حدائق البقاعيين حظائر أغنام وأقنان دجاج! 

راما الجراح

تحولت حدائق أهل البقاع إلى مزارع وحظائر لتربية الدواجن نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد منذ أكثر من سنة.

وبالرغم من أن تربية الدواجن بالأساس من عادات أهل الريف، إلا أنها لم تعد أساسية في السنوات العشر الأخيرة مع تطور العلم والتكنولوجيا ولجوء الشباب إلى العمل بمجال اختصاصاتهم العلمية أو في أي مصلحة أخرى.

وقد عزز أهل البقاع تربية الدواجن حول منازلهم، حتى إنه عمد عدد كبير من المغتربين إلى دعم ذويهم في المنطقة لشراء الأغنام والدجاج وتأمين بيت “قن” مناسب لهم، بالإضافة إلى تأمين طعامهم من الحبوب والشعير وغيرها، باعتباره اليوم مصدر رزق مناسباً في هذه الأوقات الصعبة وارتفاع نسب البطالة والعاطلين عن العمل.

ويقول السيد أحمد ياسين من البقاع الغربي: “انضممت إلى لائحة العاطلين عن العمل بعد الإقفال العام بسبب فيروس كورونا وبالتزامن مع الأزمة الاقتصادية التي بدأت تشتد علينا، وواجهنا غلاء في الأسعار فاق كل حساباتنا، من هنا قمت بوضع ما تبقى معي من المال بإنشاء بيت للدجاج والحرص على تأمين طعامهم من الحبوب بشكل يومي، وأصبحت تربيتهم بالنسبة لي مصدر رزقي الوحيد الذي أعيش منه أنا وعائلتي الصغيرة ولولاه “لشحذنا” على الطرقات!”.

ويضيف لـ”لبنان الكبير”: “في البداية قمت بشراء دجاجتين وديك، وبعد فترة ازداد العدد مع ازدياد الصيصان، وبفعل الغلاء الفاحش أصبحت أعتمد على بقايا طعام المنزل لإطعامها وأصبحت بمثابة مصدر توفير لي ولعائلتي لتناول البيض من جهة وتوزيعه وبيعه من جهة أخرى”.

في السياق نفسه، عمد أحد عناصر الجيش اللبناني في المنطقة إلى شراء أغنام وتحويل حديقته إلى حظيره تؤويهم، ويقول: “لا يخفى على أحد حجم المعاناة التي يواجهها العسكر بشكل عام في هذه الفترة الصعبة، والجيش اللبناني وصل إلى مرحلة الحرمان من طعم الدجاج واللحوم طيلة فترة خدمته وحتى في منزله، فأصبح راتبي لا يتعدى الـ ٧٠ دولاراً اليوم، ولدي ٤ أولاد، وأصبحت معلومة عند الجميع زيادة أجرة النقل العام والخاص بسبب الغلاء في صفيحة المازوت والبنزين وانقطاعه من السوق بين فترة وأخرى، وأغلب العسكر بات يعتمد على الطعام الجاهز زيادة على الطعام الذي يُقدم لنا في المراكز حتى نشبع، وهذه مصيبة كبيرة أدت إلى فرار عدد لا يستهان به من المجندين وحتى الضباط”.

ويلفت أحد المواطنين المسافرين إلى كندا والذي تحفظ عن ذكر اسمه، أنه جاء مع عائلته إلى وطنهم لبنان للوقوف إلى جانب هذا الشعب المظلوم الذي لم يستطع الوقوف على رجليه منذ ٣٠ سنة بسبب تفشي الفساد بين الحكام والعباد، “خططت لتشجيع اللبنانيين على مشروع قلّ وجوده اليوم، وهو العودة إلى تربية الدواجن في حدائق المنازل وخاصة في المناطق السهلية كسهل البقاع وعكار، في خطوة يتمكن فيها الناس من إيجاد لقمة عيشهم”.

وتابع: “هكذا مشاريع تتصف بالاستمرارية، وفي زيارتي هذه للبنان دعمت ١٥ عائلة متفرقة في منطقة البقاع من مختلف الطوائف بمبلغ مالي لبناء قن دجاج بهدف تربية الدواجن والاستفادة منها على أن تصبح مصدر رزق لهم، وبين فترة وأخرى سأعود إلى وطني محمّلاً بالدعم من كل مغترب محب لوطنه في الخارج إيماناً مني بنجاح هذا المشروع وحاجة اللبنانيين له في هذا الوقت الصعب”.

وفي الختام دعا جميع المغتربين في الخارج، المقتدرين مادياً والمحبين لعمل الخير، أن يقفوا إلى جانب أهلهم في لبنان من خلال جمع مبالغ من المال بين فترة وأخرى على أن توزع على عائلات لبنانية بشكل تنظيمي وبمتابعة دورية لمشروع مُعين يساندهم ويؤمن لهم لقمة عيشهم.

شارك المقال