معاناة النازحين في مراكز الايواء… “برد بلا تدفئة والحمام بالدور”

فاطمة البسام

“نوافذ مكسّرة، حمامات مشتركة، وحرامات لا تكفي”، هكذا وصف النازح الجنوبي المركز الذي لجأ اليه هرباً من الاشتباكات المتواصلة على الحدود. أكثر من 60 يوماً قضتها بعض العوائل اللبنانية داخل مراكز للإيواء، التي أعاد تأهيلها اتحاد بلديات المناطق لتستوعب أكبر قدر من النازحين الذين تركوا بيوتهم قسراً. ولكن مثل الكثير من الكوارث التي تحلّ علينا يبقى الحل آخر ما نفكر فيه.

تقدّر منظمة الهجرة الدولية عدد النازحين من القرى والبلدات الحدودية بـ29 ألفاً (قبل شهر)، وتقول مصادر حكومية إن عدد هؤلاء 16570 موزعين ما بين 3912 في محافظة النبطية، و12658 في محافظة لبنان الجنوبي.

وتشير المصادر إلى أن معظم هؤلاء موجودون راهناً في مدارس ومراكز جمعيات وفي بعض النوادي والفنادق، لافتة إلى أنهم يفتقرون بصورة أساسية الى الفرش والحرامات وحصص النظافة الشخصية، كما الحصص التموينية وأدوية الأمراض المزمنة.

على المقلب الآخر، جزء كبير من الجنوبيين إختار الصمود، وجزء آخر راح يقضي نهاره في منزله الذي قد يتعرض للقصف في أي لحظة ويعود مساءً إلى المدرسة أو المهنية التي تحوّلت إلى سكن بديل. ولعل آخر قصة للصمود كانت نهايتها دموية، راح ضحيتها مختار بلدة الطيبة حسين منصور الذي رفض النزوح وقضى بقذيفة على شرفة منزله قبل أن يكمل فنجان قهوته.

“عم يعطونا دوا غسيل بالكباية”

سمر سويد، أم لثلاثة أطفال، أصغرهم عمره شهران، أنجبته في المستشفى الحكومي في صور وجاءت به مباشرة إلى الجامعة الألمانية التي أصبحت مركزاً للنازحين في محلّة البرج الشمالي، هرباً من القصف العنيف الذي طال بلدتها في الضهيرة.

تخبر سويد موقع “لبنان الكبير” عن البرد الذي أصبح يشتد يوماً بعد يوم داخل غرف الجامعة الخالية إلا من مقاعد الدراسة، وأن ابنيها الكبيرين يتشاركان غطاء واحداً حصلا عليه من المساعدات والحصص التي قُدّمت إليهم.

وتضيف عن طفلها الذي أصبح عمره من عمر الحرب، أن كمية الحفاضات والحليب التي تحصل عليها كلّ أسبوعين غير كافية، وفي الكثير من الأحيان تلجأ الى مسؤولي الخدمات من أجل دعمها بمساعدات إضافية، كان آخرها مساعدة مالية بقيمة مليون ليرة لإجراء صورة لمولودها الذي تدهورت صحته من الرطوبة الموجودة في الغرفة التي تقطنها.

أمّا عن الطعام، فيصل إليهم بارداً في علب بلاستيكية، وفي الكثير من الأحيان من دون نكهة بحسب سويد، مشيرة إلى أن أبناءها في معظم الأوقات يبيتون بمعدة فارغة.

حمامات مشتركة وغسيل يدوي، “عم يعطونا دوا الغسيل بالكباية” ولكل عائلة “جاط” (وعاء بلاستيك) خاص بها للغسيل، كما تقول سويد، وأن كمية المسحوق قليلة جداً، لكن لا بديل. وتضيف: “ننتظر بالدور من أجل الإستحمام أو الدخول إلى الحمام”.

الأدوية المزمنة شبه مقطوعة

أما عن الأدوية الدائمة، فالحصول عليها صعب في معظم الأحيان مثل أدوية الربو أو القلب وغيرها، حسبما أفاد بسام سويد الذي يقطن أيضاً في مركز للجوء. ويشير إلى أن بعض الجمعيات مثل الصليب الأحمر والهيئة الصحية يجري فحوصاً دورية لهم، ويقدم لهم الأدوية البسيطة مثل المسكنات وغيرها. إلاّ أن المشكلة في تأمين الأدوية المزمنة، فكل فترة تأتي جمعية معينة تسجّل لائحة بأسماء المرضى على أمل تأمين الدواء اللازم. وتمنى سويد عدم تطوّر الأحداث أكثر كي يعودوا إلى منازلهم ويعيشوا بكرامة.

وكانت الحكومة وضعت خطة طوارئ لتعزيز الجهوزية لمواجهة تداعيات العدوان الاسرائيلي انطلاقاً من تجربة حرب 2006 لناحية الاغاثة والإيواء. وتلحظ الخطة إغاثة مليون نازح، عشرون في المائة وأكثر منهم في مراكز لأكثر من شهرين. وتعتمد بصورة أساسية على تمويل ومساعدات خارجية.

شارك المقال