الأدوية الإيرانية مخالفات وتهريب… و”الصحة” لا تجيب

تالا الحريري

دخول الأدوية الإيرانية إلى لبنان سبّب حالة هلع للمواطنين، هل لأنّه إيراني فقط؟ أم لأنّه لم يخضع للإجراءات الصحية والقانونية اللازمة؟ فموضوع الأدوية الإيرانية ما زال شبه غامض، ليس فقط بالنسبة للمواطنين بل بالنسبة للأطباء والقضاء. دخول الأدوية الإيرانية عبر خط عسكري دون خضوعها للتحاليل، حمّل وزير الصحة حمد حسن جميع المسؤولية، وأوضح أن وراء هذا الدخول بهذه الطريقة هدفاً سياسياً.

وعلى الرغم من أن الملف مرّ عليه أكثر من شهرين، إلاّ أنّه ما زال قضية مثيرة للبحث والجدل، بحيث يعود الجدل حول سبب نقص هذا الملف وعدم تواجده بالعلن وحول مخاطر هذه الأدوية التي لا يمكن معرفة مضاعفاتها على المريض، فدخول الأدوية إلى لبنان خالف معايير منظمة الصحة العالمية وخالف الإجراءات الإدارية والقانونية .

عويدات: السؤال موجه إلى بعبدا

وأوضح المدعي العام التمييزي غسان عويدات لـــ “لبنان الكبير”، أن ملف الأدوية الإيرانية موجود في بعبدا وما في عنا شي عنو، هناك من تقدم بشكوى مباشرة في بعبدا، وصدر قرار منذ زمن بحفظ الأوراق وتقريباً منذ شهرين. لم يستجد أي شي في هذا الملف، كل جديد موجود في الملف ببعبدا، والسؤال يجب أن يوجه إليهم.”

سربيه: الهدف ربما تمويل حزب الله

هكذا كان رد عويدات الحاد بخصوص ملف الأدوية الإيرانية، وبالتواصل مع الدكتورة سوزان سربيه، العضو المؤسس لمنظمة “أطباء القمصان البيض”، قالت: “حتى يكون عندي تعليق، يجب أن يكون عندي الملف ولكن لا يوجد ملف، كيف يجب أن أحكم والملف ناقص، أعطوني ملفاً كاملاً حتى أقول لكم إذا كان هذا الدواء جيداً أم لا. حتى الآن وزير الصحة لا يرينا ملف الدواء الإيراني.”

وتضيف: “الملفات التي قدمت إلى الوزارة ناقصة، ليُرينا حمد حسن الملفات حتى نرفع له القبعة ونقول يعطيك العافية، لماذا يخبئ الموضوع؟. منذ سنتين لا بل ثلاث نتكلّم عن الأدوية الإيرانية، وحتّى الآن لم يسكتنا ويقول هذا الملف الكامل تفضلوا. تقدّم أول ملف على أيام الوزير السابق جميل جبق ورفضته اللجنة الفنية، ثمّ صدر قرار للجنة الفنية حتى تسجله وأكملوا على هذا المنوال.”

وعن المعلومات المتداولة عن تواجد الأدوية الإيرانية في الأسواق اللبنانية منذ سنوات عديدة، تقول سربيه إن “الدواء الإيراني لم يكن متواجداً من قبل في الأسواق اللبنانية”، وبالحديث عنه تقول: “الأدوية الإيرانية سجلت في الوزارة لكن لم تسجل حسب الأصول، وهذا التخوف من الأدوية لأنّه سجّل بسرعة هائلة وملفه غير كامل، فقد سجل بقرار وزير وليس بقرار لجنة فنية”.

وبحسب ادعاء حمد حسن بإجراء التحاليل اللازمة للأدوية الإيرانية توضح سربيه: “هذا القول أدلى به بعدما سجلت الأدوية وصارت في السوق، عادةً تُجرى التحاليل عليه قبل وليس بعد دخوله”.

وعند سؤالها عن سبب التوجه للدواء الإيراني بعدما كنا نستورد أجود أنواع الأدوية تقول سربيه: “هذا تحليل سياسي”، من ثمّ تؤكّد أن “هناك هدفاً سياسياً وراء إدخال هذه الأدوية “اليوم بظل العقوبات على إيران يمكن أن تكون هذه طريقة جديدة لتمويل حزب الله”.

تفيد سربيه أن “الأدوية ليست مصنعة حتى تباع بالصيدليات بل لاستعمالها في المستشفيات وهي موجودة بالكرنتينا وأنّ الأدوية التي وصلت ليست فقط للأمراض المزمنة بل لغيرها أيضاً. عندما لا يكون هناك مال والمرجع الوحيد أن نأخذ من الكرنتينا ببلاش ويقولوا ما في إلا الإيراني شو منعمل؟ والمواطن ليس لديه خيار آخر سوى أن يأخذ الأدوية الإيرانية.”

وتأكيداً على كلام سربيه، تواصلنا مع بعض الصيدليات التي أفادت بعدم وجود للأدوية الإيرانية لديها، ومع نقيب المستشفيات الدكتور سليمان هارون الذي قال إنّه لا يملك أي معلومات عن وجود أدوية إيرانية في المستشفيات “ما عندي معلومات عن الموضوع”.

أبو شرف: المهم الجودة

أما نقيب الأطباء شرف أبو شرف فيقول: “الدواء من أي مكان يأتي منه يجب أن يكون مدروساً ومطبّقاً عليه التحاليل حتى نقيّم الجودة والفعالية، في الماضي كان لدينا مختبر مركزي ولكن مع الأسف أُلغي دون معرفة الأسباب وقد طالبنا بإعادة تفعيله مراراً وتكراراً عبر نقابة الأطباء، لكن مع الأسف لم نلق آذاناً صاغية.”

حرب: كل مواطن يتضرر في رقبتهم

أمّا مجد حرب أحد المحامين المهتمين بهذه القضية فأفاد “لبنان الكبير” أنّهم كمحامين تقدّموا بشكوى بالــ13 دواء المسجلين بيو “أدوية مشابهة”. وأوضح: “تقدمنا بهذا الملف ليس فقط لأن ملف الأدوية الخاضعة للتسجيل ناقص إنما كان شبه غائب وليس موجوداً ولا يتبع الآليات القانونية التي يجب أن يتبعها. الدراسات في المختبرات ناقصة وعندما طالبنا نحن ومنظمة القمصان البيض في إبراز الملف، لم يبرزوه وما زالوا حتى الآن لم يبرزوه، ويقولون إن هذا الشيء سري. كيفية تركيب الدواء ممكن أن تكون سرية ولديها حقوق ملكية، أمّا موضوع الدراسات هذا بلا طعمة”.

وأكد حرب قول الدكتورة سوزان سربيه وغيرها من المصادر بقوله: “أكيد هذا الملف ناقص وإذا كان مكتملاً فهو مكتمل بطريقة غير قانونية، لأن الأدوية ليست خاضعة للفحوص المخبرية في المختبرات التي تعتمدها الدولة اللبنانية. الملف الذي استطعنا تجميعه هو دراسات طبية وهذه فقط المعطيات الموجودة بالعلن، في ما يخص هذه الأدوية التي سجلت ولم تخضع لفحوصات. بالاضافة إلى القرارات الصادرة عن الوزراء والمخالفة للقانون وطلبات التسريع بالتسجيل التي قاموا بها.”

واضاف: “حتى الآن لا يوجد مستجدات في هذا الملف، لكن المشكلة الكبيرة أنّنا تقدمنا بأول إخبار للنيابة العامة التمييزية وتم رفض هذا الاخبار. ثم قررنا تقديم الملف إلى القاضية غادة عون خاصة أن الشركة المستوردة للأدوية الإيرانية فرعها في الشياح، وخاضعة لصلاحيات القاضية عون، تم تحويل الملف إلى الدولة بطريقة شكلية لكن لحد اليوم لم يجرِ التحقيق بالملف ولم نُستدعَ حتى ندلي بإفادتنا، ولم يُطلب مسؤولو الشركة أو أحد الوزراء لإعطاء إفادتهم في هذا الخصوص. وللأسف اليوم نرى قرار وزير الصحة في السماح بإدخال الأدوية بطريقة مستعجلة، وهذا سيفتح باباً جديداً لإدخال أدوية جديدة غير خاضعة للفحوصات اللازمة. الذي نطالب به، هو إخضاع الأدوية للفحوصات على الرغم من مصدرها، ولكن كي نتأكد أنّنا لا نعطي سمّاً للشعب اللبناني، وبرأيي هذا الاتجاه الذي قامت به الوزارة غير قانوني وما زال حتى الآن غير قانوني وسيزيد مع الوقت بسبب الازمة المادية التي نعيشها.”

إقرأ أيضاً: يداهمون شققاً ويتجاهلون مستودعات الأدوية المدعومة

وعند سؤاله عن المسؤول الأكبر في هذه القضية قال: “اكيد المسؤولية الأكبر أولاً على وزير الصحة الحالي حمد حسن والسابق جميل جبق، وتقع المسؤولية أيضاً على عاتق القضاة الذين تقدمنا لهم بهذا الملف ولم يتحركوا حتى اليوم، مع العلم أنّهم يجب أن يتطرقوا إلى هذا الملف دون جميلتنا، فصحّة كل مواطن يتضرر في رقبتهم كلهم.”

وزارة الصحة تعتذر عن الإجابة

لا يجب أن يخلو الأمر من مواجهة وزير الصحة حمد حسن حتى يرد على صحة الاتهامات الموجهة له، وبعد تعذّر الوصول إلى الوزير مباشرةً، تواصلنا مع مستشاره محمد حيدر، الذي قال إن هذه الاتهامات التي توجّه لوزير الصحة في عدم عرضه الملف الكامل باطلة وغير صحيحة، ليتراجع ويقول إنّه لا يملك المعلومات الدقيقة عن هذا الموضوع، وطلب منا التواصل مع المستشار الإعلامي لوزير الصحة رضا موسوي كونه يملك معلومات أكثر. وكان الرد سلبياً، فبعد محاولات اتصال عديدة برضا الموسوي، لم نلق ردّاً، وبالتالي تبقى الاتهامات الموجهة لوزير الصحة معلقة إلى حين الحصول على تصريح واضح.

وهنا يتم التوجه أيضاً إلى شركة Lebiran المعنية باستيراد الأدوية الإيرانية والتي حسب الأخبار المتداولة لم تستكمل ملفها وفقاً للأصول باستيراد الأدوية وبيعها، وبعد التواصل ثلاث مرات في أوقات مختلفة وفي أيام مختلفة مع هذه الشركة، وبعد معرفتها للموضوع المطروح، كان الرد في المرات الثلاث “الإدارة غير موجودة”.

شارك المقال