المريض يدفع الثمن بانتظار توحيد التعرفة الاستشفائية!

فدى مكداشي
فدى مكداشي

– نسناس: السياسة الغامضة لدعم المستلزمات الطبية هي وراء التأخير

– هارون: لدفع قسم من الفاتورة حسب دولار السوق

– كركي: لتعديل التعرفة الاستشفائية بقيمة 66% ورفع المعاينة الطبية 100%

لطالما اشتهر لبنان بجودة خدماته الطبية والاستشفائية، إذ كان ملجأً للكثير من الرعايا العرب والأجانب للحصول على خدمة طبية واستشفائية بأسعار جيّدة. لكن اليوم، وفي ظل تقاعس الدولة عن القيام بدورها وتقديم المصالح السياسية على الاقتصادية والمعيشية، لا تزال الأزمة اللبنانية تتفاقم بشكل قاس وواسع لتشمل جميع القطاعات.

وفي هذا الإطار، يعاني القطاع الصحي اللبناني من عقبات عدّة بسبب انعدام وجود رؤية صحية رسمية وبرامج حكومية طويلة الأمد، إذ بات القطاع الاستشفائي والطبي بأكمله يتخبّط اليوم أكثر من أي وقت مضى ولاسيما من ناحية عمل المؤسسات الاستشفائية وكلفة الاستشفاء والطبابة الخياليّة من دون أن يكون هناك مواكبة من قبل وزارة الصّحة للكلفة والأسعار المعتمدة من قبل الجهات الضامنة كافة وشركات التأمين، فبات المواطن الضّحية الأولى لهذه الفوضى.

واقع المستشفيات والاتجاه للتسعير حسب الدولار

وعن واقع المستشفيات في ظل هذا التخبّط، أشار نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، في حديث خاص إلى موقع “لبنان الكبير”، إلى أن “هناك بعض المستشفيات التي تضطر الى تحميل المرضى الفروقات، إلا أننا نقف عاجزين أمام هذا الواقع مع انهيار الليرة بشكل سريع أمام الدولار”.

وعن المفاوضات الجارية مع الجهات الضامنة لوضع تعرفة موحدة لسعر الاستشفاء، لفت هارون الى “الخلاف مع الجهات الضامنة التي تحرص على عدم خسارة زبائنها خصوصاً أن الكلفة على المستشفيات تحتّم على شركات التأمين أن ترفع من قيمة بوالصها بشكل كبير. ونحن نتفهم موقفها هذا لكن عليها أن تتفهم حالتنا خصوصاً أن أغلبية المستلزمات الطبيّة باتت غير مدعومة عدا عن أن المستشفيات تتحمل أعباء سائر الخدمات من تأمين الطعام والتنظيف وإصلاح الأضرار وغيرها من الأمور على سعر السوق”، مطالباً الجهات الضامنة بأن “تدفع قسما من الفاتورة بدولار السوق والقسم الثاني بموجب دولار المنصة أي 3900 ليرة لبنانية”.

شركات التأمين تدرس خياراتها

أما بالنسبة للتصوّر الذي قدّمته المستشفيات باعتماد سياسة تسعير مرتكزة على تأمين جزءين؛ جزء “فريش دولار” وجزء “شيكات”، اعتبر رئيس جمعية شركات التأمين ايلي نسناس، في حديث خاص إلى موقع “لبنان الكبير”، أن “هذا الاقتراح بحاجة الى تعديل ودراسة أكثر خصوصاً بالنسبة للجزء المحدد بالفريش دولار”.

وعما إذا تم التوصل الى حل بعد الدراسة المقترحة بشأن الدولار الاستشفائي خصوصاً أن معظم المؤمَّنين لدى الشركات يدفعون فروقات هائلة في المستشفيات وحتى في المختبرات، أشار نسناس إلى أن “الدراسة المتعلّقة بتوحيد أسعار الاستشفاء لم تنتهِ بعد وأن الجمعية بصدد تقديم تصوّر عن كلفة الاستشفاء كي يُصار الى اتّخاذ قرار يتعلّق بالسعر الموحد الواجب اعتماده والذي يكون مناسباً لفرقاء الاستشفاء الثلاثة: المستشفيات، الجهات الضامنة والمؤمّنين”، معتبراً أن “السياسة الغامضة لدعم المستلزمات الطبية هي السبب الرئيسي وراء تأخير اعتماد السعر المطلوب”.

الضمان وأزمة التمويل

في المقابل، تعود جميع التعريفات التي وضعها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لعام 2013 وبالتالي في ضوء التغييرات التي حصلت في السنوات الأخيرة لجهة سعر صرف الدولار مقابل العملة الوطنية، أصبحت التعريفات الاستشفائية والطّبية تحتاج إلى إعادة نظر. وفي هذا السّياق، اجتمعت كل المؤسسات الحكومية الضامنة في الضمان الاجتماعي منذ حوالي الشهر تقريباً ولمدّة ثلاثة أيام متواصلة لوضع تصوّر لحل هذه المعضلة وقد جاءت نتيجةً لاجتماعات بدأت منذ ثلاثة أشهر بين وزارة الدفاع الوطني ووزراء الصحة والعمل والمالية لبحث موضوع زيادة التعرفة.

وفي هذا الإطار، لفت المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي إلى أن “هذا الموضوع لم تتم متابعته على صعيد الحكومة مما دفع كل مؤسسة لأخذ المبادرة بصورة فردية”، مشيرا إلى أن “مؤسسة الجيش وتعاونية موظفي الدولة زادتا فاتورتهما الاستشفائية بنسبة 70 في المئة، لكن نحن كضمان اجتماعي لا يمكننا زيادة أي شيء قبل تأمين التمويل اللازم. لذلك رفعت الى مجلس الإدارة الأسبوع الماضي مشروع مرسوم لزيادة الاشتراكات من أجل تأمين التمويل وعليه سنعدّل التعريفات الاستشفائية بقيمة 66 في المئة باستثناء معاينات الأطباء داخل وخارج المستشفى التي سترفع الى 100 في المئة”.

وبالنسبة للتجاوزات الحاصلة من قبل بعض الأطباء والمستشفيات إذ بات المواطن يتحمّل عبء الفروقات الخيالية بحجة المستلزمات الطّبية، أكد كركي أنه “كضمان اجتماعي لدينا مراقبون اداريون وأطباء يعملون قدر الإمكان على التخفيف من هذه التجاوزات، وبالتالي عندما تلقينا الشكاوى عملنا فوراً على إنهاء العقد مع عدة مستشفيات ووجهنا إنذارات لبعضها وبعض الأطباء والصيادلة للالتزام بتعريفات الضمان”.

أما بالنسبة لموضوع المستلزمات الطبية، فأشار كركي الى أنها “غير مغطاة في الضمان وهناك حقيقةً صعوبة لجهة تأمينها خصوصاً أنها تُدفع بالدولار “الفريش” ما يؤدي إلى زيادة الفروقات، خصوصاً تلك المتعلّقة بالأمراض المستعصية، إذ باتت المستشفيات تطلب من المرضى أن يذهبوا لشرائها وهي تتكفل بمعالجتهم ومن ثم يذهب المرضى ليسترجعوا أموالهم من خزينة الضمان. وهناك بعض المستشفيات التي تحافظ على المرضى القدامى إلا أن المرضى الجدد لا تستقبلهم إلا في حال أمّنوا الأدوية وهذا الواقع لا يمكن حلّه إلا من خلال زيادة التعريفات حتى لو لم تكن عادلة مئة في المئة لكن يجب إعطاء المستشفى والطبيب حقّهما لكي نستطيع مراقبتهما واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهما خصوصاً أنه لم يعد باستطاعتهما أن يستمرا بالتعريفات القديمة”.

شارك المقال