البقاعيون أمام كارثة تأمين مادة التدفئة للشتاء!

راما الجراح

لا يمكن الهروب من تأمين مواد التدفئة في البقاع لفصل الشتاء المقبل، الأمر الذي لا يقتصر على ذوي الدخل المحدود ولا على الأغنياء، جميعنا سواسية أمام البرد القارس، لكننا نختلف في تأمين وسائل التدفئة.

أزمة حقيقية بانتظار البقاعيين

هذا العام لا يشبه غيره من الأعوام، والتحضيرات بدأت في البقاع لاستقبال فصل الشتاء، لكن الخيارات صعبة جداً أمام ذوي الدخل المحدود والمتوسط نظراً لصعوبة تأمين مادة المازوت وارتفاع سعرها مقارنة مع السابق، وبالطبع غياب دور الدولة الذي اعتاد عليه المواطنون في الوقوف إلى جانبهم أو تأمين ما تيسر لهم من مساعدات للتدفئة في هذا الفصل.

البقاعيون بشكل عام أمام أزمة حقيقية للحصول على مواد التدفئة، الظروف الاقتصادية أكثر صعوبة هذا العام وارتفاع سعر الدولار أمام الليرة اللبنانية شكل عامل ضغط أكثر على الأهالي، فمادتا المازوت والحطب هما المادتان الأساسيتان للتدفئة، غير أن هذا العام لم يعد حتى سعر الحطب متيسراً لأصحاب الدخل المحدود وارتفع بنسبة ١٠ أضعاف الأسعار في السابق، ويشكّل صدمة لكل مواطن اعتقد أن التدفئة على الحطب سهلة كما قبل، عدا عن شح مادة المازوت في السوق وارتفاع سعرها.

ارتفاع جنوني بأسعار الحطب

وبحسب مدير مؤسسة أبو آدم للحطب أن “طن الحطب قبل اندلاع الأزمة في لبنان كان يساوي ٢٥٠ ألف ليرة لبنانية فقط، ومع بداية أحداث ١٧ تشرين وصل سعره إلى ٥٥٠ ألف ليرة لبنانية، ولكن عندما وصل سعر صرف الدولار إلى حدود الـ٢٣ ألف ليرة لبنانية أصبح طن الحطب يساوي مليون و٤٠٠ ألف ليرة لبنانية، وعندما وصلنا إلى هذه المرحلة فقدت مادة المازوت من السوق، الأمر الذي انعكس سلباً على الأسعار، لأن الأدوات التي نستخدمها في عملنا تحتاج إلى مازوت من “نقليات/ قص “.. ومؤخراً أصبح سعر برميل المازوت في السوق السوداء مليون و٢٠٠ ألف ليرة لبنانية”.

حطب للتدفئة

المازوت يُقرر سعر الحطب

ووفق أبو آدم “عندما وصل سعر برميل المازوت إلى هذا المستوى ارتفع تلقائياً سعر طن الحطب إلى مليونين و٥٠٠ ألف ليرة، وعلى الرغم من انخفاض سعر صرف الدولار، إلا أن شح مادة المازوت وارتفاع سعرها ينعكس على الحطب نفسه بكل أسف، وبالنسبة لنا مهما ارتفع سعر الدولار من دون أن يرتفع سعر المازوت، فستبقى أسعار الحطب ثابتة وأقل بكثير مما وصلت إليه اليوم، لأن جميع المعدات التي نعمل بها على سعر الدولار من “البلاطة إلى الشفرات..”

ويؤكد أنه “لا شك أن الحطب يبقى أرخص من المازوت، فمقابل تكلفة المليونين و٥٠٠ ألف ليرة لطن الحطب والذي يقوم بتدفئة حوالي ٤٠ يوماً، فإن سعر برميل المازوت يساوي ٣ ملايين ليرة ويقوم بتدفئة المنزل لحوالي ٢٣ يوماً كحد أقصى، ولكن أصحاب الدخل المحدود والمتوسط الذين كانوا يعتمدون على الحطب للتوفير، يقصدون اليوم مؤسستي بهدف شراء الحطب ولكن عندما يسألون عن الأسعار “بيشحطوا فرام” ، الوضع كارثي هذا العام ونسبة كبيرة من الناس الذين كانوا يعتمدون على الحطب للتدفئة حتى اليوم لم يبدؤوا بتجهيزاتهم للشتاء على غير عادتهم بسبب صعوبة الأوضاع المادية”.

وهذا ما يؤكده المواطن ياسر حيث قال: “في حال استمرت الأوضاع على هذا النحو، فإن ذوي الدخل المحدود هذا الشتاء لن بستطيعوا شراء مواد للتدفئة، حتى شراء مدفأة بالأساس أصبح بالنسبة لهم شبه مستحيل بعدما ارتفعت أسعارها إلى أكثر من مليون ونصف المليون ليرة، فمصيرنا مجهول حتى الآن و”مسلمين أمرنا لله”!.

برميل المازوت ٤ أضعاف المعاش! 

ويؤكد صاحب أحد محطات الوقود في منطقة البقاع الأوسط أنه “سيصبح سعر برميل المازوت ٤ معاشات موظف حكومي أي كلفته ستساوي ٤ ملايين ليرة لبنانية هذا الشتاء ما يعني أن أكثر من ٦٠٪ من الشعب اللبناني أمام كارثة كبيرة لتأمين مادة للتدفئة تحميهم من برد الشتاء القارس، وأغلب الأسر ذوي الدخل المحدود تنتظرهم أيام صعبة يصعب عليهم حلها أو معالجتها، ولا نقول إلا “الله يكون بعوننا جميعاً”.

التهريب شغّال

وعن تأمين الوقود وتهريبه إلى سوريا يقول “الكارتلات المعروفة هي الشركات اللبنانية مثل الكورال، هيبكو، مدكو، وغيرها، وهم يستوردون البنزين والمازوت غير المطابق للمواصفات ويبتزون مصرف لبنان حتى يؤمن لهم الدولار وهم فعلياً يشترون المازوت غير المطابق والبنزين غير المطابق للمواصفات ويوزعونه مناطقياً ومذهبياً ومن ثم يبيعونه في السوق السوداء حتى يضاعفوا الربح، عندها يذهب البنزين والمازوت المدعوم من مصرف لبنان إلى سوريا بدل أن يكون المستفيد الأول هم اللبنانيون”.

إقرأ أيضاً: أزمة مياه في البقاع… والحق على الكهرباء

الحل في تطبيق الفيدرالية! 

وفي مقلب آخر يشير إلى أن “حاجة لبنان من المازوت والبنزين معروفة وبالأرقام، ولأن قانون قيصر لا يسمح بوجود منفذ لسوريا سوى من لبنان، فما يقارب ثلثي كمية الوقود تذهب إلى سوريا، وثلث منها فقط من نصيب اللبناني، ونخلص إلى أن لبنان محتل بشكل مباشر أو غير مباشر ويحكمه زعماء طوائف لا يهمهم إلا مصلحتهم والحل الأمثل يكمن بتطبيق الفيدرالية”.

بالنسبة للبقاعيين النار فاكهة الشتاء، فهل الأوضاع التي وصلنا إليها بسبب فساد السلطة سيحرم المواطن حتى من صوت الحطب المشتعل ومشهدية النار والإحساس بالدفء في أجواء الشتاء التي اعتاد أهل البقاع على قساوتها وبرودتها الشديدة؟ ربما مصيرنا أن نتجمد من البرد وربما هدفهم أن نصبح جماداً!

شارك المقال