أضاحي العيد في البقاع برعاية أموال المغتربين 

راما الجراح

“عيد بأي حال عُدت يا عيد”، الأوضاع الاقتصادية الصعبة والضائقة المادية التي تطال أكثر من نصف الشعب اللبناني فرضت عليهم غياب مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، ويصادف حلوله هذا العام بموائد شبه خالية من الأضاحي بسبب ارتفاع أسعار اللحوم أضعاف ما كانت عليه في السنوات الماضية.

واليوم المسالخ ومتاجر اللحوم في منطقة البقاع على وجه الخصوص تفتقد لأناسها، فبعدما كانت تغص بروادها في الأسبوع الأخير قبل يوم العيد أصبحت اليوم مقتصرة على عدد قليل من الأشخاص في كل قرية، وتعتمد بشكل أكبر على الجمعيات والمغتربين الذين يُرسلون لذويهم مبلغاً من المال “بالفريش دولار” للأضاحي، حيث تخطى سعر الأضحية الـ ٤ ملايين ل.ل، أي ارتفع السعر أكثر من ٥ أضعاف ما كان عليه في الأعوام الماضية.

أضاحي من أموال المغتربين والجمعيات

فبعدما اعتاد مدير شركة تولاي للتجارة العامة والمواشي محمد خير أبو عثمان على كمية الطلبات الكبيرة للأضاحي من قبل أهل البقاع والتي يصعب إحصاؤها كل عام، يشعر اليوم بغصة أمام صعوبة الأوضاع التي أوصلت الناس إلى مرحلة العجز عن تطبيق شعائر العيد التي اعتادوها ويقول: “الطلبات هذا العام عندنا كبيرة جداً مقارنة بالأعوام السابقة، ولكن ليس لأن باستطاعة الناس شراء لحوم للأضاحي بل أولًا بسبب إرسال المغتربين أموالاً لذويهم في المنطقة لمساعدتهم على شراء اللحوم، والسبب الآخر هو وجود عدد كبير من الجمعيات التي طلبت أعداداً كبيرة من اللحوم للأضاحي لتوزيعها على الفقراء في منطقتنا”.

ويضيف: “أهالي البقاع بشكل عام عاجزون بشكل كبير عن شراء لحوم لهذا العيد، لدرجة عدم قدرتهم على شراء عجل صغير، وإذا كان هذا الأسبوع حافلاً بأعداد الأضاحي بسبب أموال المغتربين والجمعيات، إلا أن مرحلة بعد العيد هي مرحلة الانهيار الكبير لهذا القطاع وهذا العام هو الأسوأ في مصلحتنا، فكلفة الأعلاف ارتفعت بشكل جنوني بالإضافة إلى غلاء فيول البواخر في الخارج والذي أثر سلباً علينا فإذا كانت كلفة شحن طن من المواشي تساوي ١٠٠ دولار اليوم أصبحت الكلفة حوالي ٣٠٠ دولار “والله يستر”.

صندوق زكاة دار الفتوى في البقاع

ويرى المسؤول عن توزيع أضاحي صندوق زكاة دار الفتوى هذا العام في منطقة البقاع الشيخ زياد هيفا “إن الأوضاع الصعبة التي تحيط بنا مع قدوم عيد الأضحى المبارك فرصة كبيرة لأصحاب المال لإدخال الفرح إلى قلوب الفقراء والمحتاجين من خلال تطبيق سنة النبي بالأضحية، فمنطقة البقاع تعُج بالفقراء منذ مرحلة ما قبل الأزمة، وصندوق الزكاة يرعى منذ ٣٤ عاماً حوالي ١٨٦٠ عائلة وحوالي ٣٦٠ يتيماً”.

ويقول لـ”لبنان الكبير” إن “العمل المؤسساتي يختلف بشكل كبير عن العمل الفردي، حيث يكون دوره عادلاً أكثر في نطاق البحث عن فئة المتعففين ومساعدتهم قدر المستطاع والوصول إلى أكبر عدد منهم، وهناك متطوعون لصندوق الزكاة في كل بلدة ضمن نطاق البقاع يتم التواصل معهم قبل عيد الأضحى بفترة معينة لإحصاء عدد العائلات الفقيرة ليتم إيصال الأضاحي إليهم نهار العيد بعد الذبح مباشرة لتكتمل فرحتهم”.

إقرأ أيضاً: عيد الأضحى على الأبواب… وأهل الخير عاجزون

ويضيف “وبالنسبة للنازحين السوريين في المناطق هناك العديد من المؤسسات والجمعيات تقوم بتوزيع الأضاحي عليهم بإشراف دار الفتوى، وذلك بناءً على طلب المتبرعين الذين يشترطون ذلك أغلب الأحيان”. ويوجه هيفا نداء إلى أهل الخير والعطاء لكي يذكروا إخوانهم في العيد وإدخال الفرحة إلى قلوبهم.

سننسى طعم اللحوم قريباً

مسؤول عن قسم المواشي في سوق المرج عصام ياسين يقول “انخفضت الحركة على شراء الخِراف والعجول للأضاحي هذا العام مقارنةً بالسنين الماضية بنسبة ٤٠٪، وتعتبر الحركة الأقوى اليوم في سوق الأضاحي لتجار المواشي الكبار ومحدودة بشكل كبير على صعيد الأفراد في منطقة البقاع تحديداً. إشارة إلى أن حتى حركة هؤلاء التجار انخفضت بنسب عالية جداً، كما أنه لا يستطيع أحد تهميش هذا السوق وغض النظر عن هذه النسب حيث يستقطب كبار تجار المواشي على صعيد لبنان ويُعتبر وجهتهم منذ عشرات السنين، وهذه النسب إذا دلت على شيء فتعني أننا نمضي في طريق نسيان طعم اللحوم في المدى القريب جداً”.

شارك المقال