حلوى وثياب العيد لمن استطاع إليه سبيلاً 

راما الجراح

ثياب العيد فرحة الأطفال، لكن هذا العام التحضيرات والترتيبات مختلفة، فعيد الأضحى المبارك ليس كغيره، المسلمون بشكل عام في لبنان لن يستطيعوا الاحتفال بالعيد كعاداتهم لا من حيث شراء ثياب جديدة أو تحضير حلويات من مختلف الأشكال والأنواع بسبب تردي الأوضاع المعيشية والغلاء الفاحش.

فرحة الأطفال بثياب جديدة مفقودة

ستغيب مظاهر الاحتفال بالعيد عند غالبية الاُسر اللبنانية، الأهل عاجزون عن تأمين طلبات أطفالهم، ويعتبر أبو أسامة أن “الفرحة غائبة عنا، اليوم لم يعد باستطاعتي تأمين أبسط حقوق أطفالي الأربعة للاحتفال بالعيد، لا أستطيع شراء ملابس لهم، حتى إنني عاجز عن اصطحابهم إلى مكان ما للترفيه، بس بقول: “الله لا يسامح يلي وصلنا لهون”. 

واقع حال أبو أسامة لا يختلف عن حال عائلة أبو وسيم الذي أوصلته الظروف إلى البكاء ويقول: “ما ذنب أطفالي الذين وعدتهم بشراء ثياب جديدة لهم لكنني اليوم لا أستطيع الوفاء بالوعد، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار الجنوني الأسبوع الأخير. فالأطفال يعتبرون أن فرحتهم بالعيد لا تكتمل إلا بارتداء ثياب جديدة، وأنا بنظرهم اليوم لن أستطيع إكمال فرحتهم، وأتمنى أن يأتي اليوم الذي لا يستطيع فيه حُكامنا تأمين أبسط حقوق أولادهم أو أحفادهم”.

الحل في التسوق الإلكتروني

أما السيدة أمل عليان فقد قررت الحرص على أجواء فرحة العيد في منزلهم، وتعتبر أن “أبسط الأمور ممكن أن تُدخل الفرحة إلى قلوب أطفالنا، فأنا أم لأربع بنات، وأحرص دائماً على إسعادهن، ومن هنا تصفحت قبل فترة العيد بشهر العديد من صفحات التسوق الالكتروني، ورأيت ما هو مناسب لبناتي، وكانت الأسعار أوفر بنسبة ٥٠٪ من المحلات في الأسواق التجارية وهذا ما سهّل مهمتي”.

وتضيف: “جميعنا نعاني من أوضاع مادية صعبة، ولكنني لا أستطيع تحميل أولادي أعباء هذه الظروف، ومن واجبي كأم صناعة أجواء الفرح في قلوبهم ونشر الإيجابية قدر المستطاع للحفاظ على فكرة أن “العيد فرحة” مهما قست الظروف واتقلبت الأحوال”.

المحال التجارية خالية من روادها

يؤكد صاحب إحدى المؤسسات الكبيرة لبيع الملابس النسائية والرجالية في منطقة البقاع أن “حركة البيع هذا العيد خفيفة جداً مقارنة بالأعياد من قبل، والسبب يعود إلى ارتفاع أسعار البضاعة مقابل عدم استقرار سعر صرف الدولار، فقطعة الثياب التي كان مبيعها ١٠ دولارات أي ١٥ ألف ل.ل، أصبحت القطعة نفسها تساوي اليوم حوالي ٢٠٠ ألف ل.ل”. 

ويضيف “المشكلة ليست من التجار، فنحن لا ناقة لنا ولا جمل، بضاعتنا شحن من الخارج وبالعملة الصعبة، الأمر الذي يُحتم علينا أن نبيعها كما قبل بحسب الدولار ولا يمكننا تغيير هذه القاعدة، وأتمنى على جميع الناس تفهم موقفنا من هذا الأمر وأن لا تكون نظرتهم لنا كمحتكرين أو نصابين، الصفات التي يطلقها علينا أغلبهم بطريقة ظالمة”.

إقبال كبير على حلوى العيد

أسعار الحلويات تُنَغِّص فرحة العيد عند غالبية الشعب اللبناني بسبب ارتفاع الأسعار، فحلوى عيد الأضحى التي تتمثل بالمعمول والشوكولا لن يستطيع عدد كبير من الناس شراءها أو إعدادها في المنزل بسبب ارتفاع مواد تحضيرها أيضاً.

وفي حديث مع صاحب محمصة “بن عماد” في البقاع السيد عبد الرحمن شموري يقول بصدمة أن “نسبة الناس التي اشترت حلوى لعيد الأضحى ارتفعت عن الأعياد الماضية برغم الارتفاع الجنوني للأسعار، فلم يعد اللبناني يُفكر بشراء سيارة أو تجهيز منزله لأنه أصبح على قناعة تامة في هذه الأوضاع أنه لا يستطيع الحصول عليها، وهكذا يذهب إلى شراء ما يحتاجه كل يوم بيومه”.

وبتفاصيل أكثر عن الأسعار يقول “كان لدينا في عيد الفطر أنواع فاخرة من الشوكولا يساوي سعر الكيلو منها ١٨٥ ألف ل.ل، اليوم الشوكولا نفسها أصبح سعر الكيلو منها بـ ٣٠٠ ألف ل.ل، والذي كان سعره ٧٠ ألف أصبح ١٧٠ ألفاً، والمستفيد الأكبر من هذه الأزمة هو كل بيت لديه شخص مغترب، بداية الأسعار حسب الدولار أصبحت أرخص، والمئة دولار “صارت بتحكي”!

بين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة وأموال المغتربين، وبين الإقبال الكبير على حلوى دون غيرها لفرحة العيد، أصبح اللبناني متأقلماً بشكل كبير مع أزمته بكل أسف، ويظهر أننا لا نثور على الأزمة بل الأزمة تثور علينا وستنتصر..

شارك المقال