صوت القمصان البيض يعلو… ليرفع عون الحصانة عن نفسه

محمد شمس الدين

حضر القطاع الطبي بقوة في تحركات ذكرى 4 آب، حيث احتشدت القمصان البيض من مستشفى أوتيل ديو ومستشفى رزق واتجهوا نحو ساحة ساسين، ثم توجهت الحشود نحو مستشفى الروم وبعدها الجعيتاوي، وذلك تضامناً مع المستشفيين اللذين تعرضا لأضرار جسيمة في الانفجار. وكان لافتاً اللافتات التي رُفعت في التحرك، التي كانت تركّز على التحرر من “الاحتلال الإيراني”، أكثر مما ركزت على العدالة لضحايا انفجار المرفأ، إضافةً إلى معاناة القطاع الصحي اليوم بسبب الأزمة الاقتصادية.

الموت قريب… فلنعلق المشانق

أحد أطباء مستشفى أوتيل ديو اعتبر أنَّ “السلطة فشلت في كل النواحي خاصةً في القطاع الصحي، الذي ينهار اليوم مع نقص الأدوية والمعدات، بل إنَّ المشافي ليست قادرة حتى على شراء معدات الطبابة، وأنَّ مشهد موت الناس على أبواب المستشفيات أصبح قريباً، والمصيبة الأكبر هي غياب الرؤية، حيث إن السلطة اليوم ما زالت تتقاتل على الحصص بدون وضع أي خطط، لذلك يجب أن ترحل هذه السلطة بأٍسرع وقتٍ ممكن”.

أما عن انفجار المرفأ، فقد أكَّد الطبيب دعمه الكامل للقاضي بيطار، مؤكداً تأييده لرفع الحصانات عن الجميع.

طبيبة أخرى في المستشفى نفسه اعتبرت أنَّ وقاحة السلطة غير مقبولة، واصفةً إياها بسلطة النيترات، داعيةً القاضي بيطار إلى تعليق المشانق لكل المسؤولين.

ليرفع رئيس الجمهورية الحصانة عن نفسه

طبيبٌ من مستشفى رزق اعتبر أنه لا يوجد اليوم سلطة، “بل هم زمرة تجارٍ مستبدين ومجرمين، وجٌل همهم اليوم هو المحافظة على وجودهم، رغم انهم سقطوا بجدارة”، مشيراً إلى أنهم “يتقاتلون على العظم الباقي من البلد”، داعياً القاضي بيطار إلى أن “يستمر بالملف إلى الآخر، حتى لو وضعوا له عصياً في الدواليب، لأنَّ هذه هي الطريق الوحيدة للعدالة، بل الحرية”.

ويؤكد الطبيب أنه “لا يجب أن يكون أي أحد فوق القانون”، داعياً رئيس الجمهورية إلى أن يرفع الحصانة عن نفسه أولاً، كي يكون نموذجاً للجميع كونه رأس السلطة.

أما من ناحية معاناة القطاع الصحي، فيؤكد الطبيب أنَّ “المستشفيات تعمل بخسارة منذ سنين، وهي تنازع لتأمين الطبابة للمريض، وقد حولت السلطة الطبابة من حق للجميع، إلى امتياز للأغنياء فقط، لأنَّ المريض اليوم يجب أن يجلب معه عدة طبابته على المستشفى كي يتلقى العلاج”.

مداخيل الأطباء لا تكفي والسلطة غائبة

وأكدّ طبيبٌ من مستشفى الروم أنَّ الشعب لن ينسى جريمة 4 آب التي حصلت بسبب الإهمال، داعياً القاضي بيطار الى أن يأخذ مواقف رجولية وفيها تضحية، موجهاً رسالة إلى كل المسؤولين:” ممنوعٌ إهمال عدالة الشهداء”. أما من ناحية معاناة القطاع الصحي، فيؤكد الطبيب أنَّ هناك نقصاً في كل المجالات، مذكراً بأنَّ “الأطباء كانوا العسكر على الجبهة الأولى ضد كورونا، واليوم هم أكثر المتضررين جراء الأزمة الاقتصادية، وذلك مرده إلى أنَّ القطاع الصحي لا يستطيع التعاطي مع الموضوع بتجارة، وبالتالي مداخيل الأطباء داخل المستشفى وخارجه متدنية، عدا عن نقص الأدوية والمعدات التي تٌسهّل مهمتهم، وهكذا تكون المرارة على كل الأصعدة، إن كان لناحية عملية التعاطي مع المريض أو من ناحية المداخيل التي لا تليق بعمل الطبيب، والمصيبة أن لا أحد من السلطة يستجيب”.

المناسبة وطنية لا حملة انتخابية

أما عن بعض الأعلام الحزبية التي رافقت تحرك ذكرى انفجار المرفأ، فقد أبدى الأطباء المشاركون أسفهم لهذه الظاهرة، وكان يجب أن يكون فقط العلم اللبناني في كل التظاهرات، لأنها مناسبة وطنية لا يجب أن يستغلها أي حزبٍ كحملة انتخابية.

إقرأ أيضاً: الطفلة ميرال ضحية جديدة للإهمال والفقر

الدولة لم تعوض القطاع الطبي

ويؤكد الأطباء أنَّ “الدولة لم تعط المستشفيات أو العيادات الخاصة أي تعويض عن الأضرار التي لحقت بها، بل إنَّ الدولة المنهارة لم تعط تعويضات حتى للمواطنين الذين خسروا منازلهم بالانفجار، أما عن مستشفى الروم فهي تعمل اليوم بالحد الأدنى، وذلك لأنها تحت عملية إعادة البناء، ولكن ليس من الدولة بل من تبرعات الخيرين”.

القطاع الطبي أراد إيصال صوته في ذكرى انفجار المرفأ، وتنوعت الرسائل من دعمٍ للقاضي بيطار، إلى المطالبة برفع الحصانات عن الجميع، إلى إظهار معاناة القطاع الصحي بسبب الأزمة، وطبعاً لم تغب السياسة عن ساحتهم، حيث كان واضحاً المزاج السياسي بالشعارات التي رفعوها، على أمل أن تستجيب الدولة على الأقل إلى مطالب القطاع المتعلقة بالشأن الصحي، كي لا تكتب كتب التاريخ مستقبلاً عن مشاهد موت الناس على أبواب المستشفيات.

شارك المقال