أزمة الكهرباء تهدّد الأمن الغذائي!

راما الجراح

التسمّم بالأطعمة ليس ظاهرة نادرة، وهذه الحالات مرشحة دائماً للتزايد مع الارتفاع الشديد في درجات الحرارة في فصل الصيف حسب العديد من الدراسات العلمية على مستوى العالم. وتعتبر المطاعم هي المتسبب الأول في ازديادها، فكيف بحرٍّ شديد وانقطاع للكهرباء مع ساعات تقنين قاسية! من المؤكد أن مؤشرات هذه الأزمة التي يعاني منها لبنان ستنعكس سلباً على طعام المواطن وغذائه وستفقدهما جودتهما العالية وستؤدي إلى ارتفاع حالات التسمم الغذائي.

التسمم إلى ارتفاع

إذاً تداعيات انقطاع الكهرباء لم تعد مقتصرة فقط على إغراقنا بالعتمة، بل أصبحت تهدّد صحة المواطن بشكل مباشر وأمنه الغذائي. وفي هذا الصدد يؤكد أحد الممرضين في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت لـ”لبنان الكبير” أن “أعداد حالات التسمم الغذائي التي تصل إلى طوارئ المستشفى أصبحت شبه يومية وأعلى بكثير من المعدلات الطبيعية السنوية، وترتبط بشكل مباشر بالطعام الفاسد ومضاعفاته على جسم الإنسان”.

ويضيف: “عوارض التسمم تأتي على شكل إسهال، ألم شديد في البطن، بالإضافة إلى ألم في الرأس ولعيان قوي، وانحطاط في الجسم، وجميعها نتيجة تناول طعام فاسد إما من المطاعم أو من إحدى الملاحم وحتى داخل برادات المنازل في حال عدم توفر كهرباء كافية لتجميد اللحوم أو الدجاج”.

استياء المغتربين

خلود الشمالي، مغتربة لبنانية في كندا، جاءت مع عائلتها لقضاء فصل الصيف في لبنان وقررت اصطحاب أولادها إلى أحد المطاعم المعروفة في منطقة البقاع الأوسط والتي تتردد اليها نسبة كبيرة من اللبنانيين بسبب خدمتهم السريعة وطعامهم اللذيذ، ولسوء حظها بعد ساعات قليلة من تناولهم الطعام أصيبت وعائلتها بالتسمم.

وتقول: “طلبنا في المطعم مشاوي مشكلة، كبة نيّة، فتوش وبطاطا، ومقانق، بالإضافة إلى المازة المشكلة، وبعد حوالي ساعتين من جلوسنا في المطعم أصبحنا جميعنا نعاني من آلام حادة في البطن وبدأ ابني الصغير التقيؤ، ذهبنا فوراً إلى طوارئ المستشفى وتم تشخيص حالتنا بالتسمم الغذائي”.

وتشير إلى أنها “المره الأولى التي يحدث معنا هذا على الرغم من أننا نتردد إلى هذا المطعم في كل زيارة لنا إلى لبنان، وعلى الأرجح سبب التسمم ناتج عن انقطاع الكهرباء المستمر في البقاع في ظل غياب مولدات الكهرباء في منطقتنا بعدما اعتاد أهل المنطقة على كهرباء ٢٤/٢٤ بوجود كهرباء زحلة التي اضطرت إلى زيادة ساعات التقنين بسبب شحّ مادة المازوت من السوق، الوضع سيئ جداً في لبنان ولن أجرؤ بعد اليوم على زيارة أي مطعم، وأنصح جميع اللبنانيين وخاصة المغتربين الذهاب إلى الطبيعة وطهي طعامهم بأيديهم والترفيه عن أنفسهم بهذه الطريقة لأنها الأسلم”.

امتنعوا عن تخزين الطعام

وتقول أخصائية التغذية نبيلة الميس: “عادة في فصل الصيف تزداد حالات التسمم بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، وأغلب المواطنين يلجؤون لتخزين طعامهم من اللحوم والدجاج في ثلاجات منازلهم، وفي لبنان للأسف أصبحنا نعاني من انقطاع الكهرباء لساعات طويلة الأمر الذي يؤدي إلى ذوبان الثلج عنها، وعندما تعود الكهرباء تتشكل طبقة ثلج على اللحوم مرة ثانية ومن ثم تأتي ربة المنزل لطهيها فتقوم بتذويبها أيضاً، وهكذا تكون اللحوم قد فسدت أصلاً من دون أن نعلم وتتسبب بتسمم أفراد العائلة”.

وتؤكد أنه “من الأفضل عدم تخزين الطعام بعد اليوم في البراد واللجوء إلى شراء اللحوم والدجاج للطبخ فوراً في اليوم عينه، وأنصح استبدال أغلب الأكل في هذه الفترة بالخضار أو الزيت، وإذا أردنا طبخ دجاج يجب شراؤه وطبخه مباشرة من دون تخزينه، وفي حال التخزين يُفضل وضع الدجاج أو اللحوم في الطبقة الأخيرة في البراد وليس كما يعتقد البعض في الطبقة الأولى وذلك في حال الذوبان كي لا تتضرر الأطعمة الأخرى في البراد بسببها”.

بعد كل هذا، على كل مواطن الاعتماد على نفسه للحفاظ على صحته ونشر التوعية والتبليغ دائماً عن حالات التسمم كي يتحمل كل مُتسبّب المسؤولية وتتم محاسبته، فمستشفياتنا مأزومة، والأدوية مقطوعة!

شارك المقال