السجون اللبنانية غير صالحة والظلم فيها كبير

احمد ترو
احمد ترو

“كنت محتجزاً في نظارات مهيأة ليبيت فيها المتهم ليلة واحدة فقط على أن يتم تحويلي إلى سجن رومية، لكنني قضيت خمسة أشهر داخل نظارات غير صالحة للعيش وراء قضبانها نهائياً، إذ لا يوجد “طاقة” يتسرب منها الهواء أو نور الشمس، والسجين يخرج منها محمّلاً بأمراض غريبة، وهذه النظارات غير صالحة ليعيش فيها لا الإنسان ولا الحيوان حتى”، هكذا وصف أ.خ وضع النظارات التي مكث فيها طوال فترة سجنه على الرغم من أنه سُجِن ظلماً لكن حال المحاكم في لبنان “حدث ولا حرج”.

في بلد حال أحراره منهارة فكيف سيبدو حال سجنائه؟ فاللبناني الحر يتناول أرخص الأطعمة لأن منزله غير مجهز بالتبريد في ظل انقطاع الكهرباء والمازوت، فماذا عن طعام ونوم السجين؟ في بلد الجوع والعوز، وبغياب العدالة والرحمة، أليس من الطبيعي أن ترتفع فيه حالات الجرائم والسرقات؟

توصيات لتلقيح السجناء والموقوفين…

عقدت لجنة الطوارئ لرفع حالة التأهب في السجون اللبنانية، اليوم الجمعة، بمبادرة من وزير الداخلية محمد فهمي، اجتماعاً لبحث نتائج خطة الطوارئ المعدة لمكافحة انتشار فيروس كورونا، بحضور مسؤولين معنيين بوضع السجون الصحي، ومنظمة الصحة العالمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ونقابة الممرضات والممرضين. وانتهى الإجتماع بإصدار ثلاث توصيات هي:

أولاً: التشدد في تنفيذ الإجراءات اللازمة لمنع تفشي فيروس كورونا، ولا سيما في ظل ظهور متحور “دلتا” السريع الانتشار.

ثانياً: متابعة التواصل مع المنظمات الدولية والجمعيات المتخصصة لجهة متابعة تجهيز وصيانة المرافق الحيوية في السجون.

ثالثاً: الاستمرار في تلقيح السجناء والموقوفين في السجون وأماكن التوقيف والاحتجاز كافة ومتابعة حملات التوعية حول هذا الموضوع.

وفي هذا الخصوص، يقول رئيس جمعية “عدل ورحمة” الأب نجيب بعقليني: “العمل حثيث وجدي بموضوع اللقاح وهناك فريق مجهز من قبل منظمة الصحة العالمية مهتم بهذا الشأن، وقسم كبير من المساجين تم تلقيحه، ونحن على تواصل مستمر معهم ومع الصليب الأحمر الدولي، وبالتالي قوى الأمن يهمها عدم إصابة المساجين بالفيروس لأنه يؤدي إلى إنتفاضات في الداخل ومطالبات بالعفو العام”.

بعقليني: اللوم لا يقع على من ارتكب الجريمة

حول أوضاع السجناء داخل السجون اللبنانية في ظل هذه الأزمة، يوضح بعقليني: “للأسف الانهيار الحاصل خارج السجون انتقل إلى داخلها، ولا شك أن السجن يتأثر بالمناخ الخارجي، وعادة الحكومات في دول العالم تضع موازنة قدرها 0.01 بالمئة لرعاية المساجين، وبالتأكيد في لبنان لا يوجد أي موازنة تغطّي الحياة داخل السجن. علما أن الأوضاع كانت مزرية مع انتشار جائحة كورونا والتحركات التي رافقتها وانعكس على السجون حيث الإنهيار كبير أيضاً والأوضاع تتدحرج يوماً تلو الآخر، وبالتالي نحن كجمعية لا نتوانى عن تقديم المساعدات ونحاول تخفيف حجم الإنهيار الحاصل بالتعاون مع قوى الأمن ومنظمة الصحة العالمية”.

منذ فترة طويلة ونقابة المحامين مضربة حتى تحقيق مطالبها، لكن هذا الإضراب ينعكس ضرراً كبيراً على القضاء والمساجين، وفي هذا الإطار يوضح بعقليني: “إضراب نقابة المحامين يؤثر سلباً على المساجين وهناك أشخاص أبرياء ينتظرون بتّ قضاياهم، وهذه أكبر أزمة نتيجة الإضراب الحاصل، ونسبة المحامين الذين لم يلتزموا بالإضراب ضئيلة. وهناك بعض المحاكمات تمّت “أونلاين” لكنها واجهت صعوبات عدة في هذه الظروف. أما عن التمويل، فعندما تتوفر الإمكانات المادية كل شيء يصبح سهلاً”.

ويختم بعقليني: “على المجتمع أن يتعاضد ويتعاون من أجل تخفيض الجريمة، ولا يمكن أن يتم ذلك عندما يكون الجوع والعوز منتشرين في الوطن، وتزداد الأوضاع شؤماً حين تكون العدالة معدومة أيضاً. ولا يجب علينا أن نضع اللوم على من يرتكب الجريمة في ظل هذه الأجواء الصعبة”.

النواب يلعبون دور وزارة الشؤون

في سياق متصل، تقول رئيسة جمعية “راسيومي” المتخصصة أيضا بأوضاع السجون نانسي يموت: “حين كانت السجون تنعم بالكهرباء لم تتوفر داخلها أي وسائل تدفئة، وكانت وسيلة التدفئة الوحيدة قرص (ريزيستانس) يتم تحميته بواسطة الكهرباء ليوزع الحرارة بين المساجين، فوسائل التدفئة الموجودة في السجون المتطورة غير متوفرة في لبنان. وكذلك الأمر بالنسبة لوسائل التبريد، فالمقومات الأساسية للسجين معدومة. كهرباء الدولة هي وحدها المتوفرة وعند انقطاعها لا يوجد أي بديل. وهناك شيء ملفت بوجود محكمة داخل سجن رومية يتردد إليها فقط قاضيان أو ثلاثة في وقت المحاكمات لكن في ظل أزمة المازوت والبنزين بات التوجه إليها صعباً عليهم وحتى بالنسبة إلى الجمعيات المتخصصة بأحوال السجناء”.

وتختم: “الدولة مهتمة بوضع المساجين، وهناك تعاون بين القوى الأمنية والجمعيات من أجل تخفيف وطأة الجريمة”.

شارك المقال