في لحظات… مجنّد في الجيش يُنهي حياته

إسراء ديب
إسراء ديب

لم تُصدّق عائلة المجنّد في الجيش اللبناني خالد شحود أنّ ابنها قد أقدم على إطلاق النار على نفسه في مشروع الحريري الكائن في منطقة القبّة الطرابلسية، بل ما تزال العائلة تعيش في حالة صدمة وذهول من قساوة المشهد والفعل الذي لم يكن متوقعًا من شاب عشرينيّ فاجأ الجميع بلحظات عصيبة عاشتها العائلة وكلّ المنطقة التي تعرف خالد وتحبّه.

وفي التفاصيل، وبعد سماع إطلاق الرصاص، هرع كلّ شبان المنطقة لإنقاذه سريعًا بعد أن كان بحالة حرجة للغاية، وبعد وصوله إلى مستشفى طرابلس الحكومي لتلقي العلاج تُوفي خالد، لتضج مواقع التواصل الاجتماعي بهذا الخبر الصادم الذي دفع البعض إلى نشر معلومات ترتبط بهذه الحادثة، منها أنّ سبب الانتحار يعود إلى سوء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، ومنها أنّ السبب يعود للحالة العاطفية، ومعلومات أخرى ربطت هذا القرار بحصول مشاكل عائلية أثرت وانعكست عليه…

خطوة غير متوقّعة

لمعرفة المزيد من المعلومات، تواصل ” لبنان الكبير” مع أحد الأصدقاء المقرّبين من خالد، والذي كان معه قبل دقائق من إقدامه على إطلاق النار على نفسه.

ويقول:” كان خالد معي في صالون الحلاقة وكان يُصفف شعره، وقبل نصف ساعة من الحادثة تقريبًا شعر بصداع في رأسه من كثرة التفكير ولكن لم نسأله حينها عن الأسباب التي تدفعه إلى التفكير أو بماذا كان يُفكّر بالفعل، وبدأ بالتحرّك ذهابًا وإيابًا وخرج ليتحدّث مع صديقه في الخدمة العسكرية ولكنّه لم يأخذ وقتًا طويلًا، ليتجه مباشرة إلى مدخل المبنى ويُطلق النار على قلبه…”.

الضغط الاقتصادي كبير

لم يخفِ خالد ألمه من الأوضاع الاقتصادية المتردّية التي وصل إليها أيّ جندي في لبنان، إذ كان مستاءً بشكلٍ كبير من المرتب الشهري الذي تراجع كثيرًا في الآونة الأخيرة، ما انعكس على أوضاعه وأوضاع عائلته الاجتماعية بشكلٍ كبير، وهي حالة المئات بل الآلاف من العناصر الأمنية التي تُعاني مع تراجع الأجور بوضوح في الأشهر الأخيرة.

ولكن لا يتوقع أبناء المنطقة ولا أصدقائه قيامه بإطلاق النار على نفسه لأسباب اقتصادية وفق ما يتمّ تداوله، ويقول صديقه:” نعتقد أنّ 70 بالمائة من الآراء تُؤكّد أنّ هذه الخطوة لم تكن اقتصادية، على الرّغم من الضغوط الاقتصادية التي يعيشها فهو يُعيل وأخيه الذي يعمل أيضًا في السلك العسكريّ العائلة، ولكن معظم الناس لفتت إلى حصول مشاكل عاطفية أدّت إلى اتخاذه هذا القرار المفاجئ، فكيف يُمكن لشخص كان يُصفّف شعره الانتحار بعد دقائق؟”، لافتًا إلى خطورة الاتصال الهاتفيّ الذي تلقاه لأنّه كان النقطة الفاصلة في حياته.

ويُضيف:” صفاته الإنسانية والأخلاقية كانت رائعة للغاية وكان معروفًا بأخلاقه الكريمة ومحبّته للآخرين، فكلّ النّاس تحترمه وتحبّه، إذ كانت الابتسامة لا تُفارق وجهه أبدًا، كان طيّبًا وبعيدًا كلّ البعد عن الكره والحقد، كما أنّه كان قد طلب تسريحه من الجيش ليُسافر خارج لبنان ولكن تمّ رفض طلبه وفق معلوماتي”.

قد تختلف الأسباب التي تُؤدّي إلى اتخاذ أيّ شاب لهذا القرار، ومهما كانت هذه الأسباب، إلا أنّ الواقع يؤكّد وجود مشكلة كبيرة قد لا تُحمد عقباها يُواجهها المجتمع اللبناني وذلك نظرًا لكونها ليست المرّة الأولى التي يتخذ فيها أيّ شاب هذا القرار المخيف… فبعد أن كنّا نواجه البطالة القاسية وهي آفة مستمرّة منذ سنوات طويلة، كان عناصر الجيش ينعمون بظروف أفضل من أيّ شاب آخر لم يدخل السلك العسكري، ولكن مع انهيار الدّولة وتهديد المؤسسة العسكرية بإضعافها أيضًا، يجد الشاب اللبناني أنّه لا مهرب من الأزمات مهما حاول تخطيها، من هنا لا بدّ للمعنيين والمتخصّصين من دقّ ناقوس الخطر، فما حصل مع خالد وغيره أيضًا قد يحصد المزيد من الضحايا مع تفاقم المشاكل أكثر، ممّا يجعلنا في عرضة لأخطر أزمة لن نكون بمنأى عن تداعياتها أبدًا.

شارك المقال