فاجعتان تهزان الشمال… 3 قتلى في يومٍ واحد

إسراء ديب
إسراء ديب

مع بداية السنة الهجرية الجديدة، استفاق أهالي الشمال على جريمتيّ قتل مروّعتين وقعتا بسبب أزمة البنزين، الأولى في البداوي والثانية في الضنية، ما خلق حالة من الرعب والقلق بسبب تمادي هذه الأزمة في تفاقمها وتأثيرها من جهة، وبسبب الرصاص الطائش والمشاكل بعد تنفيذ الجريمتين من جهة ثانية.

ولا يُعدّ هذا السيناريو الذي ابتُكر مع تفاقم أزمة البنزين بجديد أو الأوّل من نوعه على الساحة اللبنانية، بل سبق لمحطات بنزين أن كانت شاهدة على هذه الجرائم في وقتٍ سابق، لكن مع تفاقم انتشار السوق السوداء تمادى الكثير من التجار في ظلمهم لأهالي الشمال، الذين باتوا يتشاجرون من أجل الحصول على الوقود في ظلّ تفاقم أزمات مختلفة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بشح هذه المادة عنهم.

ويرى مراقبون أنّ هذه الجرائم لن تمرّ مرور الكرام، “بل ستكون عرضة لمزيد من التأزم والتوتر في الأيّام المقبلة، ولا سيما مع إهمال القوى السياسية الطرابلسية لأوضاع أهالي مدينتهم وكأنّ هذه الحوادث لا تعني لهم شيئًا ولم تمرّ أمام عيونهم، فهم لا يُعيرونها أيّ اهتمام، ولا يُحاولون حتّى إيجاد حلّ لها”.

بدوره، يعتبر أحد الأوساط الطرابلسية أنّ أزمة الوقود تُظهر أنّ التجار هم من يفرضون هذه الأزمة ويُضخمونها بشكلٍ كبير، لكنّ الحقيقة إنّ القوى السياسية تُريد استغلال المواطن كيّ يتأقلم مع الوضع الجديد وصولًا إلى دفعه ليصبح حاجة دائمة وماسة لهذه الأطراف السياسية ليستعطي منهم هذه المواد، ما يُسهّل عملية نجاح كلّ سياسيّ يُقدّم هذه المواد للمواطنين في الانتخابات المقبلة، وفق ما يقول لـ “لبنان الكبير”.

الجريمة الأولى في البداوي

الشابان حسين جابر وعلاء الأحمد هما ضحيتان جديدتان نتيجة إشكال مسلّح على خلفية بيع وشراء مادة البنزين في السوق السوداء، ما أدّى إلى مصرعهما في البداوي.

مصدر من التبانة يقول لـ “لبنان الكبير”: “يُمكن القول إنّ ما حدث في البداوي كان مدبّرًا ومخطّطًا، فمنذ أسبوع تقريبًا كان بعض أهالي البداوي يقوم بتعبئة الوقود من إحدى محطات البنزين في الملولة – التبانة، ووقع إشكال حينها بين بعض أهالي التبانة والبداوي على خلفية أفضلية التعبئة وأُطلق حينها الرصاص وتبادل الطرفان تهديدات مشتركة، لكن الإشكال الذي وقع في التبانة حينها كان سببه بعض شبان البداوي، ليُستدرج فيما بعد هذان الشابان إلى البداوي حيث حصل الإشكال الذي كان قد سبقه إشكال وتهديدات، ما أدّى إلى مقتلهما”.

ويُضيف: “أحد الأشخاص تدخّل للوصول إلى هذا المستوى من التوتر الذي لا يزال مرتفعًا حتّى اللحظة فالوضع ليس على ما يُرام، والرصاص على الأرض والشبان في التبانة في حالة غضب كبيرة بعد وقوع هذه الجريمة”.

وبعد ساعات على وقوع الجريمة، تمّ تسليم المدعو “ي.ر.” الذي أطلق النار على شابين في منطقة البداوي إلى مخابرات الجيش وهو من وادي النحلة، ويُؤكّد مصدر في المنطقة أنّ القاتل من آل ريّا، مشيرًا إلى أنّ هذه العائلة غالبًا ما تُساند أصحاب المولّدات وتقبض أموالًا منهم، ويقول: “نحن نطلق عليهم في المنطقة لقب شبيحة المولدات عالفقير”.

ويلفت المصدر إلى أنّ يحيى ريّا هو من تمّ إلقاء القبض عليه، لكن كلّ المنطقة كانت تُؤكّد أنّ أخاه مصطفى هو من ارتكب هذه الجريمة وقيل إنّ شخصًا آخر أيضًا من آل عرجان شارك معه، وأنّ أخاه يحيى قد سلّم نفسه لأنّه كان السبب الرئيسي في الإشكال”، وفق ما يُشير المصدر.

ويتابع: “يملك يحيى مغسل سيارات في الملولة، ومنذ أيّام دخل شبان عليه من التبانة وضربوه لكن لا معلومات أو تفاصيل عن السبب”، لافتًا إلى أنّ أحد الضحيتين اللذين قتلا في البداوي “أخته متزوّجة شخصًا من البداوي وهو صديق لآل ريّا، وبالتالي تأكيد أنّ الجريمة التي وقعت في البداوي حصلت عبر استدراج الضحايا هي الأكثر تداولًا بين أهالي المنطقة”.

الرصاص الطائش

أثارت هذه الجريمة غضب أهالي التبانة الذين أطلقوا خلال تشييع جثتيّ الشابين، الرصاص الطائش الذي أدّى إلى سقوط عدد من الجرحى، ووفق معلومات لـ”لبنان الكبير” فإنّ كمّية الرصاص التي أطلقت عبر الهواء كانت كبيرة للغاية وأدّت إلى امتعاض الكثير من أهالي جبل محسن بسبب القلق من الرصاص العشوائي الكثيف، كما أدّت أيضًا إلى إحداث حالة من القلق بين النساء والأطفال في التبانة وغيرها من المناطق التي وصل إليها الرصاص ومنها سوق العطارين حيث أصيب عنصر في شرطة بلدية طرابلس هو محمّد الخطيب، كما أدّت إلى إصابة أحد الأطفال وأشخاص آخرين، فضلًا عن الخسائر المادية كتحطيم زجاج سيارة في كراج التلّ (موقف التل) وغيرها…

الشائعات طالت الجريمة

مع انتشار خبر الإشكال في البداوي، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لأحد الشبان من عشيرة آل سيف، وقيل إنّه المسؤول عن هذه الجريمة، وكتب على صورته أنّه مجرم حرب ونشر البعض اسمه وهو أحمد صالح عويّد، ما دفع عشيرة آل سيف إلى نفي هذا الخبر وتوضيح ما حدث.

وفي تسجيلٍ صوتيّ نشرته العشيرة، أكّدت أنّها كانت مزحة ولعبة من بعض الشبان اتخذت منحى جدّياً، وأنّ أحمد لا علاقة له بهذه الجريمة على الإطلاق بل هو شاب ملتزم، وأنهم يقفون إلى جانب أهالي الضحايا في التبانة وأنّهم يشعرون بما أصابهم.

الجريمة الثانية في الضنية

كما شهدت منطقة بخعون في الضنية اليوم أيضاً توترًا كبيرًا بسبب سقوط قتيل هو محمّد عبد الرزاق عبيد بسبب خلاف مع أحد أفراد “آل الشيخ عثمان” على أفضلية تعبئة الوقود في محطة الشروق.

إنّ هذا الإشكال الذي تطوّر من تضارب بالأيدي والسكاكين، وصولًا إلى إطلاق نار من سلاح حربي، دفع الجيش اللبناني إلى التدخل سريعًا خاصّة أنّ عددًا من الشبان من أفراد عائلة المواطن الذي قتل، أطلق النار على منزل القاتل، ما دفع الجيش إلى الردّ موقعاً إصابات من عائلة الضحية.

وأدّت عملية القتل هذه إلى إشكال كبير وتوتر يتوقّع أهالي الضنية تفاقمه في الساعات المقبلة، أمّا مطلق النار فقد سلّم نفسه إلى مخابرات الجيش وفق بيان عائلة القاتل التي استنكرت الحادثة، داعية إلى ضرورة التهدئة وضبط النفس.

شارك المقال