ناقوس الخطر يهدد مرضى السرطان

آية المصري
آية المصري

بعد الأزمات المتتالية التي يعيشها المواطن اللبناني، بات غير مستغرب سماع أزمة جديدة تهدد حياته. لكن مع أزمة انقطاع الأدوية بمختلف أنواعها، دق ناقوس الخطر حياة مرضى السرطان وبدأ يهدد مصيرهم، ولأن مريض السرطان لا يمكنه وقف علاجه، أصبح الأمر أكثر تعقيداً. ماذا عن دور الأطباء؟ وأين مسؤولية وزارة الصحة؟ وماذا عن موقف مستوردي الأدوية؟ وماهي العقبة الرئيسية في الموضوع؟

الأطباء: الموقف لا يمكن وصفه

المسؤول عن قسم الأمراض السرطانية في مستشفى رزق الدكتور هادي غانم قال لـ”لبنان الكبير” إن “الموقف لا يمكن وصفه، لأنه صعب جداً، فمن جهة المرضى يريدون أن يُعالجوا وفي معظم الأحيان وضعهم لا يكون سهلاً، ومن جهة أخرى عليهم أن يتعاملوا مع المرض بطريقة معينة وأن يتقبلوه. وهذا الأصعب، لأن الأوجاع لا توصف وطرق المعالجة ليست بالطرق العادية، ناهيك عن الأزمة التي بدأت تهددهم، والجزء الأخطر لم يعد الدواء متوافراً لدينا، وأصبحنا نغيّر في طريقة العلاج كثيراً. وعند بداية الأزمة أي مع انقطاع الأدوية الغالية الثمن عدنا إلى 10 سنوات إلى الوراء في العلاج، واليوم عاجزون عن الحصول على أي نوع من الدواء، لأن الوكلاء غير قادرين على تسليمها للمستشفيات والمُعتمد عليه اليوم هو المخزون الموجود في المستودعات وهو غير كافٍ لأسبوعين”.

أضاف غانم: “إن هناك عدداً من المرضى يتم توقيف علاجهم، وأصبح الاختيار يقع على المرضى وفق معايير السن والحالة، أي الذي يعاني من حالة خطرة لا يؤخر علاجه والعكس صحيح، ودائماً التواصل موجود مع وزارة الصحة، والعقبة الأساسية موجودة لدى مصرف لبنان… لنعتبر أن لدي 30 مريضاً يحصلون على علاجهم يومياً، اليوم تحول العدد إلى 10 أو 12 مريضاً والباقي يتم تأجيلهم، لأننا غير قادرين على تأمين الأدوية والمستلزمات لهم، أخلاقياً الموضوع سيئ لأننا نختار بين المرضى. ولا يمكننا الاعتماد على التبرعات الخارجية لأنها تخضع لمعايير ومواصفات معينة قبل وصولها إلى لبنان، والمشكلة الأخرى أن الشركات الخارجية تتفق مع وكلاء من لبنان ومعظم الأدوية لديها وكلاء حصريون يريدون جلب الدواء، لكن المصرف المركزي لا يسمح لهم بذلك”.

الدكتورة سوزان سربيه العضو المؤسس في منظمة القمصان البيض رأت أن “معظم المستشفيات الخاصة والحكومية لم تعد قادرة على تأمين دواء السرطان لمرضاها، ومن الطبيعي أن يُهرّب ويُخزن دواء الأمراض المستعصية، فهو ما زال يُباع على سعر 1500 ل.ل. وهناك تداعيات خطيرة، وعند انقطاع الدواء سيكون مصير مريض السرطان حتماً الموت”.

أضافت سربيه: “وصلنا إلى الشحادة، وزارة الصحة غير موجودة كما وأن وزير الصحة يُفضل رؤية الشعب يموت على أن يعطي إذن لدخول حقائب الأدوية للمساعدة”.

وزارة الصحة: المشكلة الرئيسية من المركزي

مصادر تابعة لوزارة الصحة تشير إلى أن “المشكلة الأساسية والرئيسية لدى المصرف المركزي، وهو يملك كل القرارت وهو من يعطي الدفعات والموافقات. الموضوع يُحل عند مصرف لبنان والدواء عنصر لا يمكن الاستغناء عنه مثله مثل المياه. والمستوردون يملكون الأدوية لكنهم بانتظار المصرف كي يحصلوا على حقوقهم، وعندما يدفع هذا الأخير المستحقات سيتم تعويم الأسواق بالأدوية المستعصية وغيرها”.

جبارة: الكارثة وقعت وانتهت

بالنسبة لنقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة “الكارثة وقعت وإنتهت والأدوية على مختلف أنواعها لم يتم استيرادها منذ شهرين ونصف، وكل العلاجات والأدوية التي كانت تُستخدم خلال الشهرين الفائتين هي من المخزون الموجود داخل المستشفيات وهذا المخزون سينتهي في القريب العاجل”.

وأشار جبارة إلى أن “المشكلة الرئيسية هي توقف الاستيراد، فمنذ 7 أيار طلب مصرف لبنان تقديم طلب مُسبق والحصول على مواقفة قبل استيراد أي قطعة، إلى جانب الطلب الذي كان وما زال يقدم إلى وزارة الصحة، جميع المستوردين قدموا طلبات للاستيراد لكنهم لم يحصلوا بعد على موافقات”.

وتابع “طبعاً نحن دائماً على تواصل مع وزارة الصحة، والوزارة أعطت لنا الموافقات ولكن يجب الحصول على موافقة من مصرف لبنان، ولم نحصل حتى اليوم على أي موافقة وهذا هو الواقع المرير المسيطر علينا وعلى المرضى، لننتظر ما ستؤول إليه الأوضاع”.

المرضى: الموت قدرنا الوحيد

مريضة بالسرطان قالت: “لعنت الساعة التي ولدت فيها في لبنان، خضعت في السابق للعديد من العمليات الجراحية لاستئصال هذا المرض الخبيث، لكن لا يمكنني إيقاف العلاج. قصدت وزارة الصحة لكنها غائبة عن مواطنيها وفي الكرنتينا أتت الإجابة أن الأدوية السرطانية مقطوعة من الأسواق ولا حل سواء الانتظار”.

إقرأ أيضاً: صحة اللبنانيين في مهب التهريب والدولار

مريض آخر قال: “نحن في أي بلد نعيش، كيف يمكننا تأمين الأموال؟ مع من يمكننا التواصل للحصول على علاجنا؟ نحن مرضى سرطان لماذا يريدوننا أن نموت؟ هل أصبحنا عبئاً على المجتمع؟”.

ليس واضحاً مصير مرضى السرطان، وربما الوقت يداهمهم والجهات المعنية غير مكترثة لأمرهم، ماذا يمكن تقديمه بعد؟ ومن هي الشريحة الجديدة التي ستطالها أزمة أخرى في القريب العاجل؟

شارك المقال