كتاب: المسيّرات الإيرانية تغيّر المنطقة والوجهة لبنان واليمن

حسناء بو حرفوش

تحتل الجمهورية الإسلامية حيزاً كبيراً في كتاب للمؤلف الأميركي سيث فرانتزمان، حول “حروب الطائرات المسيّرة وآلات القتل والذكاء الاصطناعي ومعارك المستقبل” (Drone Wars). ويقدم الكتاب بحسب موقع “بريكينغ ديفنس” (BreakingDefense) الأميركي “قراءة عميقة لتأثير تقنيات الأنظمة غير المأهولة على سير الحرب، ويكرس فصلاً للاستثمار الإيراني في الطائرات المسيّرة. واختار الموقع تسليط الضوء على هذا الجزء من الكتاب، بالتزامن مع الهجوم بطائرة مسيّرة والذي استهدف مؤخراً سفينة قبالة سواحل عمان، والذي وجهت فيه الولايات المتحدة أصابع الاتهام إلى إيران.

وبحسب بعض المقتطفات التي نقلت عن الكتاب، “تكتسب الدعاية، في سياق الحروب بالطائرات المسيّرة، أهمية تضاهي التقدم الفعلي على الأرض. ويبدو أن التقليد يطغى على صناعة هذه الطائرات، حيث برز عدد من النماذج الإيرانية مثل “الصاعقة” كنسخة عن “سانتينل”

(Sentinel) الأميركية، بالإضافة إلى “سيمرغ” أو “شاهد” التي كشفت طهران النقاب عنها للمرة الأولى في العام 2014. وقد دفع قائد القوة الجوية للحرس الثوري الإيراني أمير علي حاجى زاده، لتسليح “الصاعقة” بما يصل إلى أربعة صواريخ.

واثبتت المعارك في السماء في أعقاب إسقاط إيران طائرة “سانتينل” في العام 2011، تحول العالم من مكان لا يعرف إلا قوة عظمى واحدة مصنعة للمسيّرات إلى عالم المنافسة في هذه الصناعة، فتغيرت المعادلة بشكل جذري وبات التهديد مضاعفاً. وسعت إيران لإنشاء جيش مستقل من الطائرات المسيّرة، مثلما فعلت إسرائيل في الثمانينيات، ما وفر لطهران الحصانة التي كانت تتمتع بها واشنطن في السابق. وبتوجيه من حاجي زاده، لم تكتف إيران بإسقاط طائرات أميركية فحسب في العام 2019، بل وأرسلت مسيّراتها إلى اليمن. كان العالم على أعتاب سنوات فقط من ثورة حرب الطائرات المسيّرة والتغييرات السريعة.

حينها، بدا أن على إيران عبور طريق طويل ودموي للوصول إلى نقطة المواجهة مع الإسرائيليين وأميركا. وبعد الثورة الإسلامية في العام 1979، توفر لديها عدد من المسيّرات الأميركية من بقايا سلاح الجو التابع للشاه. لكن قادة إيران الجدد لم يمتلكوا الوقت لتعلم كيفية استخدامها. في 22 سبتمبر 1980 (…) بدأت الحرب العراقية الإيرانية. وبمواجهة العملاق التقني الذي يمثله العراق مع الأسلحة السوفياتية والغازات السامة، كان الحرس الثوري االجديد يتعلم التلاعب بالطائرات المسيّرة. وسرعان ما حملت نماذج أولية إلى المعركة. وفي العام 1986، قاد قاسم سليماني، القائد المستقبلي للحرس الثوري الإيراني، رجاله عبر القنوات التي تربط إيران بالبصرة العراقية، وسط الممرات المائية. ورافقه محاربون إيرانيون جدد مع الطائرات المسيّرة. ونفذت بحسب الإعلام الإيراني، تسعمائة وأربعون مهمة جوية والتُقطت 54 ألف صورة.

(…) وصدرت إيران طائرات مسيّرة إلى لبنان واليمن. واستفادت على الأرجح من نظرة ثاقبة على الطائرات الإسرائيلية بدون طيار من خلال اثنين من المسيّرات اللتين سقطتا في العراق في حرب 1991. وفي السنوات الأخيرة، ربما تمكنت أيضاً من الوصول إلى حطام طائرة “بريديتور” في العام 2015 عندما فقدت إحداها فوق سوريا، أو عندما أسقطت طائرة “سكانإيغل” (ScanEagle) بدون طيار أو الـ”إم كيو-9 أو إم كيو-9 ريبر” ( Reaper) في اليمن (…) ولم تواجه إيران أي مشكلة في الاعتماد على المخططات أو الصور، لكن الصعوبة ارتبطت ببناء قدرة حمل طائراتها وتمكينها من عمليات المراقبة أو نقل الاتصالات أو استهداف الأعداء (…) وأعاقت العقوبات على نطاق واسع قدرة إيران على تأمين الصناعات التكنولوجية المتطورة المتوفرة في الولايات المتحدة وإسرائيل”.

ووفقاً للكتاب، “سجل ظهور المسيّرات الإيرانية في السودان، وفي فنزويلا استخدمت طائرة “مهاجر 2” الإيرانية في العام 2007 في مهمة مراقبة. ونجحت إيران بتحويل مهاجر وأبابيل إلى مسيّرات متقدمة (…) بنطاق طيران أبعد وقدرة على التصوير بالفيديو. أرادت إيران مضايقة أعدائها ووضعت خطة لقوس من البلدان التي ترغب بإظهار نفوذها فيها، انطلاقاً من “الخارج القريب” في العراق، مروراً بسوريا ولبنان واليمن والسودان وغزة وأفغانستان. وسيشهد الخليج وخليج عمان تحليقات جوية بطائرات إيرانية بدون طيار (…) ولتحدي الأميركيين، أنشأت إيران شبكة من قواعد الطائرات المسيّرة على طول وجنوب مضيق هرمز (…) وبحلول 2015، تمتعت إيران بخبرة كبيرة في تحريك مسيّراتها وأرسلتها إلى سوريا ووضعتها في قاعدة صحراوية تعرف بالـ”تياس” Tiyas أو T-4. ولاختبار دفاعات إسرائيل، أطلقت مسيّرة من تياس في العام 2018، بالقرب من الجولان وتسللت بالقرب من بيسان (بيت شان بالعبرية) في غور الأردن.

(…) وأصبحت إيران أكثر جرأة. في 12 كانون الثاني 2016، حلقت مسيّرة إيرانية فوق حاملة الطائرات الأميركية “هاري ترومان” والفرنسية “شارل ديغول”. يبدو أن الرسالة كانت أنه في أعقاب صفقة إيران 2015، شعرت طهران بأنها تحصد الفوز في منطقة الشرق الأوسط. وقال كيفن ستيفنز، الناطق باسم الأسطول الأمريكي الخامس، إن الطائرة المسيّرة لم تكن مسلحة ولا تشكل أي خطر. بدا الأمر “غير طبيعي وغير احترافي”. كانت إيران قد أرسلت “شاهد 129” الجديدة للتحليق الجوي، ولكن في حين أن الولايات المتحدة رأت أن هذا مجرد عمل غير احترافي، كانت إيران تختبر قدرات الطائرة المسيّرة. ثم أرسلت “صادق” لتحلق فوق حاملة الطائرات “نيميتز” في آب 2017 في الخليج الفارسي، وقيل أنها حلقت فوق “يو إس إس أيزنهاور” في نيسان 2019. وأعقب ذلك تدريبات إيرانية بطائرات مسيّرة، بما في ذلك تمرين ضخم في آذار 2019 في البحر شمل خمسين مسيّرة أطلقت عليها إيران تدريبات الطريق إلى القدس. تجلت المشكلة التي تواجه الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الأخرى في صعوبة الدفاع ضد الطائرات الإيرانية بدون طيار. يظهر أن واشنطن أمضت وقتا طويلاً وهي تحاول تزويد الطائرات المسيّرة بالتكنولوجيا لقتل المتمردين، فتجاهلت أهمية محاربة الدول التي تمتلك مسيّرات خاصة بها”.

شارك المقال