المستشفى التركي إلى انفراج قريب؟

راما الجراح

بعد مرور أكثر من 11 عاماً على تدشين المستشفى التركي المتخصّص بمعالجة الحروق في صيدا، حين تبنت الحكومة التركية مشروع إنشاء وتجهيز المستشفى بمبلغ ٢٠ مليون دولار أميركي، وما زالت أبوابه مغلقة حتى اليوم بوجه المرضى الذين تعجز أغلب مستشفيات لبنان عن مداواتهم بسبب قدراتها المحدودة والمقتصرة على غرف صغيرة لمداواة الحروق في ظل غياب مستشفى متخصص.

وجاءت كارثة تفجير عكار لتعيد الموضوع إلى الواجهة، وأثارت فكرة نقل المصابين إلى خارج البلاد لمعالجتهم غضب الشعب اللبناني الذي طالب بافتتاح المستشفى التركي لمعالجة جرحاه على أرض الوطن، كما دعا المجلس الأعلى للدفاع إلى ضرورة تشغيل هذا المستشفى بأسرع وقت ممكن.

المستشفى الأكبر في الشرق الأوسط

وفي هذا الصدد، يقول رئيس تحرير وكالة أنباء تركيا الصحافي حمزة تكين لـ”لبنان الكبير” أن “هذه المستشفى هي الأكبر من نوعها في الشرق الأوسط ومتخصصة بمعالجة الحروق، وقدمتها تركيا للدولة اللبنانية بالتنسيق مع وزارة الصحة كهبة عام ٢٠١٠ بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومن هنا أصبحت الكرة في ملعب وزارة الصحة اللبنانية وهي المعنية بافتتاح المستشفى أو إغلاقه”.

ويضيف: “أكثر من ١١ سنة مضت ووزارة الصحة اللبنانية والدولة اللبنانية قررتا أن يبقى هذا المستشفى مغلقة حتى يومنا هذا، وتركيا تواصلت طوال هذه الفترة مع المسؤولين اللبنانيين من خلال زيارات متبادلة مع المسؤولين الأتراك، وكان هذا الموضوع يُطرح دائماً وكانت تركيا تسأل عن سبب عدم افتتاح المستشفى حتى الآن وكان الجواب دائماً من الطرف اللبناني أن هناك إجراءات نقوم بها وقريباً سيتتم افتتاح هذا الصرح”.

السبب هو المحاصصات!

ويلفت تكين إلى أن “سبب المشكلة في عدم افتتاحها حتى اليوم هي بين المسؤولين اللبنانيين بشكل مباشر، بالإضافة إلى قضية المحاصصات والخلافات السياسية والطائفية في لبنان التي أثرت فيه علماً أن هذا الصرح ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالشق السياسي، ولو فُتح هذا المستشفى منذ إنشائه كان سيعالج السني والشيعي والمسيحي والدرزي، فتركيا قدمته إلى الشعب اللبناني وليس إلى طائفة معينة على حساب أخرى”.

ويرى أن “الواقع اللبناني اليوم لا يمكن الهرب منه لجهة تفشي الفساد داخل مؤسساته العامة، والكيدية الموجودة بين الأطراف السياسية، فحسب معلوماتنا أن كل الأطراف من دون استثناء فاسدة ومعنية بما حصل في هذا البلد والشعب اللبناني يدفع الثمن”.

الكرة في ملعب وزارة الصحة

ويتابع: “صحيح أن تركيا قدمت المستشفى لكنه أصبح في عهدة الدولة اللبنانية وتركيا غير مسؤولة عن افتتاحه وكل ما يمكننا فعله هو التوصية بمباشرة العمل فيه لمساعدة الشعب اللبناني، فالمواطن التركي لن يأتي إلى بيروت للعلاج في هذا المستشفى بكل تأكيد، وعلى الدولة اللبنانية أن تعي مدى حاجة شعبها إلى هكذا مستشفى يضمّد جراحه في حالة الكوارث أو أي حادثة صغيرة، وقد سمعنا من أحد المسؤولين اللبنانيين أن في كل لبنان لا يوجد أي مركز متخصص لمعالجة الحروق، والمراكز مقتصرة على غرف خاصة في بعض المستشفيات وليست جميعها لمعالجة الحروق الصغيرة أيضاً وليس الخطيرة، وهذا مؤشر خطير جداً ومرعب ويستدعي افتتاح المستشفى بشكل سريع جداً”.

ويختم تكين مؤكداً “صدور توصية بافتتاح جزء من هذا المستشفى وكأنها محاولة لإسكات الشارع اللبناني الذي انتفض على مواقع التواصل الاجتماعي لضمان افتتاح المستشفى، ولم يُحدد متى سيتم افتتاحه ونحن اليوم بعد سنوات من الوعود لم نرَ أي خطوة جدّية على أرض الواقع حول هذا الموضوع، والمسؤولون اللبنانيون مطالبون لبنانياً وتركياً وحتى إنسانياً بافتتاح المستشفى وتقديم العلاج للشعب اللبناني بكل طوائفه، وعلى مختلف الأطراف المعرقلة لهذا الافتتاح أن تترفّع عن الطائفية وترى مدى حاجة الناس له”.

البلدية “مش مقصرة”!

ويؤكد عضو المجلس البلدي لمدينة صيدا محمد البابا لـ”لبنان الكبير” أن “البلدية قدمت جميع التسهيلات المطلوبة منها لدرجة تأمين حرس للمستشفى وهذا من مهام وزارة الصحة، بالإضافة إلى تأمين المازوت لأن عدة أجهزة داخلها بحاجة إلى الكهرباء بشكل دائم وعلى الرغم من ذلك تعطلت في الفترة الأخيرة”.

وأشار إلى “أنه لولا ضغوط البلدية لما أقيم ماراتون اللقاح ضد فيروس كورونا داخل المستشفى إذ كان مقرراً من قِبَل وزارة الصحة في ستاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري البلدي والذي يبعد ٢٠٠ متر فقط عن المستشفى المجهز بكل شيء، لكن للأسف مشكلة افتتاح هذا المستشفى هي سياسية بامتياز بسبب خلافات بين كل الأطراف على التوظيفات”.

ويُعبّر البابا عن واقع الحال بجملة “رُب ضارة نافعة ويقصد بها ما حصل في منطقة عكار حيث شكل الحريق مدخلاً لإعادة النظر في افتتاح هذا المستشفى وأهميته بالنسبة للشعب اللبناني، فداخله تجهيزات مرتبة ومدروسة من خبراء، واليوم هناك نية لتشغيله وتأمين ٦٠ موظفاً بشكل مبدئي”.

يوماً بعد يوم يغرق لبنان في جملة من الأزمات التي لا حلول لها في المنظور القريب، فهل يكون افتتاح المستشفى التركي مختلفاً عن الوعود السابقة ويكون” بُشرى خير” لجميع اللبنانيين؟

شارك المقال