العيد في طرابلس: أجواء موحشة… وحرمان

إسراء ديب
إسراء ديب

تغيب هذا العام المظاهر الاحتفالية التي تحتفي بحلول عيد الأضحى في مدينة طرابلس، وهي مظاهر كانت تُحيي في قلوب الطرابلسيين البهجة التي فقدت في المدينة، فلا زينة ولا أضواء تُزين الطرقات والأسواق، واكتفى أصحاب بعض المحلات بوضع تكبيرات العيد، أمّا عن أجواء العيد فهي شبه غائبة، والحركة في المدينة باتت شبه معدومة.

الأسواق الطرابلسية لا سيما الشعبية منها، لم تعد تُشبه “أم الفقير” على الرّغم من محاولتها القيام بكلّ ما بوسعها لمواجهة الواقع الاقتصادي المرير، ومن ينتقل بين محلاتها يشعر بمرارة من الأسعار التي تنغص على المواطنين الفرحة بهذه المناسبة التي حرموا منها.

الحرمان في أيّام العيد

لم يحرم الأهالي من شراء الملابس لهم ولأولادهم فحسب، بل حرموا أيضًا من شراء اللحوم أيضًا لا سيما “السودة” أيّ الصنف الذي يُقبل على شرائه الطرابلسيون خلال فترة الأعياد، إذ وصل سعر كيلو السودة (إن وجدت في الملاحم) إلى 100 ألف ليرة لبنانية، وهو سعر يعجز الكثير من العائلات عن تأمينه، وهم ينتظرون الأضاحي بفارغ الصبر علّهم يحصلون عليها منها، أمّا سعر كليو البقر(الهبرة)، فوصل إلى 150 ألف ليرة، والمفرومة بـ 140 ألفاً، أمّا كيلو لحم الغنم فوصل إلى 200 ألف ليرة.

وفي ما يخصّ المعمول والسكاكر المخصّصة للعيد، وحتّى الورق العنب فحدّث ولا حرج، ومن تمكّن من تحضيرها وشرائها ” بينعدّوا على الأصابع”.

في الواقع، يختلف هذا العيد عن عيد الفطر الذي شهدت طرابلس بحلوله، ازدهارًا كبيرًا وانتعاشًا واضحًا لأسواقها بفضل المغتربين الذي أسهموا بشكلٍ كبير في مساعدة الأهالي ودعمهم ماديًا في أزمتهم الاقتصادية. أمّا عيد الأضحى فلم يشهد إقبالًا كثيفًا لدعم المغتربين بالزخم الذي حدث منذ شهرين، ما حرم الكثير من العائلات الطرابلسية من التمتع بأجواء العيد.

وما زاد الطين بلة، أزمة الكهرباء التي أفسدت فرحة العيد، ليكون الظلام رفيق الطرابلسيين لا سيما في الفترة التي سبقت حلول العيد.

أثمان أضاحي العيد

لم يتمكّن معظم الطرابلسيين من شراء خروف العيد بسبب ارتفاع ثمنه بشكلٍ كبير، واقتصرت الأضاحي على مساهمة المغتربين، وبالفعل يشهد سوق المواشي ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار مع ارتفاع سعر صرف الدولار، وبحسب أحد التجار فيُحتسب سعر الخروف بحسب وزنه، ويقول: “كلّ كيلو منه يُكلف 4 دولارا ونصف ونضربه بوزن الخروف الكليّ، ثمّ نحسب المجموع بحسب سعر صرف الدولار”.

الأسواق في غيبوبة

لم تشهد الأسواق في طرابلس سواء أكانت تلك الموجودة في شارع عزمي أو الداخلية منها، زحمة خانقة كعادتها، ولأوّل مرّة منذ سنوات تُقفل هذه الأسواق مبكرًا أيّ عند السابعة والنصف مساءً كحدّ أقصى، وهي من الأمور المستحيلة التي لم يكن أحد يُفكّر في حدوثها في فترة الأعياد التي تُعرف بإقبال الزبائن عليها بشكلٍ كثيف من طرابلس وخارجها.

يُعبّر بعض التجار لـ” لبنان الكبير” عن خيبة أملهم الكبيرة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تُبشر بالانهيار القريب لكلّ المرافق التجارية المعروفة، ويقول محمّد ج.: ” خلافاً لعيد الفطر، الحركة في الأسواق كانت معدومة تقريبًا، وكلّ الناس الذين نراهم يتجوّلون في السوق ويكتفون فقط بإلقاء النظر على البضائع التي لن تُباع بأيّ شكل من الأشكال مع ارتفاع أسعارها بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار الذي وصل إلى 23 ألف ليرة وهو مرشح للارتفاع من جديد بشكلٍ جنونيّ”.

إقرأ أيضاً: أضاحي العيد في البقاع برعاية أموال المغتربين

أمّا صاحبة أحد المحلات في سوق البازركان التي تجلس منذ الصباح الباكر في محلّها، فتُؤكّد أنّ أيّا من الزبائن لم يدخل إلى محلها، وتقول: “يأتي العيد هذا العام بغصة كبيرة، الأزمة انعكست على الجميع، ونحن أيضًا ضحايا ولسنا جلادين كما يرى البعض، مع العلم أنّ بعض التجار يستغل الظروف والفوضى لرفع الأسعار مباشرة مع ارتفاع سعر الصرف، في حين أنّه لا يُخفضها مهما تراجع سعر الدولار”.

أمّا خالد وهو صاحب أحد محلات الإكسسوارات في السوق، فيُؤكّد أنّه يُقفل محله عند الساعة الخامسة مساءً وأحيانًا قد يبقى للساعة السادسة كحدّ أقصى، ويقول: “العتمة التي تكون بعد السابعة مساءً موحشة للغاية، إذ يُقفل أصحاب المحلات متاجرهم التي يعجزون عن دفع ثمن إيجارها وثمن الكهرباء والاشتراك فيها مع تراجع الإقبال على الشراء”، مضيفًا: “سعر السلاسل يتجاوز الـ 100 ألف ليرة، وكلّ من يشتري هم من المغتربين أو الذين يتقاضون مبالغ أو تحويلات بالدولار، فلا يكترثون كثيرًا لهذه التفاصيل، ولكن حتّى عدد المغتربين والزبائن قد تراجع فعليًا هذا العام، وبالفعل السوق يعيش أسوأ مرحلة في هذه الأيام الصعبة”.

شارك المقال