fbpx

الذهب الأزرق

د. زياد علوش
تابعنا على الواتساب

ثمة مشكلة عالمية في ندرة المياه العذبة الصالحة للشرب، دفعت بالكثيرين إلى تسمية المياه “الذهب الأزرق”، على غرار النفط “الذهب الأسود”.

سبق ونشرت مجلة “كريستيان ساينس مونيتور”The Christian Science Monitor” مقالاً بعنوان لافت: “انسوا منظمة النفط العالمية (الأوبك)”، ها هم تجار المياه العذبة، سيصبح “الذهب الأزرق” (المياه) في القرن الحادي والعشرين ما كان عليه “الذهب الأسود” (النفط) في القرن الماضي.

تشير الدراسات العالمية حول المياه إلى أن المياه العذبة المتوافرة في العالم تتراوح بين 2.5 و3% من مجمل المياه على الكرة الأرضية. ذلك أن 97.5% من مياه الكرة الأرضية (1400 مليون كلم مكعب) مالحة، وقسماً كبيراً من المياه العذبة موجود في الأعماق أو في جبال الجليد، وهناك فقط 26% من المياه العذبة التي يسهل على الإنسان بلوغها وقسم آخر ملوث جداً.

ولما كان توزيع المياه في العالم غير متساو مع عدد السكان وتجمعاتهم وحاجاتهم، فإن شخصاً واحداً من كل خمسة أشخاص في العالم (أي 1.2 مليار إنسان) لا يحصل على مياه الشرب الصالحة، كما أن إثنين من كل ثلاثة أشخاص غير مرتبطين بشبكة للصرف الصحي، وحوالي 5 ملايين شخص يموتون سنوياً بأمراض على علاقة بالمياه، ولهذه الندرة انعكاسات خطيرة على البشرية.

وعلى قاعدة هذه الندرة بدأت المؤسسات الدولية والمنظمات الاقليمية تتحسس خطورة مشكلة المياه، فاعتبرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في العام 2000، المياه أولوية في الخطة الألفية، واتخذت قمة التنمية المستدامة في جوهانسبرغ، في أيلول 2002، الموقف نفسه، واعتبر العام 2003 عام المياه العذبة.

وفي العام نفسه 2003 انعقد المنتدى العالمي الثالث للمياه (منتدى كيوتو، من 16 إلى 23 آذار 2003)، وتوزع على 351 جلسة دارت حول 38 موضوعاً عن المياه، وحضره 24 ألف شخص من 182 بلداً في العالم، (شدد المنتدى على إشراك المواطنين والمجتمعات المحلية في إدارة المياه).

ومن المؤشرات العالمية على الاهتمام بالمياه تأسيس “المجلس العالمي للمياه” و”الشراكة العالمية للمياه” و”سكريتاريا المنتدى العالمي للمياه” ولكل ذلك اعتبرت الأمم المتحدة الحق بالحصول على المياه من ضمن حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واعتبرت “لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية…” المياه ثروة عامة وأساسية للحياة والصحة، فضلاً عن التخوف من نشوب “حروب السيطرة على المياه”، أو على الأقل صراعات التحكم بالمياه.

تقول “الموند ديبلوماتيك” (تشرين الثاني 1997): “في السبعينيات (من القرن الماضي) شهد العالم عدة صدمات نفطية. أما القرن القادم (القرن الواحد والعشرون) فقد يشهد مع الأسف نزاعات جيوسياسية وتجارية أكبر بكثير، لأنها مرتبطة بالسيطرة على مصدر لا غنى عنه للحياة، وهو متوافر بكميات محدودة: المياه”. وتتنازع مصر والسودان وأثيوبيا على مياه النيل. وحوض دجلة والفرات موضع نزاع بين تركيا وسوريا والعراق. وحوض الأردن (ومنه جنوب لبنان) موضع نزاع بين الكيان الاسرائيلي ولبنان والفلسطينيين والأردن. والصين ولاوس وتايلاند تتنازع على مياه ميكونغ. والصين وروسيا تتنازعان على مياه نهر أمور، لقد أحصت الأمم المتحدة 300 منطقة نزاع محتملة حول المياه.

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال