال الناس في المصارف، ولكن رغم كل ذلك نحن نستمر في حملتنا لفعل الخير بأكبر قدر مستطاع”.

ويضيف: “حاجة الناس للمساعدة تزداد بشكل كبير، ويعود السبب إمّا لفقدان المواطنين وظائفهم، أو لتراجع قدرتهم الشرائيّة”، واصفاً واقع الحال “الناس أصبحت تشتهي اللحم الذي أصبح ضيفاً ثقيلاً على موائد عائلات لم يعد بمقدورها شراء جزء بسيط منها”.

يشدّد فريجة على ضرورة تذكير الأشخاص المقتدرين على السنّة المؤكدة في ضرورة الالتفات إلى أحوال الناس من خلال مساعدتهم في شراء الأضحية ليكونوا عوناً للفقراء والمساكين، موضحاً: “دورنا هنا وسيط بين المتبرعين والمستفيدين، من خلال توزيعنا حصص الأضاحي للعائلات الفقيرة”.

وفي هذا الخصوص يقول: “إنّ تسعيرتنا للأضاحي لهذه السنة اختلفت قليلاً عن أسعار السنة الماضية، ولكن قدرة شرائها تراجعت بشكل ملحوظ في ظل وجود أزمة الدولار”.

ويضيف: “نحن لا نستورد الأضحية بشكل مباشر، إنّما نحصل عليها عن طريق تجار المواشي”، بناءً على ذلك “أصبح تاجر المواشي يطلب الدفع نقداً وحسب سعر الصرف، وذلك ما نحن ملتزمون به”.

ويشرح: “في السنة الفائتة استطعنا من خلال حملة (أضحيتك حياة) توزيع الأضاحي لما يقارب 10 آلاف أسرة، وهذا المشروع ينقسم إلى جزءين، جزء ينفّذ داخل لبنان خلال أيام عيد الأضحى الأربعة من خلال ذبح الأضاحي وتوزيعها مباشرةً بطريقة منظمة، أما الجزء الثاني فينفذ بذبح أضاحٍ خارج لبنان، وبعد مرور شهرين تورّد حصص اللحمة المجمّدة ضمن إجراءات صحية سليمة تحمي نقلها عبر برّادات شركات مخصّصة لوصولها إلى مرفأ بيروت، ومن بعدها يتم توزيعها في لبنان على الأسر المحتاجة”.

وعن سبب اعتمادهم على الذبح الخارجي يجيب: “نحن نعتمد على ذبح الأضاحي خارج لبنان بسبب قلّة تكلفة ذبحها نسبةً للذبح المحلي”، موضحاً: “لذا أصبح المتبرّع يتجه مباشرةً للذبح الخارجي، نظراً لفرق الأسعار، إذ سعر ذبح العجل المستورد 115$ أمّا سعره المحلي 210$”.

ويختم: “أصبحت الناس تفتقر للاستقرار والطمأنينة وفرحة العيد بسبب الأزمات التي تعصف بلبنان، لذا نحن نستعد بكل إمكانياتنا لننشر جواً من البهجة والسرور في عيد الأضحى المقبل”

صندوق الزكاة “دار الفتوى”

يفيدنا مدير عام صندوق الزكاة الشيخ زهير كبي بكل أسى عن عدم تمكنهم من تنفيذ مشروع الأضاحي لهذا العام، وذلك يعود لعدّة أسباب ذكرها، منها قلّة توافر اللحوم في السوق وارتفاع أسعار المواشي الجنوني التي يعتمدها التجار.

يقول كبي” “لم يعد هناك ضمان بتسليمنا الأضاحي من قِبل التجار، كما أصبح الحد الأدنى للأُضحية 210$ أي ما يقارب 3 ملايين و885 ألف ليرة، وهذا ما يؤدي إلى إقبال ضئيل في عدد المتبرعين”، مضيفاً: “يسعى صندوق الزكاة حالياً إلى تأمين كسوة عيد تكفي جميع الأطفال المحتاجين”.

أرقام هائلة من المحتاجين يستقبلها صندوق الزكاة أسبوعياً ما لا يقل عن 300 شخص من خلال تعبئة استمارة لهم، ولكن الإمكانيات الموجودة لم تعد تكفي لمساعدة المزيد من المحتاجين بسبب عدم توافر القدرة المادية”.

ويلاحظ كبي أن “هناك جمعيات خيرية تراجعت قدرتها على العطاء للأسف وذلك بسبب الحجز على أموالها في المصارف، كما أغلب الناس الذين تبرّعوا في شهر رمضان الماضي، فضّلوا الدفع عن طريق الشيك المصرفي”.

مؤسسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية

أمّا عن مشاريع مؤسسات الدكتور محمد خالد، يقول مديرها العام الشيخ أحمد دندن: “نقوم هذه السنة بمشروع أضاحي مصغّر، أي باستقبال المتبرعين الذين نستطيع من خلالهم تأمين حاجات أطفالنا الغذائية التي تكفيهم لمدار السنة”، ويضيف: “أصبحنا نلاحظ تراجعاً كبيراً في نسب التبرعات بسبب الوضع الاقتصادي المتأزّم، كما ونواجه صعوبة في صرف الشيكات المالية التي يقدّمها المتبرعون، لذا نحن نحاول الاتفاق مع تجار المواشي على سعر مناسب نكون قادرين من خلاله على الاستمرار بمشروع الأضاحي”.

ويوضّح: “نشهد تزايداً ضخماً في أعداد الأطفال عبر وزارة الشؤون التي تدرس حالتهم الأسرية وتصنّفهم إذا كانوا بحاجة إلى رعاية، ومن هذه الناحية نحاول أن نساعد عدداً في الأماكن الشاغرة في مؤسستنا”.

يتوجّه دندن بالشكر إلى جمعية “أهل الخير” التي ساهمت ولا تزال في كل عيد أضحى برسم البسمة على وجوه أطفال المؤسسة وخلق أجواء الفرح في أنفسهم وتأمين كسوة العيد والعيدية والحلويات لهم.

شارك المقال