السوق السوداء تُرحب بقطاع الإسمنت

آية المصري
آية المصري

يمر الشعب اللبناني في الآونة الأخيرة بأزمات متوالية، وما إن يتخطى أزمة حتى تواجهه أزمة أخرى تكون في معظم الأحيان أشد وطأة من الأولى، القطاعات على مختلف أنواعها تنهار، وارتفاع الأسعار خيالي ولا قدرة على الاستمرار بالوتيرة عينها. الصحف ووسائل الاعلام سئمت من الأخبار السلبية والمواطن عاجز عن تحمل المزيد من الأعباء، كهرباء، مياه، محروقات، أدوية وغيرها غير متوفرة، واليوم انضم الإسمنت إلى اللائحة وارتفع سعره ليبلغ الطن الواحد مليون و400 ألف ليرة.

فكيف سيتمكن المُقدم على الزواج من الاستمرار في البناء والإعمار؟ وكيف سيتمكن المواطن من ترميم المنازل أو إصلاحها إذا لزم الأمر؟

الشركات: الطلب كثير

وفي حديث مع إحدى شركات الإسمنت الثلاث، تبيّن أن ارتفاع الدولار بشكل هستيري وغلاء المعيشة انعكس بشكل طبيعي على أسعار الاسمنت التي ارتفعت بجنون لأن هناك الكثير من المواد المستوردة والتي تُشترى بالدولار.

ولفت المصدر: “في الفترة الماضية كان سعر طن الاسمنت على اساس الدولار بـ11 ألف ليرة، أما اليوم فتجاوز سعر الدولار عتبة الـ20 ألفاً، ناهيك عن المواد الأولية التي تُحتسب على الدولار”.

وأشار المصدر إلى أن “التواصل لا يتم مباشرة مع الزبائن، والتعاطي يكون مع تجار مواد البناء الذين يتواصلون بدورهم مع الزبائن، وفي ظل أزمة الكهرباء والمحروقات أصبح هناك شح في المواد الأولية بسبب عملية التقنين، لكن الطلب من قبل التجار على الإسمنت مرتفع والشركات غير قادرة على تلبية هذه الكميات الكبيرة”.

حب الله

وأكد وزير الصناعة والتجارة في حكومة تصريف الأعمال عماد حب الله، بعد انتهاء اجتماعه مع أصحاب ومدراء شركات الإسمنت، أنه أصبح من الضروري رفع سعر طن الإسمنت نظراً لكلفة المواد الأولية التي تُحتسب على الدولار، إذ سيصبح سعر طن الترابة مليون ومئة ألف ل.ل. تُضاف اليه الضريبة على القيمة المضافة وكلفة النقل ليصل سعر الطن الى مليون وأربعمائة ألف ل.ل إلى المستهلك النهائي.

المواطنون سئموا من الوضع

وحسب أحمد الذي يريد الاستقرار في منزله الجديد، “الوضع مُخجل لأنه لن يتمكن من إنهاء منزله قبل زفافه فقلة الكهرباء تُعرقل العمل الى جانب ارتفاع سعر الإسمنت، فأصبح من المستحيل استكمال البناء، لذا سيُجبر على الاستقرار في منزل والديه بدل الانتقال الى منزل غير مكتمل”.

أما محمد فيرى انه من الصعب البقاء على هذه الوتيرة: “في الأشهر الماضية كنا نتوسّل التجار لتزويدنا بالمواد الأولية للإعمار وبالإسمنت، اليوم أصبح طن الإسمنت الواحد مليون و400 ألف ل.ل، فكيف سنتمكن من شرائه؟ ولا تصدقوا أننا فعلاً سندفع فقط هذا المبلغ لان قلة الرقابة وجشع التجار سيوصلهم الى احتكار الإسمنت كما كانوا يفعلون في السابق، الوضع مقزز وسئمنا من كل هذه الأزمات”.

يبدو أن قدر الشاب اللبناني العيش في وطن يستيقظ كل يوم على إنهيار قطاع جديد، ويبدو أننا سنغرق أكثر فأكثر في بحر لبنان الذي لم يعد سوى “سوق سوداء”.

شارك المقال